x

عباس الطرابيلي البرلمان.. وحلم الانطلاق عباس الطرابيلي السبت 09-01-2016 20:54


هل هى صدفة أن يجتمع أول برلمان لثورة 30 يونيو فى نفس ذكرى اجتماع أول برلمان لثورة 19- فى شهر يناير- بل أن يواكب هذا الاجتماع ذكرى اجتماع آخر برلمان فى ظلال دستور 1923.. وكلها تمت وعُقدت فى شهر يناير؟! وهل هناك علاقة بين الثورة الأم «ثورة 19» والثورة الوليدة.. ثورة 30 يونيو.. أقول ذلك لأننى أراها كذلك، لأن كلتا الثورتين نبعتا من رحم الشعب، وهما الثورتان الأساسيتان فى تاريخ مصر الحديث.. الأولى شبَّت فى بدايات القرن العشرين، والثانية اشتعلت فى بدايات القرن الـ21، أى بينهما قرن كامل من الزمان.

مناسبة هذا الكلام أن مجلس النواب الجديد- ابن ثورة 30 يونيو- سيبدأ جلساته من صباح غد.. فيما يُعرف باسم «جلسة الإجراءات»، أى أداء الأعضاء اليمين الدستورية وانتخابات رئيس المجلس ووكيليه.. وتشكيل اللجان، وهى عصب عمل المجلس وعقله الحقيقى.. ثم نرى عقب ذلك خطاب رئيس الحكومة، ثم خطاب رئيس الجمهورية.. وكم نتمنى أن تنطلق الأمة عقب ذلك لتدخل البلاد ما نحلم به من استقرار يسمح لنا بإعادة بناء ما تم تدميره، وكاد أن يودى بالوطن المصرى كله.

ولاشك أن انتخابات هذا البرلمان الجديد هى أنظف انتخابات عرفتها مصر- بدليل عدم وجود طعن واحد فى نتائجها- وهى فعلاً نفس السمة التى توَّجت انتخابات أول برلمان عقب ثورة 19.. تماماً كما كانت انتخابات يناير 1950 واحدة من أكثر انتخابات مصر نزاهة.. وربما تقترب منهما تلك الانتخابات التى أجراها ممدوح سالم عندما كان رئيساً لحكومة مصر فى عهد الرئيس السادات.

نقول إننا نحلم بأن تدخل مصر عصر الاستقرار الحقيقى، بعد أن استكملنا خارطة الطريق بانتخاب هذا البرلمان.. وهذا لن يتحقق إلا بتوافق كل قوى السلطة فى مصر، من رئيس للجمهورية إلى برلمان قوى وقادر، ثم أيضاً حكومة تنفيذية قوية. وهنا كم نتمنى ألا يحدث أى صدام بين رئيس الجمهورية والبرلمان الجديد، وهناك تخوفات عديدة تثور هذه الأيام، ربما بسبب عدم وجود أغلبية واضحة لتيار واحد.. وواضح.

وهذا الاستقرار لن يتحقق إلا فى وجود استراتيجية واضحة للتنمية تقدمها الحكومة للبرلمان، وتلتزم هذه الحكومة بتنفيذها، هى وكل حكومة تجىء بعدها.. وألا تمسح أى حكومة قادمة أفكار وخطط الحكومة السابقة.. هنا يبرز دور البرلمان الذى يراقب ويحاسب دون أى مهاترات.. أو سعياً وراء مواقف عنترية.

وكم نتمنى أن يطول عمر الحكومة، أىّ حكومة، حتى تنفذ ما التزمت به فى برنامجها أمام البرلمان، حتى لا نصبح وطناً «لا تعيش له حكومة»، بل وأن يستكمل البرلمان مدته- هو أيضاً- وفى هذين الشرطين (استكمال الحكومة واستكمال البرلمان) أهم عناصر ما نسعى له من استقرار، وبدون «هذا الاستكمال» لن يتحقق ما تحلم به الأمة.. هنا- وهنا فقط - يمكننا أن ننطلق، وأن نعمل، ليس فقط الحكومة بكل جهازها الإدارى المترهل، ولكن أيضاً أن ننطلق نحن كلنا كشعب فى معركة حقيقية للعمل والإنتاج، وكفى ما ضاع من زمن- وما ضاع جد كثير- وبدون أن يعمل الشعب «عملاً حقيقياً» لا تنتظروا أى تقدم لهذا الوطن، وعلينا أن نعترف بأن أهم أسباب ما نعانيه من مشاكل هو تدنى معدل الإنتاج إلى حد مخيف، وهذا واضح من تزايد حجم ما نستورده، وانهيار حجم ما ننتجه.

فهل يكون البرلمان الجديد بداية لكل ما نحلم به؟.. وهل ننجح أمنياً فى تحقيق الأمان للناس، وأن نوقف ما يستهدفه الإرهاب من إمكانيات الوطن سواء على مستوى سيناء، حيث استنزاف متعمد لإمكانيات قواتنا المسلحة، أو على مستوى أمن المواطن فى أى مدينة أو قرية؟، وهذا أيضاً يؤدى إلى استنزاف كامل لثروات يجب أن تذهب لتقديم المزيد من الخدمات فى كل الاتجاهات.

الوطن كله يحتاج هذا الاستقرار، ويحلم بالأمان، حتى نتفق جميعاً على استراتيجية واضحة للتقدم فى التعليم والصحة والإسكان والطرق.. والأهم هذا لن يتحقق إلا من خلال إصرار كل المواطنين على العمل وعلى الإنتاج مهما كان الجهد المطلوب، لأنه بدون هذا الإنتاج- غير العادى- لن نتمكن من تحقيق أى شىء.

وهذا كله مرهون بعمل البرلمان الجديد، وتعامله مع باقى السلطات وليس تنافره معها، بل هذا هو ما يحلم به كل وطنى مخلص، وأن يصبح التعاون- والرقابة الإيجابية- هو طريقنا للوصول إلى هذا الاستقرار.. وإلى مواجهة القضايا التى يعانى منها الوطن.. وكله مرهون بأداء البرلمان الجديد ابتداءً من اليوم إن شاء الله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية