طالبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الحكومة المصرية ومجلس النواب بتبني مشروع قانون التعذيب الذي سبق وطرحته المنظمة لمواجهة جريمة التعذيب في مصر، معتبرة تلك الجريمة «تنتهك أبسط حقوق الإنسان، ألا وهو حقه في الحياة».
أعربت المنظمة، في بيان لها، الأحد، عن ترحيبها بحكم محكمة جنايات القاهرة الصادر، السبت، بحق ضابطي الأمن الوطني المتهمين بتعذيب كريم حمدي، المحامي، بالضرب على نحو أدى إلى وفاته داخل قسم شرطة المطرية، بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، وإلزامهم بالمصروفات الجنائية، وبإحالة الدعوى المدنية التي أقامها أهل المجني عليه للمحكمة المختصة للبت فيها.
وذكر البيان أن النيابة العامة أسندت إلى ضابطي الشرطة عمر محمود عمر حماد، ومحمد الأنور محمدين، بجهاز الأمن الوطني، ارتكاب جريمة «تعذيب المجني عليه كريم حمدى حتى الموت، وذلك بعد أن توافرت الأدلة الكافية ضدهما، بقصد حمله على الاعتراف بارتكاب جرائم لصالح جماعة الإخوان، مما أحدثا به إصابات جسيمة متعددة أودت بحياته على نحو ما جاء بتقرير الطب الشرعي، مشيرا إلى أن تحقيقات النيابة العامة أكدت أن المجنى عليه قد صدر بشأنه قرار بضبطه وإحضاره بناءً على اعتراف متهم آخر عليه ضبط بحوزته أسلحة نارية وإقراره بانضمامهما لجماعة الإخوان وضلوعهما في ارتكاب جرائم ترويع وعنف».
واعتبر البيان محاكمة الضابطين على مسؤوليتهما في وفاة المتهم «دليلًا على تطور فكر ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب في مصر، ومؤشرًا على مدى الرغبة في القضاء على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر».
واستدركت المنظمة «لكن يجب أن يصاحب ذلك تعديل في البنية التشريعية للقضاء على مثل هذه العقوبة، وكذلك تغليظ العقوبة على مرتكبي مثل هذه الجرائم، خاصة أن جريمة التعذيب تنتهك أبسط حقوق الإنسان الأساسية وهو حقه في الحرية والأمان الشخصي، وحقه في الحياة».
وأشار البيان إلى أن جريمة التعذيب «تنتهك الاتفاقيات والمواثيق الدولية ومنها المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذا المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والمادة الثانية من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، والمبدأ السادس من مجموعة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، والقاعدة 31 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة عن الأمم المتحدة».
وأكد البيان أن هناك «قصورًا تشريعيًا» في القانون المصري في تعريف جريمة التعذيب على النحو الذي لا يتلاءم مع «الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب» والتي تعرف التعذيب بأنه «كل ألم أو عذاب جسدي أو عقلي»، ولا تشترط أن يكون مستهدفاً انتزاع اعترافات فقط، مثلما ينص القانون المصري، الأمر الذي يتطلب إصدار تشريع يقر حق المدعي المدني في الادعاء المباشر أمام محكمة الجنايات في جرائم الاعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، ومن بينها الجرائم المنصوص عليها في مواد قانون العقوبات.
وأكد حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة، أن الحق في الحياة أسمى وأقدس على الإطلاق، وأن أي إهدار لهذا الحق هو إهدار لمنظومة حقوق الإنسان بشكل كامل، الأمر الذي يحتم الوقوف في وجه أي انتهاك لهذا الحق بشكل صارم، مشيرًا إلى ضرورة أن تعمد الحكومة المصرية على سن قانون جديد لمواجهة جريمة التعذيب والقضاء على مثل هذه الآفة.
وأضاف «أبوسعدة» أن المنظمة كانت قد أعدت مشروع قانون لمواجهة جريمة التعذيب يعمد على تعريف جريمة التعذيب بما يتناسب مع المواثيق والاتفاقيات الدولية في هذا الصدد، فنحن في حاجة إلى التعديل التشريعي للمنظومة التشريعية بما يضمن مواجهة هذه الجريمة بتوقيع عقوبات رادعة على مرتكبي هذه الجرائم لمواجهة إفلات الجناة من العقاب، ونشر ثقافة مجتمعية تعمد على نبذ مرتكبي هذه الجرائم.