تبدو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كبؤرة لأحداث كبرى، عسكرية واقتصادية وسياسية، كلها تدور على أرض هذه المنطقة، وسط تدخلات نافذة لقوى دولية تتنافس بشكل محموم لحسم الصراع لصالحها، والبحث عن «حلفاء أقوياء». وسط هذا التنافس الدولى، تتحرك القوى الإقليمية لتجد لنفسها مساحة وسط ضجيج المعارك والصراعات، فى منطقة اختلط فيها نابل السلاح بحابل السياسة، وأصبح سكانها بين مطرقة الصراعات الدولية، وسندان التفكك الداخلى ومحاولات البحث عن مفهوم الدولة وتحقيقه على أرض الواقع.
فى هذا الجزء من الملف، يكتب اللواء أركان حرب، سيد غنيم، رؤية استراتيجية للمنطقة وطبيعة القوى التى تتحرك فيها دولياً وإقليمياً، وأهداف هذه القوى الاستراتيجية، وسيناريوهات المستقبل، وتشابك العلاقات بين دول المنطقة والقوى الدولية الفاعلة على أراضيها، هذه الرؤية تنشرها «المصرى اليوم» فى بداية عام جديدٍ يحمل إرثاً ضخماً من الأزمات التى توشك على الانفجار.
فى أغسطس 1990 خرج «جورج بوش» فى خطابه للشعب الأمريكى بمصطلح «النظام العالمى الجديد»، وخلال ربع قرن مضت حتى عام 2015 حدثت بالفعل تغيرات كثيرة فى العالم بدأت بانهيار الاتحاد السوفييتى وحربى الخليج (تحرير الكويت وغزو العراق) وحرب البلقان، وصولاً إلى ثورات الربيع العربى والتدخل العسكرى فى ليبيا وسوريا والعراق اليمن لانتشار الإرهاب وظهور تنظيم إرهابى مثل داعش.. كل ذلك تم فى ظل تحالفات أمريكية- أوروبية قوية وفعالة، تقابلها تحالفات عربية وإسلامية مشلولة لم تحقق أيا من أهدافها، وتحالفات أخرى نشأت مؤخراً كرد فعل فى محاولة متأخرة لمواكبة الأحداث.المزيد
لا شك أنه كان هناك فكر مُعلن كطرح مُسبق للإدارة الأمريكية يتضمن مبادئها وتصورها لشرق أوسط (ديمقراطى) كبير، يبدأ بإلغاء خرائط بداية القرن العشرين الاستعمارية لانتفاء الحاجة إليها بسبب المتغيرات القومية والطائفية الجديدة للبلدان المعنية بالتقسيم.. ولكنه كان يبطن اختيار وتهيئة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمنطقة استراتيجية عازلة تطلق نفوذها من خلالها، ويُطلق عليه «الشرق الأوسط الكبير»، معتمداً على الخلافات الطائفية والعرقية فى المنطقة وتوازن القوى لعدم هيمنة طرف بصفة مستمرة على الآخر، وبما يعيد تشكيل المنطقة جغرافياً من خلال التقسيم والاقتطاع والتوسع وبما يحقق التوازن الطائفى والعرقى.. واستراتيجية التقسيم وتقسيم المُقسم ليست بجديدة على أمريكا فقد أتمتها بنجح من قبل مع الاتحاد السوفييتى ومع بعض دوله من بعد انهياره.المزيد
انطلقت ببعض الدول العربية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثورات تعلن فى مبادئها عن أهداف نبيلة، تلك التى أطلقت عليها أمريكا ودول الغرب «ثورات الربيع العربى».المزيد
الآن وبعد رؤية هذا المشهد المرتبك والملىء بالتناقضات، قد نخلص بتهديدات رئيسية تعتبر عاملاً حقيقياً يساعد على ما سبقالمزيد
لم تستطع الثورات أن تحقق نتائجها المرجوة لتتحول الأمور ببلادها، ما بين الصراعات المسلحة نتيجة للانقسامات السياسية الحادة غير القابلة للتوافق والتى عادة ما تكون عرقية أو طائفية.. وبين الإرهاب حيث أفرزت تنظيمات وجماعات إرهابية مسلحة تنتهج الفكر العقائدى.المزيد
لم تتمكن جميع ثورات الربيع العربى من تحقيق أهدافها المرجوة، وأدت نتائجها جميعاً إلى توغل الإرهاب الطائفى فى بلادها. ولم تستطع شعوب المنطقة مجابهة تحديات نتائج الثورات ولا استكمال تحقيق أهدافها.