x

صبري غنيم صيام رئيسًا للبرلمان صبري غنيم الأربعاء 06-01-2016 21:30


- لم يخطئ القول القديم «لا يفتى ومالك فى المدينة»، فقد صدق هذا القول لأنه لا يجوز أن يتصدر رئاسة البرلمان إلا من هو أستاذ فى التشريع، فما بالك عندما يكون أبو التشريع وشيخ القضاة المستشار سرى صيام داخل البرلمان.. إذن هو الأحق بالمنصب سواء رضى أو لم يرض، ولأن تاريخه فى التشريع جعله جزءًا من تاريخ هذا الوطن فليس مقبولا منه أن يعتذر عن عدم الترشيح.. فالبرلمان فى حاجة إلى هذا الرجل لمكانته الرفيعة وحياته المتواضعة، رغم أنه ترك موقعه كشيخ لقضاة مصر وفضل أن يختم رحلته التشريعية فى صمت وينزوى بعيدا عن الأضواء، حتى لا يطوله غبار الزمن الردىء..

- فى رأيى أن عالمًا مثل المستشار العظيم سرى صيام وبوزنه التشريعى لا يجوز له أن يجلس بين صفوف الأعضاء كعضو ويترأس المجلس من هو أقل منه وزنا فى التشريع، حتى ولو كان أستاذا فى الجامعة، وهذا ليس انتقاصا من مكانة من يترشح للرئاسة فأكيد أنه أيضًا قيمة وقامة.. لكن المنصب يحتاج فى هذه المرحلة إلى أستاذ الأساتذة.. وكون أن العالم الجليل المستشار عدلى منصور اعتذر عن عدم عضوية المجلس فقد كان المجلس محظوظا بعضوية عالم لا يقل عنه وزنا هو المستشار سرى صيام الذى بعلمه وحنكته ورصيده يصبح أستاذ هذه المرحلة، يكفى أن ترؤسه للبرلمان يعطى لكرسى رئاسة المجلس شكلًا آخر على اعتبار أنه شيخ القضاة، ومن يقرأ سيرته الذاتية يعرف شخصية هذا العالم، فهو توأم للأستاذ الدكتور أحمد فتحى سرور فى العلم، حيث تربطهما عبقرية التدريس للقانون الجنائى وكل منهما موسوعة قانونية، فمثلا المستشار سرى صيام له كتاب عن الحبس الاحتياطى فى التشريع المصرى فى ظل الضمانات المستحدثة بالقانون، وكتاب عن الحماية القضائية لحقوق المتهم الإجرائية، ومدونة عن التقاليد البرلمانية منذ بدء الحياة البرلمانية فى مصر وحتى سنة ١٩٨٢ وموسوعة المبادئ الدستورية.. والذى لا يعرفه الكثيرون أنه يتمتع بشجاعة الرأى وله موقف مع صديقه الدكتور فتحى سرور الذى يعتز بزمالته وكثيرا ما كان يقدم له المشورة والرأى، وهو أول من نصحه بالخروج من المشهد بعد رئاسته للبرلمان أربع دورات كاملة، كل دورة منها خمس سنوات، وأذكر لقاء لهما فى باريس عقب تشكيل مجلس الشعب الأخير عام ٢٠١٠ فأبدى الدكتور سرور عدم ارتياحه وجاء رد المستشار سرى صيام لماذا تنتظر.. لو سألتنى عن رأيى لطلبت منك الخروج باستقالة علنية وفورية.. ضحك الدكتور سرور قائلا وهذا هو الذى حدث فقد طلبت من الرئيس مبارك الاعتذار عن موقعى أكثر من مرة ولكنه كان يتحجج بأن التوقيت غير مناسب.. هذا الحوار كنت شاهدا عليه فى مقهى «البوكيت» فى باريس، فقد كان المستشار سرى صيام وقتها هناك لحضور اجتماع لصفوة القانونيين.. والتقى بالدكتور سرور هناك ولا تتصوروا مدى إعجابى بصراحة المستشار صيام وهو يطالب الدكتور سرور بالاستقالة.. الرجل كان شجاعا وكأنه كان يقرأ الأحداث التى كانت على الطريق فى انتظار يوم ٢٥ يناير.. وهو لا يعلم بها..

- المقربون من المستشار سرى صيام يعرفون عنه أنه لا يجامل وزيرا ولا مسؤولا وأذكر أن التقيت به على طائرة مصر للطيران المتجهة إلى بيروت وجاء مكانى بجواره، وكان يجلس على شمالى الوزير بطرس غالى وحرمه.. ورحب الوزير بالمستشار سرى صيام وإذا بالوزير يقول له: لماذا لا تكون هناك حلول وسط فى عملكم، وكان المستشار صيام وقتها رئيسا لوحدة غسيل الأموال، فرد على الوزير قائلا: يا دكتور القانون لا يعرف الحلول الوسط، فالقانون قانون وطالما أنا فى هذا الموقع فلا مرونة ولا أنصاف حلول.. فتراجع الوزير وقال نعرف عنكم هذا وانتقل الحوار إلى موضوعات لا علاقة لها بغسيل الأموال.. استعرض غالى طموحاته كوزير للمالية وأنه سيعمل على تخفيض الجمارك عن المكونات الصناعية لتشجيع الصناعة المصرية.. وظل الحوار فى هذا الموضوع إلى أن هبطنا فى مطار بيروت وانصرف كل منا بطريقه..

- هذه هى شخصية شيخ القضاة الوقار فى الحوار.. الصراحة والوضوح، وهذا هو الذى نريده فى رئيس البرلمان، بجانب إثرائه للموقع بحزمة من التشريعات التى تصلح من حال هذا البلد.. لذلك أقول لأعضاء المجلس لا تتنازلوا عن التمسك بترشيح شيخ القضاة رئيسا للبرلمان.. المهم أن تنجحوا فى أن يعدل عن رأيه.. والله معكم ومعه..

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية