مع انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد وتشكيله واقتراب موعد عقد جلسته الأولى فى نهاية الشهر الحالى، يبدو مهماً بالنسبة للجماعة الصحفية والإعلامية ولمجمل الشعب المصرى أن يعاد التأكيد على الملامح الرئيسية لتنظيم الصحافة والإعلام كما ورد بدستور البلاد، بحيث تكون تحت نظر نواب الشعب لدى قيامهم بوضع التشريعات القانونية التى تترتب على هذه النصوص الدستورية.
ففى يوم 1 سبتمبر 2013 أصدر الرئيس الأسبق المؤقت عدلى منصور قراره بتشكيل لجنة من خمسين عضواً لتعديل الدستور، وعقدت اللجنة أولى جلساتها يوم الأحد 8 من نفس الشهر لتستمر حتى تنهى عملها بالتصويت العلنى على كل مواد الدستور يوم الأحد 1 ديسمبر 2013. وقد ضمت لجنة الخمسين نقيب الصحفيين فى ذلك الوقت، ممثلاً للصحفيين مباشرة وللإعلاميين عموماً، كما ضمت عدداً قياسياً من الصحفيين الذين مثلوا فئات أخرى من المجتمع، فكان هناك ستة صحفيين آخرين، ليصبح العدد الإجمالى للصحفيين فى لجنة الخمسين سبعة يمثلون 14% من تشكيلها العام، وبذلك بدا واضحاً أن لجنة تعديل الدستور ستكون مهيأة نتيجة لهذا التمثيل المتميز للصحفيين باللجنة، ونتيجة أيضاً للدور البارز الذى قام به الإعلام والصحافة فى التهيئة لثورة 30 يونيو 2013، لأن تضع فى الدستور من المواد ما يدعم حريات الصحافة والإعلام والتعبير والرأى، ويعيد تنظيم المجالين الصحفى والإعلامى بصورة جديدة تماماً.
وقد تم ذلك بالفعل، حيث نجح المصريون- والصحفيون فى قلبهم- عبر لجنة الخمسين فى تضمين التعديلات الدستورية، التى أقرها الشعب نهائياً فى 18 يناير 2014، المواد التى تضمن لهم ولجموع المصريين حقوقاً غير مسبوقة فى التاريخ الدستورى والقانونى المصرى. فقد تضمن الدستور 7 مواد تتعرض مباشرة لهذه الحريات وهذا التنظيم، عدا المواد الأخرى التى تكرس وتنظم الحريات والحقوق العامة للمصريين فى جميع المجالات. ففى الباب الثالث من الدستور «الحقوق والحريات والواجبات العامة» أتت أربع مواد لكى تضع أسساً جديدة للحريات الصحفية والإعلامية والتعبير عن الرأى، وهى على النحو التالى:
المادة (68)
«المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً.
وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون».
المادة (70)
«حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والإلكترونى مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف، وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمى.وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذى ينظمه القانون. وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعى والمرئى والصحف الإلكترونية».
المادة (71)
«يُحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى زمن الحرب أو التعبئة العامة.
ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون».
المادة (72)
«تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام».
ويبدو من هذه المواد الأربع أن هناك قواعد جديدة غير مسبوقة فى التاريخ الدستورى والتشريعى المصرى قد تم وضعها فى الدستور، وأبرزها:
أولاً: أن حلم إصدار الصحف بمجرد الإخطار والذى طالت المطالبة به فى مصر خلال الأعوام الستين الأخيرة قد تحقق أخيراً، حيث جعلت المادة (70) للمصريين كافة من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمى.