x

شوقي السيد حقوق المواطن فى رقبة مجلس النواب!! شوقي السيد السبت 19-12-2015 22:06


■ عندما ينحاز دستور الثورة إلى الأغلبية الساحقة من المواطنين، وإلى حقهم فى العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ويتجلى هذا الانحياز فى مفردات الديباجة التى قدم بها لمواده، والتى جمعت المقومات الأساسية للمجتمع، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، وفى مواد الحقوق والحريات وسيادة القانون، حيث بلغت تلك المواد وحدها (مائة مادة بالتمام والكمال)، نحو نصف مواد الدستور كله، تأكيداً لحق المواطن فى الصحة.. والتأمين الاجتماعى.. والتعليم والبحث العلمى.. وتحقيق الرخاء والعدالة الاجتماعية.. ورفع مستوى المعيشة.. وتقليل معدل البطالة.. والقضاء على العنف.. وتحفيز القطاع الخاص.. والتزام الدولة ببرنامج سكنى.. وحماية الثروات الطبيعية للبلاد والحق فى الغذاء والسكن.. ورعاية الشباب والرياضة والمصريين فى الخارج.. فضلاً عن الحقوق السياسية والتعبير وغيرها من الحقوق والحريات الأساسية، كل ذلك صار التزاماً على الدولة بحكم الدستور الذى وافق عليه الشعب فى استفتاء عام، يومى 14 و15 يناير، وصار وثيقة وعقدا اجتماعيا بين المواطنين والدولة اعتباراً من 18 يناير من العام الماضى 2014.

■ وعندما يحظى مجلس النواب، باعتباره نائباً عن الشعب، بسلطات عظيمة فى الدستور، بلغت وحدها 38 مادة، واختصته بإقرار السياسة العامة للدولة، وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورقابة موازنة الدولة وحساباتها الختامية، وممارسة سلطة التشريع التى من شأنها أن تحقق تلك السياسة، وسلطة الرقابة على الحكومة بأشكالها المتعددة، من طلب الإحاطة والاستجواب والأسئلة وطلبات المناقشة والاقتراح برغبة، كل ذلك سيحقق الأهداف التى التزمت الدولة بتحقيقها قبل المواطنين.

■ وعندما تصل تلك السلطات الكبيرة التى خولها الدستور لمجلس النواب فى إقرار السياسة والخطط الاقتصادية والاجتماعية وفى باب الرقابة على الحكومة ومساءلتها- لتحقيق تلك السياسات والخطط التى ألزمها الدستور بتحقيقها، وحدد لها ولأول مرة نسبة من الناتج القومى الإجمالى، كحد أدنى، وصار على مجلس النواب ولأول مرة، وخلال ثلاثين يوماً، مناقشة برنامج الحكومة والموافقة عليه أو رفضه بمناسبة منح الثقة فى الحكومة أو سحبها، وحقه فى اختيار رئيس للحكومة من حائزى أكثرية المقاعد بالمجلس، فضلاً عن حق المجلس فى سحب الثقة من الحكومة، أو عندما يرى الرئيس إعفاء الحكومة من أداء عملها أو إجراء تعديل وزارى- فإن ذلك صار مقيداً بموافقة أغلبية المجلس.

* وعندما تصل سلطات مجلس النواب إلى حق المجلس فى توجيه الاتهام إلى رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، أو الاقتراح بسحب الثقة حتى لو كان ذلك فى أحوال وإجراءات معينة، فإن مثل هذه السلطات تجعل من المجلس مسؤولاً عن ممارستها، تماماً كما هو مسؤول عن إقرار السياسة العامة للدولة.. والخطة الاجتماعية الاقتصادية، وفى سبيل ذلك كانت الرقابة على الحكومة باعتبارها الهيئة التنفيذية والإدارة العليا للدولة، ورقابة الموازنة والحساب الختامى، وإصدار التشريعات التى تحقق تلك الأهداف.. ونتاج ذلك كله مسؤولية مجلس النواب عن حصاد مباشرة سلطاته وصورها فى تحقيق نتائج ملموسة من تلك الرقابة، من أجل حقوق المواطنين.

■ كل ذلك يجعلنا أمام حقيقة مؤكدة، أن مجلس النواب، منذ اليوم الأول لبدء الانعقاد وأداء القسم، مسؤول أمام الشعب بحسبانه ممثلاً له ونائباً عنه فى إنجاز حقوق المواطن التى أقرها الدستور، ويأتى فى الأولوية منها تصويب الاختلال بين الهياكل الاجتماعية تحقيقاً للعدالة، ورعاية الطبقات الأكثر احتياجاً وفقراً ورد الاعتبار إلى الطبقة المتوسطة التى اختفت، لتعيد تلك الطبقة الأمان للمجتمع والتى ليس لها من هدف سوى سيادة القانون والعيش فى أمان بعيداً عن الصراعات، ولن يتحقق ذلك بالكلام أو الشعارات أو الخطب، وإنما يجب أن يكون واقعاً مستهدفاً بالنتائج والأعمال.

■ وطريق ذلك لن يتحقق إلا بالدراسة.. والخبرة والوطنية، ولن يتحقق بالصراعات، أو الانشغال بالاستئثار بالأغلبية أو تبادل الاتهامات، أو ادعاء البطولات الزائفة، أو محاولة التلميع الورنيشى، لأن ذلك كله لن يحقق إلا مزيداً من الجهل والبطالة والقهر والفقر، واشتعال الصراع فى المجتمع، ولم يعد مقبولاً من مجلس النواب بعد تلك السلطات الكبيرة التى قررها له الدستور أن يغسل يديه ويقول هذا ذنب الحكومة، بعد أن أصبحت السلطة التشريعية فى الدستور صاحبة اليد الطولى المسؤولة عن حقوق المواطنين والطبقات التى انحازت لها نصوص الدستور الجديد، لتحقيق العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وأصبحت حقوق المواطن فى رقبة مجلس النواب، فهل ينتبه السادة النواب إلى مسؤولياتهم الجسام، ويبتعدون عن الشقاق والخلاف والصراع، وينصرفون إلى الدراسة والنقاش وطلب العلم والمعرفة لتحقيق مطالب الناس وحقوقهم، والناس من ورائهم منتظرون!! بعد أن صارت تلك الحقوق فى رقبة مجلس النواب؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية