بدأت يوم الثلاثاء الماضى فى مدينة لوزان السويسرية المواجهة القانونية بين نادى الجونة والاتحاد المصرى لكرة القدم.. سافر الاثنان إلى لوزان ليقدم كل منهما أوراقه وأدلته للمحكمة الرياضية الدولية.. وأمام المحكمة هناك قال نادى الجونة إن نادى الداخلية أشرك الموسم الماضى اللاعب سمير فكرى، المقيد فى نفس الوقت فى صفوف نادى الإنتاج الحربى، وبالتالى كان لابد من اعتبار الداخلية مهزوماً فى تلك المباراة وخصم ثلاث نقاط من رصيده ليهبط ويبقى نادى الجونة بدلا منه فى الدورى الممتاز..
بينما أكد اتحاد الكرة أن نادى الداخلية لم يخطئ فى شىء، إنما كان اللاعب نفسه الذى عاقبه اتحاد الكرة بالإيقاف ستة أشهر وغرامة مائة ألف جنيه.. واستمع قاضى المحكمة الرياضية الدولية للطرفين فى جلسة استغرقت سبع ساعات، ترافع فيها عن اتحاد الكرة مجدى المتناوى ومحمد الماشطة.. وترافع عن الجونة نصر عزام وسعيد حنفى، بينما كان محمد بيومى هناك ممثلا لنادى الداخلية.. وفى نهاية الجلسة أعلن القاضى أن الحكم خلال أسبوعين، إما بقبول طلب الجونة وعودته إلى الممتاز، أو رفض هذا الطلب وبقاء الداخلية فى الممتاز.. والذى يستحق التوقف والانتباه حقا هو كيف تتعامل الأطراف كلها مع المحكمة وقضاتها.. لا أحد هناك يزعم صارخا بأنه وحده صاحب الحق.. لا أحد يستطيع توقع الحكم أو يطمئن ويثق فى أنه المنتصر فى النهاية وإلا كانت المحكمة فاسدة وظالمة..
ليست هناك برامج تليفزيونية سويسرية تتابع جلسات المحكمة الرياضية الدولية وتستضيف الأطراف المتصارعة للترافع أمام الكاميرا بعيدا عن المحكمة، ثم يقوم المذيع بإصدار الأحكام النهائية وفق أهوائه ومصالحه وقناعاته وليس القاضى الطبيعى فوق منصته.. وكان من نتيجة تلك الفوارق بين هنا وهناك أننا فى مصر لم نهتم كثيرا بتلك القضية لأن أجواءها لا تناسبنا أو ترضى أذواقنا، مع أنها تبقى رغم كل ذلك قضية بالغة الخطورة، لأنها لم تعد قضية نادٍ يطالب بالبقاء فى الممتاز..
إنما أصبحت قضية لوائحنا وإدارتنا بكل ما فيها من ارتجال وفوضى وعشوائية.. وإذا كان الكثيرون يتخيلون أن أسوأ نتيجة قد تأتى من لوزان هى عودة الجونة للممتاز بكل ما يمثله ذلك من ارتباك واضطراب.. فإنهم يخطئون فى هذا التصور، لأن النتيجة الأخطر من ذلك ستكون فتح الباب أخيرا أمام أى نادٍ مصرى للجوء لتلك المحكمة ضد كل فوضى أو فساد داخل اتحاد الكرة.. فعلاقتنا مع هذه المحكمة الدولية الكبرى حتى الآن كانت شكاوى لاعبين ومدربين ضد أنديتهم بحثا عن مستحقاتهم المالية الضائعة أو المؤجلة.. لكننا هذه المرة نبحث هناك فى تلك المحكمة عن لوائح حقيقية ونقية تُدار بها الكرة المصرية..
نبحث عن احترام غائب لقانون حقيقى وعدالة عمياء لا تعرف الخوف أو التمييز أو المجاملة، ولا تخشى وزارة للدفاع أو الداخلية.. وأظن أن هذا الحكم حين سيصدر سيصبح نقطة فاصلة فى حياتنا الكروية داخل مصر، التى لم تعد تحترم القانون كثيرا، سواء فى قضايا المنازعات الدولية الاقتصادية والسياسية.. أو حتى قضاياها الرياضية أيضا.