x

مي عزام أزمة الإعلام ..«الاستربتيز» ليس حلا مي عزام الإثنين 21-12-2015 21:23


لا أحد يدرك متى وكيف يبدأ التحول عن الهدف؟ مايحدث في الحياة نشاهده على الشاشة في فيلم «جوراسيك ورلد»، الذي يدور فى جزيرة ضخمة ُانشأت ليعيش فيها الديناصورات بمختلف أنواعها أحرار وسط الطبيعة، كان هدف مؤسسها أن يدرك الإنسان مدى ضآلته وحداثته في هذا العالم الممتدد عبر ملايين السنين وشعوره بأنه جزء من العالم وليس السيد المسيطر.

الهدف ضاع مع الوقت، واصبح تفكير إدارة الجزيرة الترفيهية ،التي تستقبل 20 الف زائر يوميا ،هو الربح، وللحفاظ على عدد الزائرين وزيادته سنة بعد أخرى، كان يجب التفكيرفى وسائل جديدة للجذبهم، وأهمها تخليق أنواع جديدة من الديناصورات المبهرة تكون حديث الإعلام وتروج للمشروع.

وسيلة الجذب أصبحت الهدف، والنتيجة تهجين اصطناعى افرز ديناصورا مرعبا يتمتع بالذكاء والقدرة على التلون والمرونة لايستطيع شىء أن يكبح عدوانيته اطلقوا عليه «إندومنس ركس»، زرعوا في جسده الضخم وحدة مراقبة وتتبع ليكون تحت السيطرة.

وكالعادة السحر ينقلب على الساحر، فلقد استطاع الديناصور المهجن نزع وحده المتابعة عن بعد، وأصبح خارج السيطرة تماما،وفشلت كل محاولات القضاء عليه حتى وجدت «كلير»بطلة الفيلم ومديرة الجزيرة الترفيهية، طريقة مبتكرةلإيقاف الوحش بأطلاق أكثر الديناصورات وحشية لديها لقتاله...النجاة أصبحت ان يقتل الوحش الأقل ضررا الوحش الأكثر فتكا.

ويقف الإنسان في النهاية وسط الحطام ليجد نفسه ضئيلا عاجزا، ليعودمن جديد ورغما عنه للنقطة الأولى وهى الهدف الذي نساه.

مقدمة طويلة لعلنا نتذكرهدف الإعلام ودوره في نشر الخبربموضوعية وحيادية، وتثقيف الناس ورفع وعيهم وتقديم المعارف الجديدة، الأزمات تبدأ حين ننسى الهدف.

في الفترة التي اعقبت ثورة يناير وصعود الإخوان إلى الحكم ،تم ضخ أموال طائلة في مجال الإعلام وخاصة المرئى،الغرض كان وقف المد الإخوانى وسيطرته على مفاصل الدولة،ثم تحول الأمر لعزلهم عن عرش مصر .الحرب الإعلامية تكلفت الملايين ولكنها في النهاية أقل ُكلفة من حرب أهلية أوعسكرية.

كان شعار هذه المرحلة«كل شىء مباح في الحرب»،فتحت أجهزة صناديق الأسرار لإعلاميين ارتضوا أن يكونوا أدوات ،و اقنعوا العامة وأنفسهم بأنهم أبطال هدفهم حماية مصر من المؤامرات التي تحاك لها في الداخل والخارج،تم مكافأتهم بسخاء حينذاك وبعدها، تحول إعلاميين لنجوم وقادة لهذه المرحلة،ولعلنا نتذكر مشاهد محاصرة جماعة حازم أبوإسماعيل لمدينة الإنتاج الإعلامى والتى رفعت من أرصدة هؤلاء لدى جمهور المشاهدين.

إذا كان الفيس بوك صاحب فضل في ثورة 25 يناير وتنظيم خروج الشعب للميدان،فالفضائيات الخاصة صاحبة فضل في ثورة 30يونيو، فلقد ساهمت في حشد الملايين في الشوارع مطالبة بسقوط مرسى وحكم الإخوان.

بعد نجاح ثورة 30 يونيو وما اعقبها من عزل الرئيس مرسى وفض اعتصام رابعة والنهضة والتصدى للعمليات الإرهابية ومحاكمة قادة جماعة الإخوان والممولين لأعمال العنف ووضع اموالهم تحت الحراسة،تم محاصرة الإخوان،وبعد العمل بقانون التظاهر،هدأ الشارع المصرى،ومع انتخاب الرئيس السيسى بدأت مرحلة سياسية جديدة شعارها الاستقرار.

توقف التمويل السخى للإعلام، ومع تراجع الإعلانات بدأت بوادر الأزمة الحقيقية تظهر، كان لابد لأصحاب المشروع أن يفكروا مثل «كلير» في «جوراسيك ورلد» كيف يجذبوا المزيد من المشاهدين حتى يتمكنوا من الحصول على حصة اكبر من الإعلانات تغطى التكاليف وتؤدى للربح وإلا يكون التهديد بالإغلاق.

لم يفكر أحد في العودة للهدف الأساسى للإعلام،ربما الأمر صعب على المنتسبين للمهنة الآن،فهو يحتاج لمجهود وتدقيق وثقافة، ونحن مازلنا نعيش عصر الفهلوة والسطحية والتفاهة، وخاصة أن أغلب أصحاب القنوات الفضائية ليس لهم باع في الثقافة ولا الفكر ولكنهم رجال أعمال يدافعون عن مصالحهم بفاترينات إعلامية.

وكان الحل السحرى السريع والمؤثر ،أن يتم جذب المشاهد بأسلوب الاستربتيز،مزيد من العرى لجذب المشاهدين ومن ثم ارتفاع كوتة الاعلانات، وهو مانشاهده على الساحة الإعلامية الآن ،ولكن من بدأ طريق كان عليه أن يفكر في نهايته،ماذا سيفعل هؤلاء بعض ان تسقط آخر ورقة توت؟.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية