x

أسامة خليل الأهلى بين رحيل بيسيرو وعودة مانويل جوزيه.. كلام لم يُنشر أسامة خليل الأربعاء 20-01-2016 21:32


كنت قد عزمت ألا أتحدث عن النادى الأهلى، هذا الأسبوع، من قبيل الرفق بالزملاء والإعلاميين الذين يُصيبهم مقالى بهستيريا الهجوم على رئيس النادى، باعتبارى «مستشاره وقلمه الذى يكتب به» كما يرددون فى نوبات الهلوسة، التى لا تهز شعرة فى رأسى ولا تزعزع ثقة الرجل فى نفسه، لأنه مؤمن بما يفعله ومخلص للأمانة التى حمّلها له أعضاء النادى وجماهيره، وأما أنا فلا يحرك القلم فى يدى سوى رأسى، بغض النظر عمن سيخسر مَن؟ ومَن سيفهم ماذا؟ فيقينى أن هؤلاء لا يتحملون مواجهة الحقيقة والموضوعية، ولا يقوون على مناظرة الأفكار والمعلومات، فيلجأون فى ضعفهم للاتهامات سابقة التجهيز، حتى يُشتتوا انتباه الناس ويمنعوا عنهم الاستماع لمَن يخالفهم الرأى وتصويره أنه «كافر وزنديق وكلامه يقود للضلال»، تماما كما فعلت الكنيسة فى عصور الظلام فى أوروبا، وبعدها فعلته- ولاتزال تفعل- الأنظمة الفاشية وأبواقها حتى اليوم لا فى السياسة فقط، بل فى غيرها من مناحى الحياة، وليس استثناء بعض الإعلام الرياضى «الجعجاع» فى هذه الأيام.

ونترك المُجعجِعين- «شفاهم الله»- ونأتى لموضوع الساعة، وهو استقالة جوزيه بيسيرو من تدريب فريق الأهلى، وهو الخبر الذى لاقى سعادة وفرحة عند بعض الأهلاوية، باعتباره يفتح بابا جديدا لزعزعة استقرار إدارة النادى ويدق مسمارا فى نعش الخلاص منها، وعلى العكس أرى رحيل المدرب البرتغالى- رغم قسوته على استقرار الفريق فى هذه المرحلة من عمر الدورى الممتاز- من منظور يتلخص فى أمرين:

الأول: أن الإدارة كانت قوية عندما وافقت على رحيل المدرب ولم تعاند، فتدفعه للهروب كما يحدث مع أندية أخرى، وهو مبدأ كان قد أرساه صالح سليم: «مَن لا يريدنا لا نريده»، والأهلى أكبر من أن يقف على مدرب أو لاعب، بشرط ألا يعود مرة أخرى، وفى الوقت نفسه، حصل النادى على حقه المادى من فسخ التعاقد، وهو 300 ألف دولار قيمة رواتب ثلاثة أشهر للمدرب وجهازه الفنى.

ثانيا: رحل جوزيه بيسيرو من أجل التعاقد مع فريق بورتو البرتغالى، وهو لمَن لا تسعفه الذاكرة واحد من أعرق وأشهر وأفضل الأندية الأوروبية، وحاصل على دورى أبطال أوروبا مرتين، ولقب السوبر الأوروبى مرة واحدة، وفاز بالدورى البرتغالى 27 مرة وألقاب أخرى كثيرة، وهو ما يعنى أن هذا المدرب- الذى استقبلناه فى مصر بعاصفة من الرفض والانتقاد الإعلامى، وفتحت بعض البرامج وجهابذة التحليل نيران الهجوم عليه، باعتباره «فاشلا وضعيف الشخصية»، ولن يضيف للأهلى شيئا، وتطاول البعض فى إطار المزايدة والإهانة المجانية، وتناول حياة أسرته بشكل لا أخلاقى، ثم استفاضوا فى الهجوم عليه ونعته بـ«الغباء»، لرفضه مشاركة أحمد الشيخ ومحمد حمدى زكى فى مباريات الأهلى، تصوروا هذا الرجل الذى استُبيح شرفه المهنى كمدرب محترف، نكاية فى مجلس الأهلى ومحمود طاهر- له قيمة كبيرة فى أوروبا، وهناك بعض «الأغبياء» من إدارات الأندية الأوروبية «الفاشلة» يرون لديه القدرة والإمكانيات والمؤهلات لتولى فريق كبير مثل بورتو، وهو ما يلقى بظلال الشك والريبة حول مصداقية الإعلام الرياضى فى مصر بسبب هذا «البعض»، الذى يحمل من الهوى وعنترية الكلام ما يُضلِّل الرأى العام ويحرمه من الحكم الموضوعى على الأمور والأشخاص.

ونأتى للموضوع الأهم: مَن سيخلف بيسيرو فى تدريب الأهلى، هل مدرب وطنى أم مدرب أجنبى؟ ومَن المطروح هنا وهناك؟ فبورصة الأخبار فى الصحف والمواقع والبرامج تداولت اسمين مكررين ومحفوظين سلفاً، الأجنبى مانويل جوزيه، والمحلى حسام البدرى، وهما اسمان كانا مطروحين مع كل مباراة يتعادل فيها أو يخسرها الأهلى من الموسم الماضى، وكأن صندوق المدربين أُغلق عليهما!

ومادام لديهما حظوظ فى الاختيار، وهما بالفعل كذلك، فمن الوجيه أن نعرض إيجابياتهما وسلبياتهما أمام الرأى العام.

ولنبدأ بالعجوز المخضرم «مانويل جوزيه»، الذى ارتبطت انتصارات الأهلى به فى سبع سنوات من النعيم والألقاب والكؤوس، ومميزاته معروفة: أولاها ثقة الجماهير فى إمكانياته، ما يعنى أنه سيتمتع بدعم جماهيرى وإعلامى لن يحصل عليهما مدرب آخر، ولو مورينو نفسه، ثم قوة الشخصية والسيطرة على اللاعبين، واختياره قد يُريح الإدارة من متاعب الهجوم على أى مدرب جديد كما حدث مع بيسيرو، أما سلبياته فهى: عصبيته الشديدة، التى زادت بشكل مخيف مع كبر سنه، ووصل به الأمر للسخرية من إدارة الأهلى ورئيسها فى أكثر من برنامج ومداخلة تليفزيونية عندما لم يقع عليه الاختيار فى بداية الموسم، ثم احتكاكه مع رئيس نادى الزمالك دون سبب، بعد رحيل مواطنه البرتغالى فييرا، ووصفه له بأنه أحمق، وأنه لا يحترمه، ما يعنى أنه سيكون قنبلة جاهزة للانفجار فى أى وقت، وأن التعاقد معه أمر محفوف بالمخاطر، فإذا أضفنا إلى ذلك فشل جميع تجاربه، بعد رحيله عن الأهلى، واستبعاده من الترشيحات لأغلب أندية العالم، رغم سيرته العطرة مع الأهلى، لذا فإن التعاقد معه أمر يحتاج إلى تفكير عميق ومقارنة دقيقة بين سلبياته وإيجابياته بعيداً عن الضغوط الجماهيرية والإعلامية التى أراها أقل بكثير عن المرة السابقة.

المرشح الثانى «حسام البدرى» وإيجابياته تتمثل فى: خبرته فى تدريب الأهلى لسنوات مع مانويل جوزيه، ثم قائداً منفرداً حقق العديد من البطولات، وهو مثل أى مدرب وطنى يتمتع برضاء قطاع من الإعلام، ولديه القدرة على التعامل مع المختلفين معه، أما عن سلبياته، فبغض النظر عن فشله المُحبِط لنا جميعاً مع المنتخب الأوليمبى، فإن هناك غصة بينه وبين جماهير الأهلى عندما ترك النادى، ورحل لتدريب الأهلى الليبى، وهى مشكلة نفسية يصعب تجاوزها مع الجماهير، ثم أضاف لها عثرة أخرى، فى منتصف الموسم الماضى، بعد إقالة جاريدو عندما أبلغ رئيس الأهلى ونائبه بموافقته على تدريب الفريق، شرط الحصول على موافقة اتحاد الكرة، إذ كان يتولى تدريب المنتخب الأوليمبى، وبعد أن أجرى مسؤولو الأهلى اتصالاتهم برئيس اتحاد الكرة الذى رحب، شرط أن يعلن البدرى عن رغبته أمام مجلس إدارة الاتحاد، فاجأ المدرب الجميع بتمسكه بالاستمرار مع المنتخب ورفضه عرض الأهلى، ما يعنى أن التعاقد معه هو الآخر يحتاج إلى دراسة متأنية لإيجابياته وسلبياته، ولكن إذا استقر مجلس إدارة الأهلى على المدرب الوطنى، فعليه ألا يُغفل مدربين آخرين من حقهم الحصول على فرصة مثل هانى رمزى وربيع ياسين ومختار، بل عليهم أن يضعوا محمد عظيمة، المدرب العام، ضمن القائمة، فهو الآخر مدرب صاعد وواعد، ولديه تجربة أوروبية، فإغلاق التفكير على مدرب واحد فى غير مصلحة الأهلى.

وعن نفسى، أرى- ومع كامل احترامى للمدربين الوطنيين- أنه مازال الأفضل للأهلى هو المدرب الأجنبى، خاصة أن مرحلة البناء التى يعيشها الآن تحتاج إلى مدرب ومدرسة ونظرية، حتى يستقر البناء ويقف الفريق على قدميه ويجد لنفسه هوية للعودة لحصد البطولات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية