x

نيوتن لا تجعلوا الجميل قبيحاً نيوتن الخميس 17-12-2015 21:25


أى شىء جميل ممكن أن نُحوّله إلى قُبح. الشاطئ الجميل. البيت الجميل. فى الواقع أى شىء فى غير موضعه ممكن أن نراه قبيحاً. أى كلمة فى غير مناسبتها قبيحة. أى نكتة فى غير موضعها تدل على ذوق مُتَرَدٍّ.

فإن استمعت إلى أعذب الأصوات لتكن أم كلثوم وعبدالوهاب وفيروز وعبدالحليم– إذا غنوا جميعاً فى وقت ولو كانت نفس الأغنية ونفس الألحان. مع اختلاف فى التوقيت ستسمع نشازاً، نشازاً يربك سمعك ويخترق أذنك. فما بالك بإقامة الصلاة كاملة على الميكروفون؟ خطب الجمعة كاملة تتم إذاعتها. لا تفهم منها أى شىء. أصوات متداخلة. منفرة. يبدو الأمر وكأنه هيستيريا. لأن الجميع يذيع فى نفس الوقت. ويحاول استخدام مكبرات صوت أكثر وأكبر حجماً ليغطى على الأصوات الأخرى.

أذكر وكان ابنى صغيراً جداً. أن جاء وقت أذان المغرب. وجدت على وجهه مسحة من القلق. انزعاج يقترب من الخوف والهلع. لفت نظرى هو إلى ما غاب عنى. ربما بسبب التعود. فقد تشابكت المآذن الثمانى التى تصدح بالأذان فى الحى الذى نسكن فيه. فكانت النتيجة أقبح شوشرة ميكروفونية ممكنة. تحول الأذان الجميل الذى يطرب له المسلم والمسيحى إلى معركة غوغائية. أصوات متنافرة متنافسة فى العلو. متشنجة. أصوات لم يتم اختيار أصحابها بأى اهتمام. ولا بالحد الأدنى للقيام بمهمة سامية كهذه. حتى صوت الأذان. المحبب لكل أذن. المحبب للمسلم وكذلك لغيره قد يكون مؤذياً. إنه سوء الاستخدام. وسوء التوقيت. وضعف الرقابة. وتردى الذوق الرسمى العام. كله يؤدى إلى ذلك القبح. الذى يتراكم فى بلادنا يوماً بعد يوم.

المساجد والزوايا باتت مرتعاً للأصوليين. يتحكمون فيها. يديرونها كيفما شاءوا. عطّلوا مشروع الأذان الموحد منذ عام ٢٠٠٨. هذا المشروع الواعد. الذى من شأنه أن يُعيد للأذان رونقه وجماله. مثلما هو الحال فى العديد من الدول الإسلامية. تركيا التى تطبق فكرة الأذان الموحد منذ سنوات طويلة. يكون الصوت جميلًا. بديعًا. إذا قمت بزيارة لمنطقة السلطان أحمد أو ايا صوفيا سوف يأسرك صوت الأذان. ستشاهد أجانب وسياحاً من جميع المِلل والنِّحل خاشعين للصوت الجميل. خاضعين لصفائه وعذوبته.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية