x

«نظرة»: حوادث اغتصاب معلمات تعكس غياب الحماية وآليات المحاسبة

ورقة عمل: القوانين تعزز «الثقافة الأبوية» التي تعاني منها العاملات
الإثنين 28-12-2015 14:17 | كتب: صفاء سرور, وائل علي |
اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية  - صورة أرشيفية اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية - صورة أرشيفية تصوير : آخرون

طالب مركز «نظرة» للدراسات النسوية، الدولة بطرح وتفعيل سياسات تضمن حق النساء العاملات في عدم التعرض للتمييز على أي أساس، مع طرح آلية تضمن المحاسبة والمساءلة لمرتكبي جرائم التمييز أو المعاملة التعسفية أو جرائم العنف الجنسي ضد المرأة، سواء من قبل فاعلي الدولة أو الأفراد بالمجتمع، وإلحاق الوصمة بمرتكب الفعل بدلاً من الناجية، منتقدًا ما اعتبره «تعزيز» من نصوص القوانين المصرية لـ«الثقافة الأبوية».

وأصدر المركز، الإثنين، ورقة عمل أصدرها بعنوان «العلاقة بين غياب السياسات وتعرض العاملات لجرائم العنف الجنسي»، استهلها بالكشف عن أن الأشهر الماضية «شهدت أكثر من واقعة اعتداء جنسي جماعي واغتصاب لمعلمات، بمناطق ومحافظات مختلفة سواء أثناء أداء عملهن، أو أثناء انتقالهن من منطقة لأخرى، حيث يضطررن إلى التنقل من خلال طرق غير آمنة ونائية، ويكن عرضة للاعتداء إما من سائقي الميكروباص أو التوك توك، بينما تخاذلت القوات الأمنية في القبض على الجناة في واقعة، واستطاعت القبض عليهم في وقائع أخرى».

وأشار «نظرة» إلى أن العامل الواضح في تلك الوقائع هو «غياب اتخاذ تدابير وإجراءات من شأنها توفير الحماية للمعلمات أثناء تنقلاتهن، أو غياب سياسات من شأنها توفير التدابير اللازمة التي تضمن حقهن في سلامتهن الجسدية في المقام الأول»، وإلى أن الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة التي أعلنت في 7 مايو الماضي «لم تحد من الجرائم المشار إليها فيما تقدم».

واعتبر «نظرة» أن حوادث الاعتداءات الجنسية «تُظهر العديد من الإشكاليات المتعلقة بغياب السياسات اللازمة التي من شأنها مناهضة التمييز والعنف ضد النساء العاملات، وتعكس غياب تلك السياسات الثقافة الأبوية المتعلقة بعمل النساء، أو عدم تقبل عملهن بالأحرى بشكل جاد».

وسردت ورقة العمل، بعض تلك الوقائع التي «تناولتها جرائد إلكترونية» حول تلك الجرائم، بالقول «شهد شهر مايو الماضي، واقعة اعتداء جنسي جماعي لمعلمة بمدرسة في محافظة الجيزة، من قبل طلبة رفضت المعلمة الناجية السماح لهم بالغش في امتحان مادة الدين، وبالرغم من استطاعة باقي المعلمين من التدخل بعد أن قاموا الطلبة بتقطيع ملابسها بعد استغاثة طلبة آخرين، إلا أن الضباط الذين تم الإستعانة بهم رفضوا أخذ أية إجراء أو حتى المجيء إلى المدرسة، متحججين بأن المنطقة التي تقع بما المدرسة، منطقة الكُنيسة لا يدخلون لها».

وتابع المركز النسوي سرد الواقعة «وحينما حضر في اليوم التالي مدير المنطقة التعليمية، مصطحبا معه ضابط ومجندان، صفع الضابط أحد الطلاب الذي اشترك في الواقعة واكتفى مدير المنطقة التعليمية بالقول للطالب بألا يكرر فعله مرة أخرى».

