فى يوم من الأيام تعرض خالى لكارثة فى شكل اتهام باطل. لاقاه وهو خارج البلاد. كان ذلك عام 1977. لم تكن موضة منع السفر وترقب الوصول قد شاعت كما نراها الآن. كان التخاطب أيامها «بالتلكس» فى أحسن الأحوال. أرسلت له رسالة كلها تفاؤل لأرفع من روحه المعنوية.
رد على رسالتى برسالة أخرى لها الغرض نفسه. هو رفع روحى أنا المعنوية. لا أتذكر المضمون كله. أتذكر جملة واحدة فيه. جملة لا تغادر ذاكرتى.
قال: «سنضحك غداً ونسعد إن شاء الله. بعد أن يظهر الحق. فلماذا لا نضحك اليوم ونسعد». عاد الخال بعد ذلك. مكثنا بين المحاكم لمدة عامين. حتى ظهر الحق وتم رد الاعتبار وتقديم الشكر للرجل من المحكمة ذاتها. فى خلال هذين العامين رزقنا الله بما لم نحتسبه أو نطمع فيه من رزق وفير.
هذه قصة خاصة لا تهم أحداً. ولكن لو أَمْعَنَّا فيها النظر لخصت كل شعب مصر. من فقرائه ومحتاجيه إلى كبار مستثمريه. إلى الدولة ذاتها.
لو كان فى يقيننا أن مصر تستطيع. كما استطاعت دول أخرى. لو حمدنا ربنا أنه ليس هناك ما يمنعنا من أن نستطيع. ليست لدينا حروب أهلية أو احتقانات من أى نوع. نعم لدينا بعض بؤر الإرهاب. كانت دائما موجودة. الجديد أننا اليوم نواجهها لنقضى عليها تماما. لا توجد لدينا فئة تشكو وتئن وفئة تمرح. الجميع يشكو. من الرئيس لأصغر مواطن.
إذاً القضية واحدة. الحل هو خطة. خطة «خروج» من هذا الوضع. خطة طُبِّقت كوصفة طبية نجحت على آخرين. يماثلوننا فى الشبه والظروف. لذلك لن نأتى بالوصفة من السويد أو كندا. إذاً فعلينا أن نجد شبيهاً. هذا حرفياً ما طبقته دبى على خطى سنغافورة. لدينا الشبيه هو من ماليزيا. وضعوا خطة لمدة عشر سنوات. نقلدهم. تقليد نقل مسطرة. كيف وضعوها. كيف يتابعونها. كيف يعلنون عن نتائجها. كيف حددوا أهدافها. ثم نتأكد بعد ذلك أننا سنضحك غداً. لن تفيدنا خطب. لن يؤثر فينا وعيد. لن نطمئن أبداً إلا بخطة طريق اقتصادية تحل كل مشاكلنا. خطة كخطة الطريق السياسية.
«غداً» نقول كيف وضعوا الخطة هناك.