x

كريمة كمال رجل رشيد كريمة كمال الأربعاء 20-01-2016 21:29


سؤال لا أعتقد أنه يشغل عقلى وحدى، بل أعتقد أنه يشغل عقل كل من هو مهموم بهذا الوطن ومستقبله بحق، وليس هؤلاء الذين يزايدون بالوطنية على غيرهم لتحقيق أجندات خاصة ومصالح بعينها.. السؤال هو: هل يتسق واقع أننا نمر بمرحلة صعبة وأن مصر يحيط بها كثير من المخاطر من الإرهاب، الذى يضرب داخل أركان الجمهورية، إلى الصراع المسلح الذى يدور بعنف فى سيناء، إلى مشكلة سد النهضة، التى تهدد مصر بالعطش والجوع، إلى دول الجوار التى تنفجر بالصراعات، إلى الواقع الاقتصادى الصعب، إلى التحديات الضخمة من تهالك التعليم، إلى تردى المنظومة الصحية، إلى تهاوى الخدمات، إلى غير ذلك من العديد من المصاعب والتحديات، التى لا يمكن حصرها هنا، وإن كنا جميعا ملمين بها، مهمومين بكيفية مواجهتها؟.. السؤال هو: هل يتسق هذا الواقع مع هذه المعارك التى تنفجر فى كل لحظة؟ وهل يتسق هذا الواقع الذى يفرض علينا أن نشرع فى مواجهته مع انفجار معركة داخلية حول المستشار هشام جنينة؟ هل وطن يعانى من كل ما سبق ويواجه كل ما سبق يترك كل هذا ليناقش تقرير المستشار هشام جنينة، ليشكل لجنة تقصى الحقائق حول ما جاء فى تقرير رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات؟.. هذه هى المعركة التى تتصدر المشهد الآن وليس كل ما سبق أن أدرج هنا من مصاعب وتحديات.. ليس السؤال فقط: لماذا يترك وطن تواجهه كل هذه التحديات ليواجه شخصاً واحداً وبكل هذه الضراوة؟ ولماذا هذه المواجهة لمن كشف الفساد الذى نلمسه جميعاً حتى وإن كان هناك من يرى أن هناك قدراً من المبالغة؟ لكن هل كانت المبالغة هى السبب أم أن المعركة لم تبدأ مع المستشار هشام جنينة بعد تصريحاته حول حجم الفساد؟ بل إن المعركة أقدم من ذلك بكثير وازدادت ضراوة الآن بعد تقريره بعد أن وجد أعداؤه فى التقرير فرصة للإطاحة به.. ما الذى يستقر فى النفوس والعقول أمام دولة أو بعض من مؤسساتها عندما تصطدم بمن يتصدى للفساد بغية التخلص منه؟ ما الذى يستقر سوى أنهم يناصرون الفساد.. هل هذا ما تسعى إليه دولة تريد أن يثق مواطنوها فى كل ما تقوم به ليناصروها فى كل معاركها، بدءاً من الإرهاب حتى بناء الدولة؟ مثل هذه المعارك التى يعلو صوتها على المعارك الحقيقية لا تكشف سوى عن صراعات أجهزة، وصراعات أجنحة، وعداء أجهزة وهيئات تريد أن تكون فوق القانون وفوق الدستور، فهل هذا هو ما نسعى إليه فى لحظة دقيقة كهذه؟

قد تتصدر قضية تقرير المستشار هشام جنينة الجرائد والفضائيات، بينما تتصدر قضية الاختفاء القسرى وسائل التواصل الاجتماعى، صور لشباب يتم القبض عليهم أو يتم البحث عنهم دون جدوى، والداخلية تنفى، بينما تتوالى الصور والقصص تباعاً ثم الداخلية تُعلن عن تواجد عدد منهم فى هذا السجن أو ذاك أو يظهر أحدهم أمام إحدى النيابات بعد أيام أو شهور أو أعوام.. نحن نواجه إرهاباً يضربنا فى كل لحظة، فلماذا نضرب أبناءنا حتى لو اختلفنا معهم؟ وهل الاختلاف فى الرأى ثمنه يؤخذ من حريات هؤلاء الشباب وحقوقهم الأصيلة؟ هل السبب هو الاختلاف أم أن السبب الحقيقى هو أن هناك «تار بايت» مع من خرج فى ثورة يناير يتم تصعيده الآن رغبة فى فرض عودة عيد الشرطة فى هذا التاريخ بعد إزالة آثار يناير من الوجود؟ هل هذه المعركة الدائرة الآن من أجل هذا الهدف هى المعركة المطلوبة فى الوقت الذى يدفع فيه أبناء الشرطة دماءهم على يد إرهاب غادر؟ كل يوم شهيد للشرطة، كل يوم هناك من يفقد عينيه أو من يفقد قدميه، فلماذا تصرون على إحياء العداوة مع جهاز الشرطة بدلاً من أن يقدر الشعب كل هذه التضحيات؟ لن يستطيع أحد أن يمحو «يناير» من القلوب والعقول لأنها مستقرة بداخلها، بينما يمكن أن تولد علاقة جديدة مع جهاز الشرطة عبر تضحيات أبنائه، فلماذا تصرون على أن تغتال بعض أجهزته حقوق وحريات بل وحياة بعض من شباب هذا الشعب لتخلقوا عداوة ليس مع الشرطة وحدها بل مع النظام السياسى كله؟

هناك حالة من الأداء فى شتى الاتجاهات تفرض العديد من التساؤلات حول الهدف أو الجدوى من ورائها، وسؤال واحد يتردد: أليس من بينكم رجل رشيد؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية