x

باسم يوسف.. السخرية السياسية أقصر طريق للعالمية

الجمعة 11-12-2015 21:59 | كتب: ريهام جودة |
صورة أرشيفية صورة أرشيفية تصوير : وكالات

اعتاد الجمهور أن يلتقيه كل جمعة للضحك والاستمتاع بفواصل من السخرية والنقد اللاذع للسياسيين والمسؤولين حتى للذات فى برنامجه، فى واحدة من أشد الفترات السياسية والاجتماعية سخونة وتغيراً خلال حكم الإخوان، إلى أن قامت ثورة 30 يونيو ثم تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة البلاد، ليختفى الإعلامى الساخر باسم يوسف من المشهد الإعلامى، بعد أن كان محورا رئيسيا للنقد اللاذع للإخوان ورموز التيار الدينى من السلفيين، وهو ما رآه البعض تقليصا لحرية الإعلام بغياب أشهر ساخر سياسى منذ ثورة 25 يناير عرفه الجمهور المصرى، وبداية لمرحلة تعيد تشكيل علاقة الإعلام بالسلطة وتناوله لأدائها وعدم انتقاد ممارساتها.

غاب باسم عن الساحة الإعلامية لفترة، ثم عاد ليتحول إلى ظاهرة فى المهرجانات والأحداث الفنية خارج مصر فقط، ويتولى تقديم حفلات افتتاحها، بداية من تقديمه حفل توزيع جوائز إيمى الأمريكية، مروراً بحفل افتتاح مهرجان قرطاج السينمائى بتونس، وصولا إلى حفل افتتاح مهرجان دبى السينمائى الدولى، الأربعاء الماضى، وسط حفاوة يستقبل بها باسم، سواء من القائمين على إدارات تلك المهرجانات والحفلات أو من قبل ضيوفها من الفنانين الذين يحرصون على التقاط الصور مع أشهر إعلامى ساخر من الأحداث السياسية والاجتماعية عرفه المجتمع المصرى منذ ثورة 25 يناير التى شهدت انطلاقته وشهرته عبر كليبات على موقع يوتيوب، بطريقة كانت جديدة على الإعلام المصرى وقتها، والذى اعتاد متابعة البرامج عبر الفضائيات أو التليفزيون المصرى، وعبر فنانين للإضحاك، وليس بمدرسة باسم يوسف التى تمرر الانتقادات فى إطار ساخر واسكتشات كوميدية وأحيانا غنائية.

قبل أسبوعين قدم باسم كأول إعلامى عربى ومسلم تسند إليه هذه المهمة حفل توزيع الدورة 43 لجوائز إيمى، وهو ما كان له صدى كبير فى الأوساط الإعلامية العربية والعالمية، خاصة أن باسم استهل كلمته وتقديمه للحفل بالحديث عن الإرهاب الذى عانت منه باريس وأسقط عشرات الضحايا قبل ما يزيد على شهر، ولم يتوقف لدى ماعانته عاصمة النور، بل انتقل ليوسع الحديث عن دائرة الإرهاب فى كينيا ونيجيريا وصولا إلى سيناء بمصر التى قدم منها كما ذكر وقتها، رغم أنه يقيم فى دبى منذ فترة، لكنه أراد توصيل رسالة مفادها أن تلك الإقامة خارج مصر لا تنسيه بلده الذى حقق فيه نجاحه وشهرته التى جعلته يقف على المسرح أمام العالم لتقديم ذلك الحفل المهم الموازى لجوائز الأوسكار السينمائية، مؤكدا أن وقوفه على المسرح لتقديم حفل إيمى نوع من التحدى لذلك الإرهاب ومن يقوم به، لأنه جاء لإضحاك الحضور، وسيفعل ذلك ليخسر الإرهابيون.

لم تمر أيام إلا وظهر باسم مجددا لتقديم حفل ختام الدورة 26 لمهرجان أيام قرطاج السينمائية بتونس، وهو الاستقبال الذى قوبل بالانتقادات فى تونس، فرغم الحفاوة التى استقبل بها من الفنانين التونسيين ممن حضروا فعاليات المهرجان، وعلى رأسهم هند صبرى ودرة، فإن عددا من الإعلاميين التونسيين هاجم اختيار إعلامى مصرى لتقديم مهرجان بلادهم، ونشرت الإعلامية التونسية بثينة جبنون على صفحات شبكات التواصل الاجتماعى سؤالا موجها لوزيرة الثقافة التونسية: «أتيت بباسم يوسف لتقديم أيام قرطاج.. هل سمعت بإعلامى تونسى قدم مهرجان القاهرة السينمائى؟».

كان باسم قد حضر حفل الختام مرتدياً الزى التونسى الرسمى «الجبة» بصحبة عائلته، وتحدث ببعض الكلمات التونسية التى أثارت إعجاب وضحك الجمهور.

ومع انطلاق الدورة 12 لمهرجان دبى السينمائى الدولى، ظهر باسم مجدداً فى حفل الافتتاح، بصحبة الدمية أبلة فاهيتا التى كان ظهورها وشهرتها فى برنامجه، ثم قدمت بها برنامجها منفصلا بعد توقف برنامج باسم يوسف وسفره لدبى.

ورغم حضور نجوم عالميين، وعلى رأسهم الفرنسية كاترين دينيف، وعرب ومصريين، ومنهم ليلى علوى وإلهام شاهين وعزت العلايلى الذى كرم فى حفل الافتتاح، والمخرج محمد خان وأسرة فيلمه قبل زحمة الصيف، فإن حضور باسم يوسف ونكاته وحركاته المضحكة كانت الأكثر لفتا للانتباه، والأكثر حديثا عنها من قبل الحضور، ربما لاعتياد الجمهور على طريقة باسم فى إضحاكهم وحاجتهم للضحك، وربما لأن الممنوع مرغوب، فالتواجد مع باسم يوسف بعد فترة من غيابه بات حدثا يجعل الكثيرين يرصدونه، ويتسابق الفنانون لنشر صورهم معه على صفحاتهم للتواصل الاجتماعى، فيما أصبح ظاهرة على مدى الأسبوعين الماضيين، فلا تجد فنانا يحرص على التقاط صورة معه إلا ونشرها على صفحته.

فقد أصبح باسم يوسف بهذا الظهور فى حفلات «إيمى وقرطاج ودبى» يسير فى طريقه نحو كونه إعلاميا عالميا، محققا انتشارا أوسع وجماهيرية أكبر.

الناقد طارق الشناوى عبر عن دهشته لعدم ظهور باسم يوسف فى أى حفل فنى فى مصر، وظهوره المتكرر فى حفلات المهرجانات خارجها، وأشار إلى أنه منذ ظهوره على الساحة الإعلامية فى مصر عقب ثورة يناير، استطاع فى أشهر قلائل أن يحظى بمكانة استثنائية على الخريطة الإعلامية العربية، وكان يرنو أيضا للعالمية، وظل حريصا على أن يحتفظ بحريته، مدركا أنه لن يقول سوى ما يريده، وهكذا تنقل من «أون تى فى»، إلى«سى بى سى» ثم «إم بى سى مصر»، وأكد الشناوى أن باسم يوسف لم يواصل تقديم «البرنامج» بعد ثورة 30 يونيو ليس فقط لهبوط السقف، ولكن تغيير بوصلة البرنامج بعد سقوط الإخوان الذين كان يستهدفهم فى قفشاته، فلم يكن أمامه سوى التوقف نهائيا، فأثناء حكم الإخوان وصل باسم للذروة فى السخرية، وقام بدور محورى فى التعجيل بإسقاط حكمهم، فهو بالسخرية يحلم بعالم أفضل، وكان يرى أن دوره هو فى الانتقاد والكشف، بينما كان هناك من يدفع بمصر إلى منعطف تقديس الحاكم، فهو مثلا لم يترك اللواء عبدالعاطى، صاحب اختراع صباع الكفتة بعيدا عن مرمى نيرانه، كان عبدالعاطى قد حدد ساعة الصفر لبدء تدشين اختراعه، وباسم كطبيب كان يعلم أن جهاز عبدالعاطى مجرد ضحك ع الدقون وأن الرجل ربما كان حسن النية، ولكنه بالمقياس العلمى لا يستحق سوى صفر مربع، فبدأ يعد له الأيام المتبقية على انطلاق نورماندى تو أقصد صباع الكفتة.

وتابع الشناوى: كان ينتقد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، فى حدود ما هو مسموح، فلا قدسية لأحد، بالطبع الكل يتفق على أنه لا يمكن أن يسمح بالتجاوز فى حق رئيس أو مرؤوس، بينما هالة التقديس التى يحاول البعض فرضها فى عدد من الفضائيات والجرائد أراها تعود بنا عشرات السنوات للخلف دُر، المشكلة أن قسطا وافرا من الإعلاميين والمثقفين لا يزال تنشط بداخلهم جينات النفاق للحاكم التى ورثوها منذ عهد «مينا» وحتى الآن، لكن لدى قناعة أن القيادة السياسية تستطيع لو أرادت إيقاف هذا التيار، والدليل أن الرئيس منع طوفانا قادما للغناء باسمه، أكثر من مطرب يتقدمهم هانى شاكر، أبدوا رغبة وبإلحاح، ولكن الرئاسة قالت لا.

وحول غياب باسم عن مصر وعدم الاستعانة به لتقديم حفل مهرجان القاهرة السينمائى الدولى قال: «كارهو باسم يوسف دائما ما يقفون خلف الرئيس، فهم يشعلون الحرب ضده بحجة أنهم يحبون الرئيس، البرنامج كان يعتبر كشف المنافقين بين الإعلاميين والصحفيين هدفا أسمى، وربما يعود باسم ونراه مقدما لحفل فنى فى القاهرة، ولا أقول عودته لتقديم برنامجه (البرنامج)».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية