أحمد بدوى مدير أكبر شركة للإنتاج السينمائى فى مصر وفى العالم العربى. من أكثر الناس تميزًا فى هذه الصناعة. فهو يعرف كل صغيرة وكبيرة عنها. مهموم بها ومشغول بمستقبلها. وإن كان فى مصر صناعة يمكن أن تنهض على قدميها بسرعة وبأقل مجهود فإنها صناعة السينما. وإذا اتخذنا من الهند نموذجًا لحققنا طفرة. وربحنا مليارات سنوية ووظفنا الآلاف إن لم يكن ملايين الشباب.
بدوى حكاء. أستمتع بقصصه. التى يرويها لى من حين لآخر. لأنه كثير التجوال والتنقل بين عواصم العالم المختلفة. كان عائدًا من الهند مؤخرًا. لتصوير مشاهد فيلم جديد هناك. أتصور أنه يحضّر لمفاجأة. ستغير شكل السينما فى مصر. ليس هذا موضوعنا. ولكن أريد التوقف عند 3 قصص حكاها من تجربته فى الهند. التى نقول عنها إنها بلاد تركب الأفيال. أظن أننا من نركب البغال والحمير. وكل ما ليس له علاقه بالعالم الحديث المتطور.
الحكاية الأولى عن سائق التاكسى حافى القدمين. قرر بدوى فى يوم أن يذهب لمشاهدة أحدث فيلم للممثل الشهير خابور. والذى تم طرحه فى دور العرض خلال الأيام القليلة الماضية. اكتشف بدوى أن عليه الانتظار للحصول على تذكرة دخول. حيث الزحام كثيف وهناك طابور انتظار طويل. فى التاكسى. تحدث بدوى للسائق عن الفيلم. ثم كانت المفاجأة عندما قال السائق: إن الفيلم لم يعجبه. أى أن هذا السائق البسيط الحال. صاحب الدخل المتواضع. ذهب للسينما وشاهد الفيلم منذ اليوم الأول لعرضه. النخبة فى بلادنا للأسف لا تذهب للسينما.
الحكاية الثانية عن أشهر ميدان أمام محطة القطار فى العاصمة الهندية. استأجر بدوى الميدان من المحليات وظل يصور من الساعة الثانية ظهرا حتى السادسة صباحا. وكانت المفاجأة عندما ذهب لسداد الرسوم المقررة. وجدها 1600 دولار. أصيب بدوى بالذهول. وكانت دهشته الكبرى عندما عرف أن هذه الرسوم تحصّل فقط لصالح هيئة النظافة.
الحكاية الثالثة عندما التقى بدوى بأحد المنتجين فى الهند، الذى سأل بدوى عن حجم إنتاجهم من الأفلام فى 2015، أجابه بدوى: إننا أنتجنا 48 فيلما فى عام. فسأله الرجل: هل هذا إنتاج شركتكم فى عام. فرد بدوى: لا، هذا إنتاج مصر كلها، الحمد لله. فنظر إليه الرجل قائلا: إذن إنتاج شركتى أكبر من إنتاج مصر.
انتهت القصص الثلاث. لكن دلالاتها واضحة. ويبقى التوضيح أن الهند تنتج نحو 1200 فيلم فى العام تبلغ إيراداتها نحو 27 مليار جنيه فى 2015. هذه هى الصناعة، هذه هى الدول، فمتى نتعلم؟