x

صلاح عيسي حتى لا نضل الطريق إلى المستقبل صلاح عيسي الجمعة 01-01-2016 21:06


بصرف النظر عن كثير من التفاصيل، التى قد يكون بعضها مهماً، وقد يكون بعضها الآخر تافهاً ولا قيمة له، فقد أصبح لدينا مجلس للنواب، يتولى سلطتى التشريع والرقابة، ويمارسهما اعتباراً من الأسبوع القادم.. وهذا - فى حد ذاته - خطوة مهمة فى الطريق إلى المستقبل، تستكمل بها الدولة المصرية أركانها التى كانت قد أوشكت على الانهيار، بسبب الفوضى التى شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية، لننطلق جميعاً فى بناء دولة ديمقراطية عصرية طبقاً للمعايير الدولية.

وهى خطوة تدعو للتفاؤل وللثقة فى قدرتنا، على أن نبنى ونشيّد ونحلم وننفذ، على الرغم من الظروف الصعبة التى أحاطت بنا، خلال السنوات الأربع الماضية وما سبقها، ومن عمليات التخريب المنظم التى مارسها - ويمارسها - هؤلاء الإرهابيون المختلون نفسياً وعقلياً، بدعم من حلف الأشرار الإقليميين والدوليين، فى محاولة يائسة، لقهرنا على أن نسلم لهم بالحق فى أن يقودونا إلى مستقبل مظلم يعود بنا إلى عصور الانحطاط.

وحتى لا نضل الطريق إلى هذا المستقبل، فقد آن الأوان، لأن نتذكر جميعاً، ونتبادل التأكيد على حقائق، ربما غابت عن أذهان البعض منا، فى زحام الأيام الصعبة التى عشناها، مما دفعهم للتوقف عند الحاضر أو للتمترس عند الماضى، من دون أن يربطوا بينهما وبين المستقبل، وقادهم إلى الخلط بين التفاصيل الصغيرة والتافهة.. وبين القضايا العامة، والأحلام الكبيرة.

آن الأوان، لأن نتذكر، ولكى نؤكد للرئيس عبدالفتاح السيسى، أننا استدعيناه، لكى يتولى رئاسة الدولة فى هذه المرحلة، ومنحناه الأغلبية العظمى من أصواتنا فى الانتخابات الرئاسية، لكى يحقق خلال فترة رئاسته الأولى، التى تدل كل الدلائل على أنها سوف تمتد لفترة ثانية، الحلم الأساسى لثورتى 25 يناير و30 يونيو، وهو بناء نظام حكم ديمقراطى عصرى، على أنقاض النظام الشمولى الذى كان قائماً، والذى أدى دوره - بإيجابياته وسلبياته - وانتهى عمره الافتراضى قبل سنوات من ثورة 25 يناير، وأن يزيل الآثار الجانبية الضارة للثورة وفى مقدمتها محاولة الجماعات الفاشية المتسترة بالدين للاستيلاء عليها، لتحقيق هدف الانتقال من الثورة إلى الدولة، والالتزام بحكم القانون والدستور، وإدارة عجلة التنمية، بحيث يهيئ الأوضاع - خلال فترتى رئاسته - لبناء دولة وطنية ديمقراطية عصرية، يقوم نظامها السياسى على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسؤولية مع السلطة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته.

تلك مهمة لا يستطيع إلا جاحد أو حاقد أو إرهابى أن ينكر أن الرئيس السيسى قد قام بخطوات مهمة فى سبيل تحقيقها، بصرف النظر عن بعض التجاوزات التى لم يكن من الممكن تفاديها بحكم الظروف الصعبة التى تحيط به وبالوطن وبالعالم.. وهى مهمة لا يستطيع الرئيس وحده أن يستكملها، دون التفاف المصريين حوله، ومساعدتهم له، وقيام كل منهم بالواجب الوطنى الذى تفرضه عليهم مسؤولية المواقع التى يشغلونها بتصديهم لكل أشكال الإرهاب والفساد والإهمال واستغلال النفوذ، وممارستهم حقوقهم السياسية بالانتماء للأحزاب والمشاركة فى الانتخابات العامة واختيارهم لمن ينوب عنهم فى المجالس التمثيلية على أسس موضوعية.. وممارستهم للحريات العامة التى كفلها لهم الدستور وتمسكهم بالحقوق العامة التى ضمنها لهم.. وعلى رأسها حرية التعبير والرأى والتجمع السلمى بأساليب قانونية.

آن الأوان لكى يتنبه أعضاء مجلس النواب الذين سوف يتسلمون سلطة التشريع والرقابة فى الأسبوع القادم، إلى أنهم فى بعثة داخلية، يتعلمون خلالها الديمقراطية على أسسها الصحيحة، ويقدمون خلالها نموذجاً لها يغرى الناخبين فى الانتخابات القادمة على ممارسة حقهم فى الانتخابات، وليسوا فى رحلة مدرسية يطبلون فيها ويهتفون ويلقون القصائد الركيكة فى مدح الحكومة، كما أنهم ليسوا فى أحد فصول مدرسة المشاغبين، يعارضون فى الفاضية والمليانية، ويقدمون حلقة من حلقات برامج التوك شو، وأن يثبتوا أن المشرع الدستورى لم يخطئ حين حوّل - فى التعديلات الدستورية لعام 2014 - النظام الدستورى من نظام مختلط شبه رئاسى إلى نظام مختلط شبه برلمانى، فمنح مجلس النواب سلطة أوسع مما كان لأسلافهم، وألا يبادر بعضهم باقتراح تعديل الدستور لكى يتنازل المجلس عن هذه السلطات لرئيس الجمهورية، ليس فقط لأن الرئيس سبق أن أعلن رفضه لذلك، ولكن- كذلك- لأن الدستور منح النواب هذه السلطات باعتبارهم وكلاء للأمة، ولم يمنحها لأشخاصهم حتى يتنازلوا عنها.

آن الأوان لكى يكف هؤلاء الذين ينطلقون من أن الظروف الحالية، هى أكثر الأوقات ملاءمة للضغط من أجل تحقيق المطالب أو الحصول على الامتيازات الفئوية، ويرفعون شعار «إن وقع بيت أبوك.. الحق خد لك منه قالب» وإذا كان من الضرورى، أن تضع الحكومة ويضع مجلس الشعب مطالب الفئات الأكثر احتياجاً فى صدارة أولوياتها، فمن الضرورى أن تدرك الفئات الأقل احتياجاً أن المهم والأكثر استقراراً أن عليها إذا كان «بيت أبوها» مهدداً بالوقوع أن تساهم فى ترميمه وفى دعم قوائمه، حتى تعود للإقامة فيه، لأن القالب الذى ستسارع فى انتزاعه منه، لن يبنى لها بيتاً، ولن يغنيها عن النوم فى العراء.

أما الشعار الذى يستحق أن نرفعه ونحن نستقبل العام الجديد فهو صيحة الكابتن غزالى، التى أضاءت ظلام الهزيمة والانكسار عام 1967 وهى «فات الكتير يا بلدنا ما بقاش إلا القليل».

وكل عام وأنتم بخير.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية