x

عباس الطرابيلي الوفد.. هل ضاع الأمل؟ عباس الطرابيلي الأحد 20-12-2015 21:26


تُقاس قوة أى حزب بمدى تواجده فى الشارع.. ومدى انتشاره بين الناس: فى الحوارى.. والقرى.. وفى النجوع. تماماً كما تقاس بعدد أعضائه المسجلين فى لجان المحافظات، أو حتى المتعاطفين معه.. المقتنعين بمبادئه.. وهذا يجرنا إلى أخطر عملية فى حياة أى حزب، أو تنظيم سياسى.. تلك هى «تجديد دماء الحزب»، أى النجاح فى ضم فئات عديدة من الشعب إلى صفوف الحزب، وهنا نسأل: هل نجحت قيادات الوفد فى جذب أعداد كبيرة من الأعضاء.. من كل الفئات العمرية؟ وكم عدد هؤلاء فى كل محافظة؟ وهل هناك من يتابع ذلك، ويتولى مراقبة تسجيل أسماء الأعضاء الجدد، وتنقية الجداول القديمة؟ ليس لمجرد البحث عمن يسدد الاشتراك الحزبى شهرياً أو سنوياً، بل للتأكد من مشاركتهم فى العمل الحزبى، ونقل أفكار الحزب إلى مجالسهم، حتى لو كانت فى المقاهى أو المصانع أو حتى المزارع.

أغلب الظن أن شيئاً من ذلك لم يتم أبداً، وعلى مدى السنوات العشر الماضية.. وهى عملية كانت ضرورية ليعرف الحزب نقاط قوته.. وأيضاً نقاط ضعفه.. وهكذا وجدنا - بكل أسف - انفصالاً حقيقياً بين القواعد الحزبية.. وبين القيادات، ليس فقط فى المحافظات ولكن فى القيادة العليا بالقاهرة، وهذا الانفصال من أخطر ما حدث داخل الوفد، الذى «كان» يعتمد على كوادره فى المحافظات، حتى ولو قيل إن العديد من الشباب «قد» انضموا إلى الوفد.. فالواقع لا يقول ذلك ويؤكده التواجد حتى فى السرادقات التى نظمها الحزب - فى حملته الانتخابية الأخيرة - لأن معظم هؤلاء نعرف كيف يتم حشدهم.

وأقرر، بكل صدق، أن من وسائل معرفة عدد الوفديين الأساسية: عدد قراء جريدة الوفد.. لأن الوفدى «الوفى» كان يحرص كل صباح على قراءة جريدته التى تعبر عن مبادئ الحزب، ليس فقط ليزداد توزيع الجريدة.. بل إن عدد قراء النسخة الواحدة من الوفد حتى وقت قريب يصل إلى 6 قراء لكل نسخة.. وأرفض ما يقال الآن عن تزايد عدد المشاركين فى البوابة الإلكترونية للجريدة، أو عدد من يقرأونها.. وإذا أردتم معرفة عدد الوفديين الآن.. عليكم بقياس تطور توزيع الجريدة، ولو قرأ كل الوفديين جريدتهم الآن - كما كانوا يفعلون - لساهم ذلك فى إنعاش دخل الجريدة.

ثم قد يقول قائل إن الوفد حصل على عدد من المقاعد فى البرلمان الجديد تضعه فى المركز الثالث.. وإن هذا العدد يصب فى مصلحة قيادة الحزب الحالية، بسبب ما أنفقه البعض على الانتخابات من الأحزاب الأخرى، وإن هذا المال السياسى هو الوباء الذى يضرب الأحزاب الجديدة الآن.

وقد يقول البعض إن هذا العدد يحسب الآن للدكتور السيد البدوى شحاتة، ولكن هذه النتيجة ليست كما كان ينتظر كل الوفديين الذين كانوا يحلمون بالحصول على الأغلبية، خصوصاً أن الأحزاب التى حصلت على عدد أكبر مما حصل عليه حزب الوفد، إنما هى أحزاب لا يتعدى عمرها سنوات ثلاثاً بينما الوفد يقترب عمره الآن من قرن كامل من الزمان.

وهنا قد يقول آخر: إن كل الأحزاب القديمة لم تحصل على شىء يُذكر مثل التجمع والناصرى.. هنا نرد: لأن أفكار هذين الحزبين مثلاً انتهت وانهزمت، أما الوفد فإن أفكاره هى نفس أفكار ثورتى 25 يناير و30 يونيو، تقريباً، وبالتالى فإن نتائج الانتخابات ليست كما يجب بالنسبة للوفد.. وجاءت صدمة للوفديين.

هل العيب هنا: للقيادة.. وهل ذلك بسبب غياب القيادة الجماعية الواعية، وكيف كان فؤاد باشا لا يتحدث - فى أى اجتماع للهيئة العليا مثلاً - إلا آخر المتحدثين، حتى لا يحرج بما سوف يقول باقى أعضاء الهيئة.

أم أن المأساة هى فى «ابتعاد» أو «إبعاد» القيادات الوفدية العريقة التى كانت تشكل عقل الوفد، وتحفظ وتحافظ على مبادئه.. ولكن جرى ما جرى، حتى لو كان بقرارات ترقية لمواقع أعلى.. فالعمل الحزبى لا ينتظر أى منصب، هكذا تعلمنا داخل مدرسة الوفد الحزبية العريقة.. بل أجدنى أبحث عمن بقى من هذه القيادات التاريخية، التى ساهمت فى عودة الوفد عامى 77 و1984 إلى العمل السياسى.. أين حكماء الوفد الكبار الذين كانوا هم «عُمُد»، أى أعمدة، العمل السياسى فى وفدنا العريق.

لقد تم تفريغ كل ذلك.. بل تجريف كل هذه العقول.. وإذا كنا نطالب فعلاً بضخ عقول جديدة وشابة إلى شرايين الوفد.. فإن هذا يجب ألا يكون على أساس ترضية العقول العظيمة ولو بالمناصب الورقية.

هل هى أخطاء قيادة؟.. حاشا لله.. ولكن بماذا تفسر اختفاء كل هذه القيادات.. وقد كنا نعرف قديماً أن الوفد غنى بقياداته التى كنا نعرف مسبقاً من منهم يمكنه قيادة سفينة المعارضة تحت القبة؟

هى فعلاً القيادة.. وهى أيضاً «اقتصار» العمل الحزبى على العمل المكتبى، ولو من داخل مقر الحزب الرئيسى.. أما مقار الحزب بالمحافظات.. فقولوا عليها السلام.

أنا نفسى لم أقنع - ولن أقنع - كوفدى عتيق بعدد المقاعد التى فاز بها الحزب فى الانتخابات الأخيرة.

وابحثوا عن السبب الأوحد.. وهو ليس بعيداً عنكم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية