أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أنه ضد أي عمل يؤدي إلى إسالة دم أي عربي، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، وشدد على أنه إذا كان أي تجمع سيؤدي إلى مواجهة واقتتال وإسالة للدماء، فنحن مع منعه من الجذور.
وحول التواصل مع جماعة الإخوان، قال في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، وصحيفة الأنباء الكويتية، اليوم الإثنين: «كان هناك تواصل بين الأزهر وبينهم، وحاول الأزهر أن يجمع ويلم الشمل ولكن ليس من الشجاعة أن استرسل لأتحدث عن أشخاص لا يستطيعون الرد والدفاع عن أنفسهم».
وشدد على أننا نحتاج إلى تجديد الخطاب الديني ولكن نحتاج أيضا إلى تجديد الخطاب الاعلامي والخطاب الثقافي والحضاري، كل هذه الخطابات لابد أن تعمل مع بعضها البعض.
وأشار الدكتور الطيب إلى أن الهجوم على الأزهر يأتي لأنه قوة ناعمة كبيرة جدًا للمسلمين والعالم العربي ولمصر، وبما أن المطلوب هو العبث بالمنطقة وبمصر حتى بعد صمودها، فقد رأوا أن الأزهر هو أحد مداخل العبث بالمنطقة.
وأضاف: «أستطيع أن أعدد قادة الفكر الإرهابي والحركات الإسلامية المسلحة الذين تخرجوا من جامعات أخرى غير الأزهر، مؤكدًا أن الأزهر لم يخرج قائدًا واحدًا من قادة الفكر الإرهابي على مدى أكثر من ألف سنة، فمناهج الأزهر لا يمكن أن تخرج متطرفًا لأننا نقبل بكل المذاهب».
وشدد على أن الإسلام لم ينتشر بالسلاح أبدا، لأن ثقافتنا تقوم على غير ذلك، كما أن الناس أنفسهم كانوا يرحبون بالفتوحات الإسلامية لتنقذهم من الظلم، ولكن نحن قصرنا في توعية الناس في الغرب بهذا الدين وفي التذكير بأيادي المسلمين البيضاء على أوربا في فترة الفتوحات في إسبانيا.
وعن استئناف الحوار مع الفاتيكان، قال إن بابا الفاتيكان يحمل روحا جميلة تجاه الأديان الآخرى ويقدر الإسلام والمسلمين، ومن هنا نحن نسعى إلى استئناف الحوار وتبادل الزيارات قريبا جدًا، ونحن كنا قد أوقفناه حينما كانت هناك إهانات صريحة من مؤسسة الفاتيكان للإسلام والمسلمين والمناداة بحماية المسيحين المصريين من الاضطهاد وهو أمر غير صحيح، فكان لابد من وقف الحوار.
وحول هاجس الغرب من الإسلام في ظل الأعمال الإرهابية، قال رئيس الأزهر، إن الجمهور الأوروبي واقع تحت تأثير وسائل إعلام موجهة، لافتًا إلى أن الإنسان الأوروبي عاقل وإذا عرف الحقيقة لا يتردد في اعتناقها، ولكن هناك إعلاما عالميا أو شبه عالمي يتآمر من أجل تشويه صورة الإسلام والعبث بالمنطقة الإسلامية عموما والمنطقة العربية بصفة خاصة.
وشدد على ضرورة أن يمتلك العرب والمسلمون إعلامًا يكشف تزييف الحقيقة الذي يستهدف المواطن الغربي ويساهم في تأكيد أن الإسلام السمح الحنيف يحترم الأديان الأخرى حتى وإن اختلف معها، كما أنه لا يكره أحدا على الدخول فيه.
وأعرب عن شكره لسمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على وسام الكويت ذي الوشاح من الدرجة الممتازة الذي منحه له صباح اليوم الإثنين.
وقال شيخ الأزهر: «أنا أعتبر هذا التكريم للأزهر وعلماء الأزهر والمسلمين بشكل عام وقبل ذلك مصر والمصريين، فحينما يكرم أمير الكويت شيخ الأزهر فهو يكرم مؤسسة عريقة تعلم أبناء المسلمين من شتى بقاع العالم منذ أكثر من ألف سنة».
ولفت إلى أن هذا التكريم سينعكس على نفوس 450 ألف دارس في الأزهر بينهم نحو 40 ألف طالب وطالبة من 111 دولة غير مصر.
وأشار الطيب إلى أن أمير الكويت أوصى بأن نكون في خدمة الإسلام والمسلمين والمنطقة، وأكد مساندته للأزهر بنظرة إنسانية عالية أدركت معها لماذا أصبح قائدًا إنسانيًا للعالم ولماذا أصبحت الكويت مركزًا إسلاميًا.
وقال إن أمير الكويت يعي دور الأزهر والتحديات التي تواجه الأزهر، ومن هنا شجعني على مقابلة التحديات بما يعكس أن القادة العرب كلهم مع الأزهر في مواجهة حملات التطرف والتشكيك في داخل البلاد العربية الإسلامية أو خارجها.
وأشار الطيب إلى أنه سوف يركز خلال المحاضرة التي يلقيها بالمسجد الكبير بالكويت غدا الثلاثاء، خلال احتفالية تقيمها وزارة الأوقاف الكويتية، على إلقاء الضوء على طبيعة المنهج الأزهري في التربية والتعليم وتكوين نفسيات وعقليات الطلاب سواء كانوا من مصر أو من خارجها، وصياغتها صياغة وسطية بحيث يستحيل استقطابهم ووقوعهم في الفكر المتشدد.
وطالب بأن يكون هناك تعليم عام مشابه للتعليم الأزهري وخاصة فيما يخص توضيح أن الإسلام الصحيح هو دين الرحمة والعدل والمساواة بين الناس، حتى نضمن ابتعاد قاعدة عريضة من الشباب العربي عن التطرف.
وأوضح أن التطرف استغل الخلفية الثقافية والفكرية الضعيفة عند الشباب المسلم واستطاع أن يغزوهم ويستغل بعض التحديات الموجودة في نفوسهم فأوقعهم في براثن الفكر المتشدد والعمل المتشدد والتنظيمات التي رفعت علينا السلاح مؤخرًا.
وحول رأي الأزهر تجاه الصراع المذهبي في العالم الإسلامي حاليًا وتبعته قال الطيب: باختصار نحن لدينا مقومات الوحدة ولدينا أيضا أمراض الفرقة وهي التي لها الغلبة، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يتحدث لغات مختلفة ويؤمن بعقائد مختلفة وهناك عداوات تاريخية بين بعض بلدانه ومع ذلك لديهم اتفاق عام.
وأضاف: أما نحن من طنجية إلى الخليج فنتكلم لغة واحدة وأصلنا واحد، ولكن السمة العامة هي الميل إلى التجزئة والإنكفاء.
وأوضح أن الدين استقطب واستخدم في السياسة وأصبح الولاء لمذهب معين أهم من الولاء للأمة الإسلامية مع أن العلماء سيسألون عما قدموه لفقراء هذه الأمة.
وأعرب عن اعتقاده أن الدين استخدم في التفرقة بين المسلمين على مستوى العالم العربي، فساد التنافر والتناحر والتمزيق رغم أن ديننا يدعو إلى طاعة الله ورسوله «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».