أرسل إلى صديق فيسبوكى تعليقا لرجل كتب أنه يستغرب ممن يسجل اسم والدته أو زوجته على جواله فإذا ما رَن الهاتف قرأ الجميع الاسم.. وأضاف أنا أسمى أمى: البيت، وبالنسبة لشقيقاتى فأطلق عليهن البيت ١، البيت ٢، وهكذا.. ويقول «أعلم أن الأمر لن يعجب البعض ولكن اعذرونى أنا عندى هرمون الرجولة زايد شوية».. يعنى معياره فى الرجولة هو عدم ذكر اسم نساء بيته.. طبعا صديقى يعلم جيدا أن أمرا كهذا من شأنه أن ينرفزنى جداً فقام بتصوير الصفحة وإرسالها إلى وقربها ايموتيكون أو صورة إلكترونية لضحكة عريضة.. كنت قد تخيلت أن هذه الأمور قد انتهت منذ أن أصبحت أم حسن يقال لها سلامتها عادى فى الأغنيات.. صحيح لم يقل سلامتها عزيزة أم حسن أو سعاد أم حسن ولكن تم الاكتفاء بكونها أم حسن، وكنت أعتبر أن الزوج عندما يقول عن زوجته المدام فهذا من منطلق التعريف بها، وأعلم أنه فى بعض حالات العزاء يذكرون أن التى توفيت هى أم فلان بنت علان دون ذكر لاسمها وكأنها لم تكن شخصا ذَا أهلية أو شخصا مكتملا له شهادة ميلاد،
والحقيقة أن الأمر غريب جداً فأيام الدولة الإسلامية كانت تذكر أسماء الصحابيات بشكل عادى وكم من حكايات رويت عنهن.. وذكر اسم المرأة فى القرآن الكريم إذ هناك سورة اسمها مريم.. وذكر القرآن السيدة مريم بنت عمران بشكل واضح.. أليس رسولنا الكريم هو نفسه الذى سئل عن أحب الناس إليه وأجاب بكل ثقة «عائشة».. لم يقل زوجتى، أو السيدة الموجودة فى البيت.. وعندما ضرب مثلا بحد السرقة استشهد بابنته وقال والله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها.. لم يقل إنه ليس عليه أن يذكر اسمها. وكثير من المشاهير العرب كنوهم بأمهاتهم مثل الشيخ الإسلامى ابن تيمية، وتيمية هى أم جده الرابع.. وكتب السير مليئة بالأسماء: عمرو بن كلثوم، وعمرو بن هند.. وأكبر دليل على احترام النساء أن معاوية بن أبى سفيان مؤسس الدولة الأموية كان يردد دوما «أنا ابن هند»، فوالدته هند بنت عتبة أشهر نساء قريش حسبا وزوجة أكبر راس فيها وهى التى تسببت فى التمثيل بجثة سيدنا حمزة بن عبدالمطلب عّم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.. وكانت من النساء الأربع اللواتى أهدر دمهن يوم فتح مكة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم صفح عنها عندما جاءته مسلمة تائبة. أما فى العصر الحديث فلقد اختلف الأمر حتى إننا عشنا عقودا لا يكتب فيها اسم الأم فى البطاقة.. المشكلة لمن سوف يتساءلون عن أهمية ذكر الاسم تكمن فى الهوية.. الاسم يرتبط بالملامح والتفاصيل والذكريات وعندما يتزوج رجل من امرأة يعتبر أن أكبر تعبير حب لها يكون فى جعلها تحمل اسمه.. ويرزقه الله أولادا صبيانا وبناتا يحملون اسمه.. وعندما يقرر شخص ما تسمية الزوجة أو الأم بكلمة «البيت» فهو من الناحية النفسية ينظر إليها على أنها المطبخ الذى يطهو الطعام ويقدمه فى غرفة السفرة.. ومن نفس المنطلق أقول لماذا حتى اليوم عندما يقرر الصبيان شتيمة أحدهم فعلوها بالأم. وعندما يهددونه يقولون سنشتكيك لوالدك؟.. ولماذا أصلا عندما نقول وحياة أمك فالمعنى سباب أما وحياة أبوك فللترجى أو التوسل..؟ لماذا ابن أمه شتيمة؟؟ أى المدلل التافه أما ابن أبيه فهو الدكر الجامد..؟ مع أن الرسول أوصانا بأمهاتنا ثلاث مرات قبل أن يوصينا على بآبائنا.. ومن عجائب بلادنا أن تجد رجلا طويلا عريضا ينادى على زوجته وسط الناس باسم مذكر وهى ترد عليه عادى ويبدأ الحوار. أو يتناديان بيا ماما وَيَا بابا، وبعيدا عن أنى أستغرب بشدة أن تقول زوجة لزوجها يا«بابا»على اعتبار على ما يبدو أن بابا وظيفة، وأستغرب بشدة أن يعتبر الرجل أن تدليل زوجته أمام الناس عيب فأنا الحالة الوحيدة التى أحيى فيها عدم ذكر اسم المرأة تكون عندما يطلقون على زوجاتهم لقب «وزير الداخلية» أو «الحكومة»، فعلى الأقل هؤلاء يعترفون بمن هو صاحب الكلمة الأخيرة فى البيت..