إتشاهد معايا بقى يا حمادة وقول يجعل كلامنا خفيف عليهم.. إحنا أصلنا مش حمل كف.. إحنا لو ضابط زغر لنا هنطب ساكتين!..
نتوكل بقى على الله ونقول إن على صفحتين كاملتين فى جميع الجرائد القومية والمستقلة كان حوار السيد وزير الداخلية، حيث كاد أن يقسم يمين ثلاثة بأن كرامة المواطن على رأسه، وأن ما يحدث من تجاوزات فى الأقسام لا يتعدى الظواهر الفردية!..
كانت مبادرة طيبة مليئة بحسن النوايا، لكن، فى نفس وقت إجراء هذا الحوار كان رئيس مباحث الفيوم- حسبما تناقلت وسائل التواصل- يقتحم محلا تجاريا ويعتدى بالضرب على صاحبه!!.. لا أعلم ما هو تعريف «الظاهرة» فى قاموس وزارة الداخلية، لكن يبدو أنه تعريف مختلف عما نعرفه نحن، لكن انتشار العنف فى أقسام الشرطة من بحرى للصعيد كما حدث فى وقت واحد فالأمرتحول من ظاهرة إلى منهج.. أول ضابط قتل مسجونا كان ظاهرة، أما سلسلة الضباط التى تلته وتكرر على يديها قتل المحجوزين فهذا منهج.. تكرار العنف بهذا الشكل من بحرى للصعيد يعكس تنفيذا لأوامر من قيادات عليا.. نعم، عادت الداخلية لسابق عنفها وقت حبيب العادلى.. نعم، عاد التعذيب فى الحجز...
ربما وقت حبيب العادلى لم تكن وسائل التواصل الاجتماعى منتشرة مثلما الحال الآن، لذلك كان من السهل الإنكار، أما الآن فاليوتيوب يفضح جميع الانتهاكات.. المدهش هو هذا الإصرار من ضباط الأقسام والأمناء على التعامل بعنف.. العنف وصل حتى إلى لجان المرور فى الشوارع، مما يؤكد أن هذه هى الأوامر التى اتفق عليها القيادات.. تعجبت بشدة من تصريح وزير الداخلية فى حواره بأن من سيثبت عليه الإدانة من الضباط سيفصل من عمله!..
والنبى صحيح يا معالى الوزير؟..طب قول والله!.. ما أعلمه يا سيدى الوزير أن النفس بالنفس.. ربنا قال كده، وكلام ربنا يغلب تصريحات الوزراء.. وبالتالى من يثبت عليه التهمة يجب أن يعامل بالمثل!.. ثم ما معنى التصريح بأن «من يثبت عليه التهمة»؟.. ألا يفتح هذا بابا لتسليك الضابط من التهمة؟..
فى حادثة طبيب الإسماعيلية تحديدا ألم تتوفر كاميرا بالصيدلية فضحت الاعتداء عليه الذى بدأ فى الصيدلية؟.. أم هل نتوقع أن زوجته ستتعرض لتهديدات لتغير أقوالها أو أن تقول بأن الكاميرا كانت معطلة؟.. ثم ألا تكفى وفاة المحتجز فى القسم كأكبر دليل على إثبات التهمة؟.. أم أننا نتعشم خيرا فى تقرير الطبيب الشرعى؟.. ما انت عارف يا حمادة إن الطب الشرعى فى بلدنا طيب حبة وسلس حبتين!.. ثم إن الطب الشرعى أصلا تابع لوزارة العدل، يعنى تبع الحكومة، فهل عمرك شفت الحكومة تدين نفسها؟.. هذا يجعلنى أتساءل، هل فى الداخلية طابور خامس؟.. أن يصدر بعض القيادات أوامر ينتج عنها استفحال العنف فى أقسام الشرطة فهذا لا يعنى سوى أمر من اثنين..
إما أننا أمام بداية انتقام الداخلية من المواطنين ع اللى فات واللى جرى.. وإما أن هناك بالفعل خلايا داخل الداخلية تعمل ضد الرئيس وتريد أن تشعل غضب المواطنين عليه.. أى قيادة بالداخلية عاقلة وطنية ترى وتسمع معاناة الناس اليومية مع غلاء الأسعار فى جميع المناحى، أى قيادة بالداخلية عاقلة وطنية رأت وسمعت وشاهدت ضعف إقبال الناخبين فى الانتخابات وما لحقه من تفسيرات سلبية، أى قيادة بالداخلية عاقلة ووطنية بلغها ما يتم من «تستيفات» مريضة لإشعال ثورة ثالثة فى يناير القادم، ثم تصدر أوامرها للضباط والأمناء باستخدام العنف العشوائى بهذا الشكل؟.. أى قيادة بالداخلية عاقلة وطنية لا تتعهد بأقصى العقوبة للضابط القاتل تجنبا لاستثارة الرأى العام أكثر من هذا؟.. ماذا حدث لأول ضابط اتهم بقتل محجوز بالسجن؟.. ماذا حدث مع ثانى ضابط؟.. طب ماذا حدث مع الثالث؟..
الإجابة هى أننا لا نعلم!.. هل عوقبوا فعلا؟.. نحن لم نسمع عن أى إعدامات رغم أن الضرب حتى الموت هو قتل عمدى مع سبق الإصرار والترصد!.. وما أسرع أن تأتيك الإجابات بذكر شهداء الشرطة!..
أرجوكم كفى مزايدة بشهداء الشرطة النبلاء، فقد بات جليا أنه لا يتم ذكرهم إلا لتوفير غطاء إنسانى لما يرتكبه المنحرفون فى السجون.. لقد بات جليا أن المزايدة بشهداء الشرطة أصبحت هى الطريق السريع لإسكات النقد على تجاوزات الشرطة!..
إذا كان أنبل عناصر الداخلية ينعمون الآن فى السماء مع الأنبياء والصديقين، فليس أقل من الإعدام لمن خذلهم من زملائهم فى الأرض فأصبح يحمل عار القتل بالتعذيب!