x

الفساد وشعبية النظام.. التجربة الصينية

الأربعاء 20-01-2016 20:42 | كتب: سناء عبد الوهاب |
توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادى بين مصر والصين  - صورة أرشيفية توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادى بين مصر والصين - صورة أرشيفية تصوير : اخبار

استطاع الاقتصاد الصينى أن ينمو خلال سنوات قليلة ليحجز لنفسه مكانا فى مقدمة الاقتصادات الناشئة ويقود معدلات النمو الاقتصادى فى العالم، حتى إن مجرد نشر أخبار عن تباطؤ اقتصاد الصين صار كفيلا بالتسبب فى انهيارات حادة لأسواق المال فى العالم، كما حدث لمعظم الأسواق الأوروبية والإقليمية منذ نهاية العام الماضى، ومازالت تعانى منها حتى الآن، والتجربة الاقتصادية الصينية صارت نموذجا يبحثه العالم ويقدمه الباحثون على أنه معجزة حقيقية تمت فى نحو 20 عاما فقط، استطاع خلالها أن يكون ثانى أكبر اقتصاد عالمى بعد اقتصاد الولايات المتحدة، وهو أسرع اقتصاد كبير نامٍ بمعدل نمو سنوى وصل إلى 10%، ووصل حجم الناتج المحلى الإجمالى إلى نحو 17.6 تريليون دولار عام 2015. واعتمدت الصين فى تحقيق هذا النمو الاقتصادى الهائل على آليات واستراتيجيات عديدة، منها التطوير الصناعى والزراعى والإصلاح التشريعى وغيرها، ولكن كان لابد من نظام رقابى قوى وصارم يمنع استفادة فئة من الشعب على حساب الأغلبية، ووضع التشريعات وإنشاء الجهات التى تختص بمعاقبة ومحاسبة الفاسدين داخل الجهاز الحكومى، وذلك بعدما أدرك القائمون على نظام الحكم أن الفساد يستطيع أن يلتهم كل الإنجازات الاقتصادية التى تحققها الحكومة، ويحرم المواطنين من جنى ثمار النمو.

وعندما بلغ شى جين بينج سدة الحزب الشيوعى الصينى عام 2012، وتولى منصب الأمين العام، أطلق حملة لمكافحة الفساد، ويواصل إلى اليوم حملة مكافحة الفساد، ويوسع نطاقها، حيث استهدفت حوالى 5 آلاف مسؤول رفيع المستوى فى الحزب الشيوعى يشغلون مناصب فيه أو فى الحكومة والجيش أو الشركات العامة.

كما أرست الحملة إجراءات تقشف عبر إلغاء الدخل المرتفع الذى كنت تحصل عليه النخبة، كما حظرت قوانين جديدة على المسؤولين قبول هدايا فخمة ودعوات ترفيه وتسهيلات سفر. وخلال عام 2015 عاقبت لجنة فحص الانضباط المركزية للحزب الشيوعى الصينى نحو 37 من مسؤولى الحزب من المستوى المتوسط، يتوزعون على 10 من أجهزة الدولة المركزية، و9 من الشركات التى تديرها الحكومة المركزية، و18 من السلطات المحلية، كما تمت معاقبة ما يقرب من 50 ألف مسؤول فى الحزب بسبب انتهاكهم للضوابط الثمانية للحزب الشيوعى الصينى ضد الإسراف والكسب غير المشروع، وتم أيضا القبض على أكثر من 850 هاربا ضمن حملة «سكاى نت»، التى تهدف إلى القبض على المسؤولين الفاسدين الفارين إلى الخارج. وقد كانوا مقيمين فى 68 دولة ومنطقة، من بينهم 196 من أعضاء الحزب والمسؤولين.

وخلال الأسبوع الماضى بدأ مسؤولون حكوميون عرض جهود مكافحة الفساد فى تطهير السوق وتعزيز النمو الاقتصادى، حيث قال تشن ياو جيانج، مدير إدارة الدعاية باللجنة المركزية لفحص الانضباط التابعة للحزب الشيوعى الصينى، إن حملة مواجهة الفساد ساعدت فى إزالة العقبات التى تعترض سير السوق وضمنت الدور الحاسم له، مشددا على أن الحملة على الفساد لم ولن تؤثر على الأساس الحاكم، وأن تلك الجهود ستوطد حوكمة الحزب وستساعد فى ضمان ثقة المواطنين فى الحزب، وأصبح لدى المستثمرين الصينيين ثقة أكبر فى بلدهم.

التجربة الصينية فى هذا المجال يمكن أن تعطى نموذجا للاقتصادات الناشئة التى تعانى الفساد بين كل مؤسساتها، بأن الإعلان عن وجود الفساد وقيمته مهما كانت لا تقلل من شأن النظام الحاكم ولا تقلل شعبيته، بينما العكس هو الصحيح، السكوت على الفساد وعدم الاعتراف بوجوده وبذل محاولات جادة ومستمرة لمواجهته ورفع الآثار المترتبة عليه من على كاهل الاقتصاد هو ما يهدد الاقتصاد والنمو.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية