عندما طُلب منى أن أكتب كلمة موجزة عن الأديب الكبير علاء الديب، تذكرت على الفور روايته المدهشة «زهرالليمون» الصادرة فى عام 1978، التى استولت على مخيلتى فترة من الزمن فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى، فالرجل تمكن فى هذه الرواية الآسرة من أن يرصد بحصافة أحزان المثقف وتحولاته وانتهازيته أحيانا، فى زمن السادات الذى عصف بكل شىء جميل حققه المصريون فى عهد عبدالناصر، ورغم أن الرواية صغيرة الحجم فإنها بدت لى فى ذلك الزمن البعيد بالغة الضخامة، لما تحتشد به من قدرات مدهشة على رسم عوالم الحب وخساراته الفادحة والصراع الاجتماعى وضرائبه الباهظة.
أذكر أيضا أن الناقد الراحل فاروق عبدالقادر كتب دراسة عميقة وممتعة عن هذه الرواية واصفًا إياها بأنها «عمل منضبط ومنضغط»، فلا ثرثرة فيها ولا إطناب، ولا ركاكة فى التعبير أو فذلكة فى الوصف.
إنها رواية تخترق المحظور بذكاء، رواية تبوح وتؤلم وتكشف كم هو صغير هذا الإنسان أمام بطش الكبار ودراما القدر ومكائد الزمن.
أجل، رصيد علاء الديب فى فن القص قليل بالقياس إلى أبناء جيله «هو من مواليد 1939»، غير أن هذا الرصيد عامر بكل ما يستلزمه فن الرواية أو القصة القصيرة من جماليات رفيعة تثير الأسئلة وتمتع الوجدان، ولعل روايته الفاتنة «أطفال بلا دموع»، خير نموذج يوضح قدرة «الديب» على الإمساك بفن الرواية الحديثة، تلك التى ظهرت معالمها عقب استقرار التجربة العريضة لنجيب محفوظ ورسوخها.
فى ظنى أن أبرز سمات علاء الديب تتلخص فى قدرته على قراءة العصر قراءة سليمة، إنه عصر السرعة، عصر الكتابة الدقيقة المحكمة، عصر ضياع الأحلام النبيلة، عصر الإنسان الوحيد الحائر فى دروب المجتمع وتناقضاته، وفى الوقت نفسه، فإن علاء الديب يمتلك لغة خاصة به، لغة بالغة الرشاقة، تومض فيها العبارة مكللة بالحلاوة، وتشرق فيها الجملة على ضفاف الفتنة اللغوية.
كلى أمل أن يجتاز كاتبنا الجليل محنته الصحية الطارئة، ويسترد عافيته ليظل يمتعنا بإبداعه وقراءاته العميقة فى أدب الآخرين التى يكتبها بانتظام فى الصحف.
قلبى معك أستاذ علاء.