x

«الذئاب المنفردة» جيش «داعش» يهدّد عواصم العالم

الخميس 31-12-2015 23:03 | كتب: عنتر فرحات |
تحالفات الإرهاب تحالفات الإرهاب تصوير : اخبار

باتت ظاهرة الذئاب المنفردة التحدى الأكبر للأجهزة الأمنية بعد أن نجحت فى شن عدة هجمات إرهابية كبرى فى فرنسا متمثلة بهجومى «شارلى إيبدو» فى يناير الماضى وباريس فى نوفمبر الماضى، بجانب الهجوم الدامى فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وقبلها الهجوم على الرهائن فى أستراليا، والأجانب فى تونس وغيرها من الهجمات، وما يمثل الهاجس الأكبر هو عدم ارتباط تلك الذئاب بتنظيمات إرهابية بشكل جلى، وإن كانت تتبنى نفس الفكر الإرهابى ونفس آليات التنظيمات المتطرفة فى هجماتها وبخاصة تنظيم «داعش» ومن قبله «القاعدة».

ومصطلح «الذئاب المنفردة» ليس جديداً على الجماعات المسلحة، حيث تنسب إليها استخبارات أجنبية القيام بعمليات «إرهابية» فى دول متفرقة، اقتناعاً بفكر «القاعدة» قبل أعوام وتنظيم «داعش» حالياً، كان منها هجمات على مساجد فى السعودية والكويت. المصطلح يشير إلى تكتيك تستخدمه الجماعات المسلحة حين تشتد الرقابة عليها، نظراً لقوة الدول ويقظة أجهزتها الأمنية، فيصعب عليها العمل بطريقة جماعية منظمة. وتزيد الصحيفة من مخاوف الأوروبيين والأمريكيين من تشجيع المتطرفين الإسلاميين على القيام بمثل هذه الأعمال المنفردة بدلا من العمل بشكل جماعى لتنفيذ هجوم ما.

وتؤكد هجمات «الذئاب المنفردة» نجاح التنظيمات المتشددة فى تجنيدها أفرادا لا يمكن أن تتوقع جهة إمكانية أن يقوم المنفذ بتفجير نفسه، أو القيام بعمل متطرف قبل ذلك، هو ما يزيد من صعوبة الخطط الأمنية التى تتبناها الدول فى الحد من انتشار التنظيمات الإرهابية أو الخلايا.

ويسعى «داعش» إلى تعميم ظاهرة «الذئاب المنفردة»، فى تحول كبير يتطلب خطط مكافحة الإرهاب حول العالم للتكيف معه والتى تتنوع بين مراقبة الحسابات والتحويلات المصرفية، ومراقبة المكالمات الهاتفية ووسائل التواصل الإلكترونية، واختراق التنظيمات الإرهابية، ويهدف من ذلك إلى تخفيف الضغوط عليه فى معقله بالعراق وسوريا. وقال الخبير فى قضايا الإرهاب الرقمى، جيف باردين إن «داعش» يجند شهرياً أكثر من 3400 عنصر عبر حملات إلكترونية غاية فى التنسيق.

بينما أكدت دراسة إماراتية أن التنظيم يمتلك أكثر من 90 ألف صفحة على موقعى فيسبوك وتويتر باللغة العربية، و40 ألفاً بلغات أخرى، بما يوسع من قدرات التنظيم على شن هجمات دون أن تتمكن الدول الغربية من تتبع تحركاتهم.

ويتحول الذئب المنفرد بحسب الخبير المغربى سليم بلمزيان، من الحالة الخامدة إلى الحالة الهجومية فى أى لحظة، بشكل يجعل من المستحيل تعقبه قبل أن يقرر القيام بعمل إرهابى، كما حدث فى هجوم باريس الأخير وهجوم كاليفورنيا، ويشبه خبراء تلك الحرب بأنها أشبه ما تكون بحرب «العصابات» من خلال نشر فكرة إرهابية ينفذها شخص أو مجموعة أشخاص.

وفى أعقاب الهجوم الإرهابى الذى نفذه مسلحان على مركز جارلاند فى ولاية تكساس قال وزير الأمن الداخلى فى الولايات المتحدة جيه جونسون «نحن بالتأكيد فى مرحلة جديدة من تهديد الإرهاب العالمى، حيث يمكن لما يسمى الذئب المنفرد أن ينفذ هجوماً فى أية لحظة». وقال مدير مكتب التحقيقات الفيديرالى «إف بى آى» جيمس كومى إنه يُقدّر أن «داعش» حشد الآلاف من الأتباع عبر الإنترنت داخل الولايات المتحدة، ومع تبنى «داعش» هجومى تكساس وكاليفورنيا إلا أن وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر اعتبر الهجوم «مستلهماً» من تنظيم «داعش» وليس موجهاً من التنظيم، بناءً على نتائج التحقيقات. وهو ما يتوافق مع فكرة الذئاب المنفردة، فيما شكل هجوم كاليفورنيا الأخير والذى راح ضحيته 14 شخصا ونحو 20 مصابا، ونفذه سيد فاروق مع زوجته الباكستانية تاشفين مالك والتى بايعت أبوبكر البغدادى زعيم «داعش»، وأعلن التنظيم أن المنفذين موالون له.

ومن تلك الهجمات قيام المواطن الكندى مايكل زحاف بيبو، الذى تحول إلى الإسلام، بقتل جندى وإطلاق النار داخل البرلمان فى العاصمة الكندية أوتاوا. ومن أبرز الهجمات قيام الرائد فى الجيش الأمريكى نضال حسن (نوفمبر) 2009 بفتح النار فى قاعدة فورت هود العسكرية فى ولاية تكساس وقتل 13 شخصاً وأصاب العشرات. وفى مايو 2010 قام فيصل شاه زاد بمحاولة فاشلة لتفجير سيارة مفخخة فى ساحة «تايمز سكوير» فى نيويورك.

ويندرج هجوم متحف بارودو التونسى الذى راح ضحيته 18 شخصا تحت مصطلح الذئاب المنفردة الذى تبناه «داعش» ومن بعده الهجوم على السياح فى ساحل سوسة التونسى والذى راح ضحيته 38 سائحا غالبيتهم بريطانيون، كما يندرج تحت تلك الظاهرة هجوم سيدنى الذى نفذه المهاجر الإيرانى مان هارون مونيس، الذى احتجز عشرات الرهائن فى مقهى بسيدنى فى ديسمبر الماضى، وكان يعانى من اضطرابات نفسية.

إلا أن أخطر هجوم لما يعرف بـ«الذئاب المنفردة» يتمثل فى هجمات باريس الأخيرة التى طالت مسرح باتكلان واستاد فرنسا الدولى ومواقع أخرى، وأسفرت عن مقتل 129 شخصا وإصابة العشرات، وبينما تبنى «داعش» الهجمات، إلا أن منفذيها شكلوا تطورا محوريا فى هجمات الذئاب المنفردة من حيث الأسلحة المستخدمة وما كان بحوزتهم من أسلحة فى منازلهم وطريق اختيار الأهداف الأكثر اكتظاظا بالسكان، ونفذ الهجمات شبكة من 8 أفراد بينهم انتحارية زوجة أحدهم، وقادهم عمر إسماعيل مصطفاوى (29 عاما) تم التعرف إلى هويته من بصمات أصبعه المبتور، وهو فرنسى صاحب سوابق، وإبراهيم عبدالسلام أباعود العقل المدبر للهجمات وهو بلجيكى من أصل مغربى قتلته الشرطة الفرنسية فى مداهمة بعد الهجمات.

ويعتبر أول من نظر إلى فكرة «الذئاب المنفردة» فى أوساط الجماعات المتطرفة هو أبومصعب السورى الشهير بـ«مصطفى الست مريم»، فى كتابه الضخم «دعوة المقاومة الإسلامية العالمية» عام 2004 فى إطار ما سماه «الجهادى الفردى»، بينما رصدت مجلة «إنسباير» الإلكترونية عن «تنظيم القاعدة» فى اليمن وصفة إرهابية بعنوان: «كيف تصنع قنبلة فى مطبخ أمك؟»، داعيةً المتعاطفين فى الدول الغربية إلى القيام بهجمات إرهابية فردية، واتجه «داعش» إلى هذا التكتيك إثر تشكل التحالف الدولى ضد مواقعه فى سوريا والعراق إذ دعا أبوبكر العدنانى، المتحدث باسم التنظيم، المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا دول التحالف فى أى مكان، وفى منتصف نوفمبر 2014 دعا زعيم «داعش» أبوبكر البغدادى إلى استهداف المواطنين الشيعة فى السعودية وأفراد الأسرة المالكة ورجال الأمن عبر خطابه على استخدام مصطلح «الذئاب المنفردة».

وتوعد «داعش» عبر مقطع من إصدارات مؤسسة «دابق» الإعلامية بعنوان «الذئاب المنفردة جيش الدولة الإسلامية»، ما أطلق عليهم «عباد الصليب» بمواجهة حرب جديدة تنسف كل مخططاتهم وتكشف حقيقتهم وتحول بينهم وبين ما يريدونه بالدولة الإسلامية، على أن تكون رأس الحربة فيها «الذئاب المنفردة».

وتصف صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية ظاهرة «الذئاب المنفردة» بـ«الكابوس الجديد»، بينما تعتبر صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية منع «الذئاب المنفردة» من ارتكاب «أعمال إرهابية» يمثل التحدى الأكبر للأجهزة الأمنية فى الغرب. ورصدت الأشكال التى يمكن أن تقوم بها «الذئاب المنفردة» بعملياتها ومنها زرع قنابل ذاتية الصنع فى أماكن مختلفة، أو شن هجوم فردى بالسلاح كما فعل اليمينى المتطرف أندريه بريفيك فى النرويج عام 2011 وأدى إلى مقتل العشرات احتجاجا على سياسة بلاده فى مسألة هجرة الأجانب إليها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية