x

طارق الغزالي حرب أبشروا: سنعيش فى تبات ونبات.. ففى برلماننا لواءات! طارق الغزالي حرب الأحد 10-01-2016 21:43


قبل أن أدخل فى الموضوع الذى أكتب عنه اليوم، فإن لى ملاحظة أعتقد أنها مهمة، وأرجو أن يعطيها من يهمه انضباط الدولة وجديتها الاهتمام الكافى.. أعرف بحكم خلفيتى العسكرية أن الضابط عندما يُحال إلى التقاعد فإنه لا يجوز له التصريح باسمه أو كتابته بالرتبة التى خرج عليها إلا بإضافة لفظ «متقاعد» بعدها، وإذا ما تولى منصباً مدنياً فلا يجوز له استخدام صفته العسكرية، وغير ذلك مخالف للقوانين العسكرية.. هذا الموضوع تُرك على عواهنه منذ فترة طويلة ضمن حالة فوضى الألقاب المنتشرة فى جميع أحاديثنا، بل الأنكى أن البعض يُرقى نفسه ويستخدم الرتبة العسكرية التى اختارها لتسبق اسمه فى كل مناسبة، سواء تولى منصباً إدارياً رسمياً أو تولى تنسيق تحالف سياسى لدعم الدولة! هذا هو القانون الذى أعرفه، فإن كان قد تغير فليخبرنا أحد، وإن كنت أشك فى ذلك بدليل أنه عند حلف اليمين للمحافظين الجدد أمام رئيس الجمهورية، وهى مناسبة رسمية،

وكان الغالبية العظمى منهم من اللواءات المتقاعدين، لم يُقدَّم أحدٌ منهم عند النداء عليه لحلف اليمين باعتباره اللواء فلان وإنما استخدم التعريف بالسيد تطبيقاً لصحيح القانون. أعود للموضوع، فمعروف أن هناك 62 لواءً متقاعداً قد دخلوا البرلمان الجديد سواء من الشرطة أو الجيش، وهو عدد لا يُستهان به، وقد أتاحت لنا «المصرى اليوم» فرصة قراءة أفكار أحد منهم فى حوار معه منذ أيام، كانت عناوينه صادمة لى مثل «أنا ابن الداخلية ولن أقدم طلبات إحاطة ضدها»، و«الداخلية تحتاج الدعم لا طلب الإحاطة»، و«كفاية برامج وخُبرا فالحلول موجودة»! وفى ثنايا الحديث أفصح عن أفكاره والهموم التى تشغله، فقال مثلاً إن الفترة المقبلة ستحدد ما إذا كنا فى احتياج إلى قوانين جديدة مُختصة بنوعية مُعينة من المواطنين المخربين لمصر.. وأنه لابد للشعب المصرى أن يترفع عن المشاكل والطلبات الخاصة، فالحلول موجودة لكل المشاكل، والمجلس القومى ملىء بالدراسات المُقترنة بحلول لجميع الأزمات التى تعانى منها الدولة! ولكن سيادة اللواء المتقاعد لم يقدم لنا إجابة عن السؤال البديهى، وهو أنه إذا كانت الحلول موجودة لجميع المشاكل، فلماذا لم ولا يُنفذ شىء منها؟ ولماذا نحن فى ذيل التصنيف العالمى فى جميع المجالات الحيوية التى على أساسها تتقدم الدول وترقى، وعلى رأس قائمة الدول فى تدنى التعليم الأساسى، وفى نسبة الإصابة بأمراض كثيرة خطيرة، وفى عدد الوفيات فى حوادث الطرق، وفى انتشار الجهل والخرافة والعشوائية مكاناً وفكراً؟! لم نقرأ أو نسمع لأحد من أعضاء البرلمان الجديد، سواء كانوا اللواءات المتقاعدين أو غيرهم، مستقلين كانوا أو حزبيين، كلاماً عن مقترحات واضحة ومحددة- لا شعارات وكلاماً مُرسلاً مكرراً- ينوون مناقشتها مع الحكومة تمس الأمور الحيوية الخاصة باقتصاد الدولة وإهدار المال العام والفساد الذى ينخر كالسوس فى أعماق الدولة، وعن ضرورة مناقشة ميزانية الدولة كلها، وبلا استثناءات بشفافية وأولويات توزيع بنودها، وغير ذلك من مواضيع يجب تناولها بتفصيل من قِبَل عقول خبيرة وشُجاعة. إن كل ما نسمعه منهم عبارات عائمة مُبهمة لا معنى لها، مثل تلك التى قالها هذا اللواء المتقاعد فى حواره «بأنه ضد تسمية مجلس النواب بالمعارض أو المسالم،

إنما هو مجلس المرحلة الخطيرة فى تاريخ مصر برسم سياسة أول الطريق لمصر الحديثة»! وختم حواره بكلام غريب قال فيه: «أنا أطالب العاملين فى الإعلام، سواء المرئى أو المطبوع، بألا ينتقدوا لمجرد النقد، وياريتهم يمسكوا مناصب تنفيذية ونشوفهم بعد شهر هيقولوا إيه.. أصل الكلام سهل»! هذا مثال لعقلية أحد نواب البرلمان من اللواءات الذين يتحدثون للشعب المصرى، كما لو كانوا يحكون حكايات للأطفال السُّذج، فيدغدغون مشاعر البسطاء بكلام عن أمنا الغولة التى تضمر لنا شراً، وكيف يجب أن نسخِّر كل الإمكانيات لنهزمها، لنعيش كما نحن الآن فى تبات ونبات ونخلف صبيان وبنات!! وبمناسبة خِلفة الصبيان والبنات، هل سمع أحد عضواً فى البرلمان يتحدث فى دعايته الانتخابية عن أم المشاكل، وهى الزيادة المنفلتة فى عدد السكان التى أصبحت خطراً داهماً على مستقبل هذا البلد؟ أيضاً هل سمعتم أحداً يلفظ بكلمة «الديمقراطية» التى يعتبرها معظمهم رِجساً من عمل الشيطان بحجة ما يحدث فى المنطقة حولنا، فى حين أن كل المصائب فى البلاد التى حولنا هى نتيجة حكم نظم ديكتاتورية فاسدة لعقود، سواء فى العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن! هذه موضوعات لا تثير اهتمامهم، فقد صرفوا أموالاً طائلة من أجل دعم الدولة وأمن الدولة بالأساس! قد يغضب بعض النواب من كلامى هذا، ولربما يقول لسان حالهم ما نقرؤه على بعض سيارات النقل «ماتبصليش بعين رضية وبص للى اندفع فيا»! هذه هى- على العموم- انطباعاتى وظنونى بمناسبة انعقاد الجلسة الأولى لبرلمان دعم الدولة وأمن الدولة.. ولعل ظنونى تخيب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية