x

شوقي السيد تفرغ النواب.. لمهام العضوية!! شوقي السيد الأربعاء 30-12-2015 21:25


■ لأول مرة، منذ قرابة نصف قرن من الزمان، وتحديداً منذ دستور 1971، وبعدها أيضاً دستور الإخوان، لأول مرة وعلى خلاف ما سبق، أوجب الدستور الجديد بنص المادة 103 تفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية، واحتفاظ العضو بوظيفته أو عمله وفقاً للقانون، وبهذا الالتزام الدستورى الجديد يتعين على جميع أعضاء مجلس النواب التفرغ لمهام العضوية وهو التزام يلزم جميع النواب دون استثناء، كما صدر قانون مجلس النواب ليؤكد هذا الالتزام بالمادة 31 فأوجب التزام النواب بالتفرغ، وأضاف أنه إذا كان العضو من العاملين بالدولة، أو القطاع العام، أو قطاع الأعمال العام، يحتفظ له بوظيفته، وأحقيته فى تقاضى راتبه من عمله وكل ما كان يحصل عليه يوم اكتسابه العضوية من بدلات أو غيرها طوال مدة العضوية.

■ وحتى نقف على محاسن ما أتى به الدستور الجديد، نتذكر ما كان يحدث سابقاً، فى ظل دستور 1971 عندما كان يترشح الوزراء وهم فى وظائفهم.. وغيرهم من كبار العاملين بالدولة ويستمرون فى سلطاتهم ومواقعهم أثناء الترشح.. ومعهم جميع الصلاحيات والسلطات يخوضون الانتخابات مستمدين قوة السلطة وإمكاناتها فى مواجهة باقى المرشحين، والنتيجة الحتمية الفوز بنجاح ساحق، رغم إرادة الناخبين، وبعدها يصبح عضو الحكومة أو المسؤول فيها، نائباً فى البرلمان لتراقب الحكومة نفسها فى ذات الوقت، وهى حالة من التناقض البين، إذ يجمع النائب بين سلطات الوظيفة وصفة العضوية، ويتقاضى راتبه وجميع المزايا ويمارس سلطاته وهو تحت قبة البرلمان رغم أن نصوص الدساتير السابقة منذ الخديو توفيق عام 1882 وبعدها فى دساتير 23، 56، 58، 64 كانت تؤكد على عدم الجمع بين الصفة النيابية.. والوظيفة العامة!! وقد أتى قانون مجلس النواب الحالى ولأول مرة بنص المادة 11 ليحظر ترشح الوزراء وأعضاء الحكومة أو نوابهم أو المحافظين إلا بعد استقالتهم، فإذا تم تعيين أحد النواب وزيراً فله حق الاختيار، لأنه قد صار محظوراً عليه الجمع بين الصفة النيابية والسلطة.

■ وبهذا أسدل الدستور الجديد الستار على معظم هذه الخطايا والموبقات السابقة، إذ أوجب الدستور الجديد على جميع الأعضاء التفرغ، أما الاحتفاظ بالوظيفة أو العمل فيكون وفقاً للقانون، ليباعد بين مهام العضوية وسلطات الوظيفة، بالتفرغ لعضوية مجلس النواب، طيلة عضويته، وهو التزام يلزم جميع النواب دون استثناء، فإذا كان عاملاً فى الدولة أو قطاع الأعمال العام أو القطاع العام يظل محتفظاً بعمله.. وجميع راتبه وبدلاته، مع حظر معاملته معاملة متميزة، واللافت للنظر أن صياغة النص الدستورى تكشف عن حكمة النص فلم تقف عند حظر الجمع بين سلطات الوظيفة ومهام العضوية فقط، وإنما ألزمت النواب بالتفرغ لمهام العضوية من باب تقدير جسامة مهام العضوية ذاتها التى تقتضى تفرغ العضو لمسؤوليات النيابة، ليتسنى له الدراسة والبحث والمشاركة بجدية ومسؤولية، ويتساءل البعض عن نص القانون الذى قصر الحكم الخاص باحتفاظ موظفى الدولة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام وحدهم بوظائفهم دون غيرهم من باقى أعضاء البرلمان، من أصحاب الوظائف والعمل فى شركات ومؤسسات خاصة.. أو ممارسة المهنة الحرة، وما إذا كان ذلك من شأنه أن يخل بمبدأ التفرغ أو الاحتفاظ بالعمل، وإلا وقع فى إخلال بعدم المساواة بين الأعضاء الذين أوجب القانون عليهم التفرغ.. جميعاً دون استثناء.

■ تساؤل مهم.. خاصة إذا كانت الحكمة من التفرغ الأداء الجاد والبحث، وأن مقصود النص واحد لجميع النواب، والسؤال الأهم من يدفع للنائب راتبه أو بدلاته إذا كان فى عمل خاص أو يمارس مهنة حرة.. خاصة إذا كانت الحكمة منع استغلال صفة النيابة أثناء ممارسة العمل الخاص أو الأعمال المهنية، وهو ما كانت تشير إليه الدساتير القديمة وقوانين الانتخاب منذ عام 1913 وما بعدها، حتى لو كان الدستور والقانون، قد جمع ضمانات أخرى فى شأن عدم جواز الجمع بين العضوية والإدارة.. وحظر إجراء معاملات مع الحكومة أثناء مدة العضوية ومنع تضارب المصالح وتنظيم شراء الأسهم والحصص والقروض.. فضلاً عن الإفصاح من ذوى المهن الحرة، كل ذلك مع تقديم إقرار ذمة مالية عند شغل العضوية.. وفى نهاية كل عام وعند انتهاء مدة العضوية!!

■ وإذا كانت تلك النصوص الجديدة، سنة حسنة، تعلى مبدأ الشفافية والطهارة والبعد بالنواب عن مظنة الشبهات.. أو استغلال الصفة النيابية، وهو ما كانت تحرص عليه الدساتير منذ عهد الخديو توفيق (دستور 1882)، لتوفر ضمان الاستقلال والجدية لموظفى الدولة، بالمادة 3 «أن الموظفين من أعضاء المجلس مطلقو الحرية وليسوا مرتبطين بأى أوامر أو تعليمات تصدر لهم تخل باستقلال إرادتهم ولا بوعد أو وعيد يحصل لهم»، وكذلك دستور 1923 وقد اشترط عدم جواز الجمع بين الصفة النيابية والوظيفة العامة.. ومن بعده دستور 1930 إذ قرر ذات الحكم بالمادة 76 ودستور 56 بالمادة 114 بأنه لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الأمة وتولى الوظائف العامة، وكذلك الحال فى دستور 58 بالمادة 40 ودستور 64 بالمادة 96، وهى نصوص متواترة تباعد بين عضوية المجلس.. وبين الوظيفة، وتشترط تفرغ النائب لعمل المجلس، حتى النواب من أصحاب الأعمال الحرة، كانت تتطلب تواجد مقر عملهم بالقاهرة، حتى تضمن حضور الجلسات والقيام بمهام العضوية.

■ لكن دستور 1971 طالعنا على خلاف كل القواعد السابقة، ليقرر ولأول مرة خلافاً لكل السوابق بجواز الجمع فى الحالات التى يحددها القانون وكذلك دستور الإخوان من بعده بالمادة 84، وأتت تلك النصوص لتفتح الثغرات على قاعدة التفرغ وانقلب الاستثناء أصلاً، تحت ستار ما يسمى بالمصلحة العامة، وموافقة مكتب المجلس، من مديرى الجامعات والأعضاء ومن فى حكمهم، وكذلك شاغلو الإدارة العليا باستثنائهم من التفرغ والجمع بين الوظيفة والصفة النيابية، وهو ما أدى إلى إهمال مسؤوليات مهام صفته النيابية، ومسؤوليات الوظيفة العامة فى ذات الوقت، فضلاً عن عدم جدوى الرقابة.. فسمحت بالجمع وعدم التفرغ!!

■ وإذ قرر الدستور قاعدة عامة تسرى على جميع النواب بالتفرغ لمهام العضوية.. وأن الاحتفاظ بالوظيفة وتقاضى الراتب والبدالات مقصور على النواب العاملين فى الدولة أو القطاع العام أو الأعمال العام وحدهم!! وهو ما من شأنه أن يضاعف مسؤوليات عضو البرلمان ومهام العضوية للإجادة وتحمل المسؤولية.. لأن النائب ومنذ دستور 7 فبراير 1882 عهد الخديو توفيق، هو وكيل عن عموم الأمة المصرية وليس نائباً عن دائرته فقط!!

■ حضرات النواب ماذا أنتم فاعلون أمام الالتزام الدستورى بالتفرغ لمهام العضوية والقسم على احترام الدستور، وماذا سيكون عليه حال المجلس تجاه إخلال العضو بواجبات العضوية، ومنها عدم التفرغ وبما يستتبع إسقاط العضوية حتى لو تطلب الأمر إصدار قرار من ثلثى أعضائه، خاصة بعد أن أسُـدل الستار على قاعدة سيد قراره، وأصبح المجلس لا يتأبى فوق المساءلة!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية