أتفهم وأحترم جدا عاطفة وحماسة الكثيرين الذين جروا بمنتهى الانزعاج والانفعال لمواجهة قرار المجلس الأعلى للجامعات بإلغاء الحافز الرياضى محليا.. وإذا كنت بالأمس قد كتبت عن لصوص الرياضة الذين يتاجرون بهذا الحافز ويتكسبون منه ويبيعون لطلبة الثانوية العامة شهادات مزورة ببطولات رياضية زائفة ينالون بها درجات تضاف رسميا لمجموع الثانوية العامة.. وقلت إنه من الطبيعى أن يرفض هؤلاء قرار إلغاء الحافز الرياضى، وأن يعلنوا الحرب على المجلس الأعلى للجامعات والدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى.. لكننى اليوم أكتب عمن عارض هذا القرار وثار عليه دفاعاً عن الرياضة.. بل إن الإسراف فى المبالغة دفع بأحد هؤلاء للتأكيد على أن إلغاء الحافز الرياضى هو المسمار الأخير فى نعش الرياضة المصرية.. وكانت هناك مبالغات أخرى وصفت هذا القرار بالتخريب والدمار والمؤامرة على مصر وألعابها واتحاداتها وأنديتها.. ويصعب جدا وفقاً لأى منطق الاقتناع بأن حرمان من يفوز ببطولة محافظة أو حتى جمهورية أو ينتصر فى ألعاب غريبة لا يسمع بها أى أحد من إضافة أربع درجات إلى مجموعه فى الثانوية العامة سيؤدى إلى انهيار الرياضة المصرية وتخريبها..
ومن الواضح أن أحدا من هؤلاء المتحمسين الانفعاليين لا يريد أى نقاش هادئ حول هذا الحافز الرياضى الذى أولاً يهدر مبدأ المساواة بين الجميع، حيث هناك مئات الألوف من الطلبة الفقراء الذين لا فرصة أمامهم لممارسة أى رياضة.. كما أن هذا الحافز يمنح المتفوقين رياضيا ميزة لا ينالها المتفوقون فى أى مجال آخر.. ثم إن القرار أبقى على هذا الحافز لمن يحقق أى بطولة خارجية باسم مصر وألغى فقط الدرجات الإضافية نتيجة أى انتصارات محلية.. والمشكلة الآن هى اللجنة الأوليمبية المصرية التى دعت إلى اجتماع عاجل لمواجهة هذا القرار والتصدى له.. وقال هشام حطب، رئيس اللجنة، إنه يرفض انفراد المجلس الأعلى للجامعات بهذا القرار دون الرجوع للجنة الأوليمبية.. وكل من يقرأ الميثاق الأوليمبى سيتأكد من أن اللجنة الأوليمبية لا علاقة لها بهذا الأمر من قريب أو بعيد، ولا يدخل فى مجال اختصاصها وواجباتها.. بل وهدد رئيس اللجنة بأنه سيقوم بتصعيد الأمر لرئيس الجمهورية شخصيا إن لم ينجح وزير الرياضة فى إلغاء هذا القرار.. وهكذا..
أصبح رئيس الجمهورية مطالباً الآن بالتفرغ لمناقشة الدرجات الإضافية فى مجاميع الثانوية العامة نتيجة بطولات حقيقية أو مزورة.. ويريد رئيس اللجنة الأوليمبية إقناعنا بأن إلغاء هذا الحافز الوهمى غير المعمول به فى كل بلاد الدنيا حولنا هو الذى سيؤدى إلى انهيار الرياضة المصرية.. بل إننا قد لا نفوز بأى ميداليات فى ريو دى جانيرو بسبب إلغاء هذا الحافز.. فلم أر اللجنة الأوليمبية فى بلدى منزعجة هكذا نتيجة أى أزمة حقيقية، ولم تضطر لأى اجتماع طارئ لبحث شكاوى أى لاعب أوليمبى أو اتحاد يعجز عن إعداد أبطاله أو حتى كارثة المنتخب الأوليمبى المصرى.. لكنها فقط ستعقد هذا الاجتماع الطارئ لمناقشة فضيحة قرار الدولة المصرى بالتصدى لهذا الوهم وهذا الظلم والفساد المسمى بالحافز الرياضى.