لا يكاد يمر يوم هذه الأيام إلا وتطالع وتسمع فيه سؤالاً مطروحاً فى صحيفة هنا أو على شاشة هناك، عن الأجندة العملية التى سوف يكون على مجلس النواب الجديد أن ينهض بها حين ينعقد!
وما يكاد الذى يواجه مثل هذا السؤال يتلقاه، حتى يظل يجتهد فى الإجابة، باحثاً عن كلام جديد يمكن أن يقوله، فلا يجد، وينسى أن طارح السؤال يستخف فى الحقيقة بعقل كل مصرى!
ولو أنصف أى إنسان يتلقى سؤالاً كهذا، لأجاب بأن إلقاءه ليس له معنى سوى أننا قد ذهبنا إلى تشكيل مجلس نواب جديد، دون أن نكون على معرفة كافية بما يجب على البرلمان.. أى برلمان.. أن يقوم به بين مواطنيه وناخبيه!
إن إلقاء مثل هذا السؤال فى حد ذاته، يعنى فيما يعنى، أننا نبحث لبرلماننا الجديد عن وظيفة نخترعها غير تلك التى عرفها العالم كله للبرلمانات كلها!
إن العالم المتطور كله يعرف أن البرلمان له وظيفتان لا ثالث لهما: الرقابة على أعمال السلطة والحكومة.. ثم تشريع القوانين العصرية للناس!.. وماعدا ذلك مما نسمعه هذه الأيام إنما هو تهريج فى تهريج!
إننا، لسبب ما، نسينا هذا كله فجأة، وبدأنا منذ بدأت الانتخابات، نبحث عما سوف يكون على البرلمان أن يقدمه للذين انتخبوه، وجاءوا بنوابه إلى مقاعده، وكأننا لأول مرة فى تاريخنا ننتخب برلماناً.
ويبدو أننا نسينا أيضاً أننا نعيش بلا برلمان منذ عام 2012، أى أننا على امتداد ثلاث سنوات كاملة نمارس حياتنا العامة بلا رقابة من أى نوع، خصوصاً الرقابة على إنفاق المال العام فى البلد.. اللهم إلا رقابة الأجهزة المعنية بهذا الشأن فى الدولة، وهى رقابة لابد أنها تختلف عن رقابة يمارسها برلمان جاء به ناخبون عندهم طموحات، وفى نفوسهم آمال وتطلعات لحياة أقل تعاسة، وأخف بؤساً مما هو حاصل وقائم!
ولابد أننا يوم تتكشف أمامنا تفاصيل أكثر، عن إنفاق المال العام، فى الفترة من 2012 إلى 2015، سوف نرى أهوالاً لا تخطر على بال!
ولستُ أرى معنى للبحث عن أجندة عمل للبرلمان الجديد، أو حتى البحث عن أولويات عمل فيه، سوى أننا نريد مسبقاً أن نشوِّش على وظيفتيه الأساسيتين: الرقابة على أعمال السلطة والحكومة، ثم تشريع قوانين يشعر من مضمونها المصرى أنه فى العام الخامس عشر من القرن الحادى والعشرين.. وليس فى قرون مظلمة مضت.
على الذين يريدون أن يخترعوا وظيفة للبرلمان لم نعرفها، ولم نسمع بها، أن يلعبوا غيرها، لأن ذلك لن يكون!