x

جمال الجمل وشاية الثعبان الذي زارني في المنام* جمال الجمل الأربعاء 13-01-2016 22:47


(1)

أحبك وأحترمك كما أنت، بتاريخك وواقعك وتطلعاتك للمستقبل، فكن كما تحب دومًا... هذا هو الأجمل والأبقى.

(2)

الرسالة السابقة وردت في المقال على سبيل الخطأ، فقد حددت مقطعًا بالإنجليزية من الفردوس المفقود لجون ميلتون، وضغطت «كوبي»، عندما وصلتني رسالة من صديق، حاولت أن أرد عليها سريعا، لكن لسبب ما لم تتحول اللغة إلى العربية، فكتبت الرد على صفحة «وورد» وأخذته «كوبي»، ووضعته في خانة الإرسال، ولم أنتبه أنني بذلك فقدت فردوسي المفقود، لكنني عندما ضغطت «بيست»، وظهرت هذه الرسالة قررت عدم حذفها كاستهلال كتب نفسه بنفسه، وربما كبشارة لفردوس بالإمكان.. فردوس موجود.

(3)
ماذا اقتبست من ميلتون؟ وماذا كنت أود أن أقول، وما هي ترجمتي الخاصة للأبيات الصعبة المكتوبة بلغة القرن الـ17؟

(4)
منذ أسبوع تقريبا وأنا حزين لدرجة المرض، أو مريض لدرجة الحزن (لا فرق)، المهم أنني في هذه الحالة أهتم بالفلسفة ومصير العالم أكثر من اهتمامي بالطب والدواء، فالعالم زائل مهما طال، كل ما هنالك أنني سأمضي قبل أن أعثر على الفردوس المفقود، فالمسافة تباعد بيننا وبين ما نحلم به دائما، الأشياء (والحياة كلها) تبدأ عادة حلوة وشهية، ثم تصدأ وتتآكل وتتحول إلى شيء ما لا نستسيغه، هذه الحالة مؤلمة للحالمين من سلالة آدم وحواء، أولئك الذين ظلوا يخوضون معركتهم بوعي وطهارة مع الشيطان، منتبهين أيضا أن الصراعات تنشأ بينهم، لكنهم بالحب والحكمة والتعاون قادرون على تجاوزها حتى لا يحدث السقوط.

(5)

«السقوط» هو الصديق الوفي المريب الذي يلازمني في الفترات الأخيرة، حتى تملكني الخوف، ليس خوفًا من السقوط ذاته، ولكن تمسكًا بما لا أريده أن يسقط، وتجنبًا لفقدان فردوس يولد حلمًا فاتنًا مع كل بداية جديدة، ويتحول مع الرعونة والغواية الخسيسة إلى كابوس مقبض، لذلك اخترت هذا المقطع وترجمته بالتصرف الذي يعجبني:
«بعد السقوط تمشي الخطيئة في الأرض، وخلفها ابنها الموت، يتبعها كظلها خطوة بخطوة، متأهبًا لامتطاء حصانه المنهك».

(6)

تابعت بألم داخلي حملة التهجم اللفظي والسياسي الخشن ضد المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وسألت نفسي: ماذا قال؟
لقد قال الآدمي ما تقوله السماء: خير، عدل، حرية، حب، رحمة،.....

وتابعت بألم داخلي حملة التهجم ضد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، وسألت نفسي: ماذا قال؟

لقد قال الآدمي ما تقول السماء: لدينا فساد.. في الأرض فاسدون فاحذروهم..
وتابعت بألم داخلي حملات التهجم من الجميع ضد الجميع من البرلمان وحتى المورستان، وسألت نفسي: لماذا الحرب؟، وهل هي حرب من ملائكة ضد شياطين؟، أو من شياطين ضد ملائكة..!!. وسألت نفسي أيضًا: إذن أين البشر؟.. ألسنا بشرًا؟.. بماذا يتميز البشر أيها العقلاء؟.

(7)
قبل سنوات كنت مثل الكاهن براند في مسرحية هنريك إبسن أصرخ في الجميع: «قضيتي.. كل شيء أو لا شيء»، كنت أضع خطوطًا فاصلة بين الجحيم والنعيم ( يا أبيض.. يا أسود؟!)، لكن قوة الحياة علّمتني ألا أذهب في الأشياء حتى آخرها، لأن النهاية المعلومة للبشر جميعا هي الفناء، الاكتمال هو الزوال، والكمال ليس من صفاتنا ولا من صفات حياتنا، فلماذا نتطرف في العداء، تعالوا نناقش ما يقوله هذا وذاك، ونضعه على طاولة الحساب بما اتفقنا عليه، لا نريد ضجيجاً يخلط الحق بالباطل، ولانريد إعدام لص لديه رغبة صادقة في التوبة، لكن من العار أن نهلل ونصطنع الهرج والمرج لنكتم أصوات الحق أو التحذير من المخاطر، ونوفر للصوص بيئة أفضل للسرقة أو الهرب، فهذه الفوضى بلا شك هي أسهل طريق للسقوط.

(8)

في المنام زارني ثعبان جميل حاملا كيسا من التفاح، وأخبرني أن «بعلزبوب» لم يعد شيطاناً يُضل، بل صديقا يُظل، وقد ترشح في البرلمان، وصار «النائب عقرون»، قائد ائتلاف دعم السماء، ولما استيقظت كان عقرون قد انكشفت خطته، وتفرقت عصبته، ولعنته السماء، فتناحرت فرقته على المكاسب والأهواء!
قلت: لا بأس إنها الديمقراطية، كلٌّ يعبر عن رأيه ويكشف فعله، وما علينا إلا النظر والحكم والحساب على ما يبدو لنا من الأقوال والأفعال.
فلا تغضبوا من قول قائل هنا أو هناك.. واستمعوا إلى خطبة رفائيل وهو يحذركم صادقاً، حتى لا تختلط الملائكة بالشياطين ويتحول فردوسكم المنشود إلى فردوس مفقود.

(9)

فحزن الله في قلبه، عندما نظر إلى الأسفل، فرأى الأرض كلها امتلأت بالعنف، وفسدت طريقة الناس في الحياة، وقبل أن يقضي عليهم، وجد رجلًا بارًّا واحدًا يلتمس في وجه الله نعمة، فإذا هو يرق ويلين، ويقرر ألا يسحق البشر، بل يضع لهم ميثاقًا يؤمنهم من الطوفان، ويرسم لهم على صفحة السماء قوس أمل بديعًا بألوان زاهية، لكنه لن يعمل بالميثاق قبل أن يطهر الأرض والسماء بالنار، ويهيئ كل جديد حيث سوف يسكن الأبرار.

(مقتطف من الكتاب الحادي عشر في «الفردوس المفقود»)
..............................................................................................

* هذيان ميثيولوجي لا يخلو من الواقعية الشديدة... (امسكوا بها لو استطعتم).

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية