نتيجة قرار حكم لم يرض عنه لاعبو ومسؤولو النادى المصرى.. اضطر الأمن لاستخدام عشر سيارات مصفحة لإخراج لاعبى الاتحاد السكندرى من استاد الإسماعيلية، أمس الأول، بعد انتهاء مباراة لكرة القدم بين المصرى والاتحاد، والتى أقيمت أصلاً بدون جمهور.. وبات هذا المشهد الغاضب والحزين يستحق الكثير من التمهل والتأمل والخوف والقلق أيضا.. فكم سيارة مصفحة كنا سنحتاج إليها لو كانت المدرجات تفيض بالجماهير الغاضبة والمتوترة؟.. وماذا كان سيحدث لو أن الحكاية لم تكن مجرد انفعال وصراخ وشتائم متبادلة بين بعض لاعبى المصرى والاتحاد، وإنما كانت مواجهة بين جماهير الناديين الكبيرين؟.. وإذا كان إبراهيم حسن، مدير الكرة فى المصرى، قد أكد أكثر من مرة عقب انتهاء المباراة أن الحكم محمود عاشور قد تعمد تقييد المصرى وتعطيله وإرباكه وعدم فوزه على الاتحاد حتى لا يتصدر جدول المسابقة، وأنه كان يقصد بقراراته أن يلعب المصرى مباراته المقبلة أمام الزمالك بدون ثلاثة لاعبين أساسيين.. فأنا أصدق إبراهيم حسن وأعرف أنه لا يكذب وإنما يقول ويصرخ بما هو مقتنع به.. تماما مثلما أصدق جماهير الأهلى ومسؤوليه حين يتهمون الحكام بأنهم ضد الأهلى ويحاربونه ولا يريدون له فوزا أو بطولة.. وجماهير ومسؤولى الزمالك حين يتهمون الحكام بالرشوة والفساد والتحامل على الزمالك حتى لا يواصل صحوته وانطلاقه.. وكل الأندية والجميع بلا استثناء.. وليس هناك أحد منهم يكذب أو يتخيل أو يتوهم الاضطهاد والمظالم.. فنحن وصلنا إلى مرحلة من الارتباك الجماعى وفوضى الأفكار والمشاعر والأحكام بحيث لم يعد فينا أحد لا يتخيل أن الآخرين يتآمرون عليه.. لا أحد فينا يتصور أنه يمكن أن يخسر وينهزم ولا يكون الأفضل لأن هناك من هو أفضل منه وأقوى.. إنما هى المؤامرة والصفقات السرية والمطامع والأهواء والحسابات الخاصة.. ظاهرة كروية عامة.. وسياسية وإعلامية واجتماعية أيضا.. استشرت داخل نفوس الجميع، ولم يعد يجدى فى مواجهتها الحديث المكرر والمعاد عن أخطاء الحكام الطبيعية الحاصلة فى كل وأى ملعب كرة فى العالم، فنحن لم نعد نقبل وجود الحكم المخطئ لكننا نرحب كلنا بالحكم الفاسد.. وليس الحل هو أن ينتفض الجميع مرة أخرى لاتهام الإعلام بإشعال التعصب والفتنة وحرق كل الحكام إرضاء لكل الجماهير، فشبكات التواصل الاجتماعى اليوم أصبحت أقوى من أى إعلام تقليدى.. ومن العبث أن نطلب فقط من جمال الغندور، الرئيس الجديد للجنة الحكام، أو حتى مجلس إدارة اتحاد الكرة كله بحث هذه الظاهرة المؤلمة والمربكة التى ستنتهى قطعا بكارثة وصدام ودم.. فلابد أن نتوقف كلنا، وأن نخاف كلنا، وأن يسكت مؤقتا الذين يتهمون دون دليل.. ولا يرون الدنيا إلا بأعينهم فقط، ورؤيتهم غالبا تسبقها أحكامهم.. فالحكم ضدنا طالما لم نفز.. والقانون هناك من يتلاعبون به طالما لسنا نحن الأبرياء.. وإذا لم نكن نحن الأبطال والمنتصرين فالجميع فاسدون ومرتشون ومتآمرون.. وللأسف.. هى أبدا ليست ظاهرة كروية إنما مأساة مصرية حقيقية يدفع ثمنها الجميع، ومعهم كرة القدم أيضا.