وذكر «نظرة» واقعتين أخريين في محافظتي الأسكندرية والمحلة، «تعرضت معلمة مقيمة بدائرة بالعامرية للاغتصاب من سائق ميكروباص ومرافقه بإحدى الزراعات، بعد انتهاء اليوم الدراسي. وفي السياق نفسه، تعرضت معلمة للاغتصاب وسط الزراعات بمدينة المحلة أثناء سفرها من القاهرة إلى بلدها لزيارة عائلتها، من سائق التوك توك ومن كان يصطحبه بجواره».

واعتبر المركز النسوي القانون المصري «يعزز من الثقافة الأبوية التي تعاني منها العاملات، سواء كن معلمات أو شاغلات لمناصب حكومية أو أية وظائف أخرى، حيث يسلب الإرادة للنساء ويضع شروط لعملهن متعلقة بأوقات العمل، أو حتى المناصب التي يسمح القانون لهن بشغلها، فضلا عن المناسبات والظروف التي تسمح بعملهن»، وضرب على ذلك مثالاً بنصوص المواد «89، و90 من قانون العمل 12 لعام 2003»، وذكر أن القانون المعني «يقر وظائف (غير مناسبة أخلاقيا) للنساء، مما يعزز من مفهوم (الشرف) الذي يتم استخدامه فيما هو متعلق بجرائم العنف الجنسي، والذي يؤدي إلى لوم الناجية على الجرائم التي تُقترف بحقها».

وكشفت ورقة عمل «نظرة» أن نص المادة 3 من القرار «183 لعام 2003» يوجب على صاحب العمل في حالات تشغيل النساء ليلاً أن يوفر ضمانات الحماية والرعاية والانتقال والأمن لهن، مستدركة «ولا يتم توفير هذه الضمانات للتنقل الآمن بالفعل للنساء العاملات، ولا توجد تدابير لمحاسبة من لا يعمل على توفيرها إلتزاما بالقانون».

وذكّر المركز بنصّ المادة 53 من الدستور المعني بإنشاء مفوضية مستقّلة لمكافحة التمييز والحض على الكراهية، مضيفًا «وبالرغم من تناول عدد من المنظمات والمجموعات النسوية أهمية تلك المفوضية، وضرورة العمل على تشكيلها بعد انتخاب البرلمان، بل وطرح مقترح لها، إلا أنه لم يتم عمل أية إجراءات تُمكّن من القيام بذلك».

ولفت «نظرة» إلى أن العنف الجنسي «نتيجة قصوى للتمييز الواقع على النساء في مجال العمل، والتي يسبقها جرائم أخرى مثل الحرمان من الترقي للعاملات بالمؤسسات الحكومية أو النقل التعسفي أو التمييز بسبب الملبس أو التمييز على أساس النوع الاجتماعي أو الحرمان من فرص التدريب والزيارات المتبادلة التي من شأنها ثقل خبرات العاملات».

وطالب المركز النسوي بضرورة تضمين آلية لمحاسبة العنف الممارس في المجال العام من قبل فاعلي الدولة في الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء، وإيجاد تدابير لتعميم تلك الإجراءات على المؤسسات الحكومية جميعا، وممارسة الوصمة المجتمعية لمن يخالف ذلك من خلال نشر وقائع تلك الجرائم بشفافية.

واعتبر المركز أن من شأن ذلك «الحد من تلك الجرائم وإلحاق وصمة مجتمعية سواء بمرتكبي تلك الجرائم أو من يتخاذلوا في توفير تلك التدابير وعدم اتباعهم لمبدأ تكافؤ الفرص وتوفير المناخ الذي سيسهم من تحقيق ذلك، بدلا من إلحاق تلك الوصمة بنساء يمارسن حقهن الطبيعي في العمل ومشاركتهن في مجال عام تنص أبسط الحقوق أن يكون مرحب بهن وآمن لهن».


قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية