x

عباس الطرابيلي شعب غنى.. وحكومة تقترض! عباس الطرابيلي السبت 05-12-2015 21:29


هناك أزمة ثقة «مالية» بين الشعب والحكومة!! فالشعب لا يثق فى الحكومات، ولذلك يحجب أمواله، ولو تحت البلاط. والبلاطة هنا إما تركها فى البنوك مهما انخفض سعر الفائدة، أو يشترى العقارات والأراضى، بناء أو زراعية.. أو حتى فى الصحراء.. ولذلك ارتفع سعر الشقق، حتى ولو كانت شعبية، والتهبت أسعار الأراضى.. واسألوا عن أسعارها فى أى مزاد تجريه الحكومة على أراضى المدن الجديدة، يعنى وسط الصحراء. بل اسألوا عن أسعار المدافن التى تعرضها المحافظات على الناس.. حتى المدافن!!

ومن دلائل غناء الشعب ما حدث عند طرح أسهم أو سندات تمويل قناة السويس الجديدة. فلما اقتنع الناس بالمشروع- وطنياً مع زيادة الفائدة- دفع الناس، وخلال أيام معدودات، 67 ألف مليون جنيه. وكذلك عند طرح أراضى بناء ضمن مشروع «بيت الوطن» دفع المصريون 250 مليون جنيه فى اليوم الأول وحده لشراء هذه الأراضى، وهذا المبلغ مجرد «مقدمات للشراء».

واسألوا عمن يشترى شقق وأراضى المدن الجديدة.

ثم، هل نحتاج إلى دليل آخر؟! اسالوا عن حجم الودائع المالية فى البنوك المصرية لتجدوها بمئات المليارات.. بالمصرى وبالدولار.. وهنا نقول إن تزايد هذه الودائع الأهلية يؤكد عدم ثقة الناس فى توجهات الحكومات.. وفائدة ثابتة ولو قليلة أفضل من استخدامها فى إقامة مشروعات صناعية أو زراعية ليفتحوا بذلك مئات الألوف من فرص العمل أمام العاطلين.

هنا- وهذا هو المهم- علينا أن نبحث لماذا يُحجم أصحاب الأموال عن المشاركة الجدية فى المشروعات. وسوف نجد السبب الأول هو عدم الثقة.. وخوفاً من تضارب القرارات والقوانين.. مع ارتفاع معدل التضخم، فالمشروع الذى تقول دراساته للجدوى الاقتصادية الأولى إنه سيكسب مثلا 20% يجد المستثمر نفسه، وحتى قبل أن يبدأ الإنتاج، أن هذا الربح لن يصل إلى 5%، والسبب التضخم وتغير سعر صرف الدولار (لاستيراد المعدات والمواد الخام).. ومغالاة العمال والفنيين فى رواتبهم، ومطالبهم بمزيد من الحوافز وأيضاً حصة من الأرباح!!.. طيب: لماذا أجهد نفسى وأتحمل مطاردات الأمن وأجهزة الرقابة.. والبلاغات الكيدية.. إذن ليكن مصير هذه الأموال وضعها ودائع فى البنوك، أو شراء العقارات والأراضى!!

كل ذلك بسبب الخلل الحكومى وعدم وجود، فضلاً عن عدم ثبات، قرارات الحكومة مع غياب خطة استراتيجية واضحة للتنمية.. وعدم اتخاذ أى إجراءات حاسمة للعلاج.. فكان هذا الخلل فى الميزان التجارى والعجز الكامل فى موازنة الدولة.

** ثم كارثة تضخم الجهاز الإدارى للدولة.. وما تتحمله الموازنة من أجور ومعاشات لحوالى 6 ملايين موظف «يا دهوتى»، بينما كان كل رواتب الموظفين والكتبة عام 1833 أيام محمد على مبلغ 100 ألف جنيه، وميزانية الجيش 600 ألف، ونفقات المصانع وأجور عمالها هو 108 آلاف «قطاع عام أيام محمد على»، مع مخصصات غذائية للموظفين 25 ألف جنيه، ومعاشات للأرامل والنساء 30 ألفاً، يعنى تأمينات اجتماعية أيامها!!

وحتى أيام الملك فؤاد ثم ابنه الملك فاروق كانت الإيرادات أكثر من المصروفات.. ففى ميزانية 1928- 1929 كانت المصروفات 37 مليونا و229 ألفا و559 جنيها، بينما كانت الإيرادات 40 مليونا و396 ألفا و975 جنيهاً، أى فى عهد الملك فؤاد.

وفى عهد الملك فاروق كانت ميزانية 1944- 1945 نجد فيها المصروفات 82 مليونا و97 ألف جنيه، بينما كانت الإيرادات 87 مليونا و730 ألفا و528 جنيهاً.

** وعندما يجد المصرى البسيط أن الحكومة تسيطر على مصروفاتها وتحد من نفقاتها وتبدأ خطة صادقة للحد من التبذير الحكومى.. سوف يثق المواطن فيما تطلبه الدولة منه.. ويُخرج أمواله من تحت البلاطة ويساهم فى عمليات التنمية، بشرط توفير الأمن والأمان لرجال المال والأعمال.. أليس كذلك؟! تلك هى البداية السليمة لإعادة بناء الوطن من جديد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية