لفترة قريبة نسبيًا كنا فى طريقنا إلى العمل، تشنف آذاننا كوبليهات جميلة متفائلة تمنينا بيوم حلو، مثل أغنية المطرب الأصيل، محمد قنديل: (يا حلو صبح يا حلو طل.. يا حلو صبح نهارنا فل.. مكتوب عليا أبص لفوق وأجيب لقلبى شوق على شوق.. والحلو دايما حلو وذوق.. حلو وذوق يا حلو صبح)، أو أغنية خريج كلية الهندسة صاحب لقب أطول مطرب فى مصر أحمد سامى (وشك حلو عليا لو شفته الصبحية.. بيمر اليوم بيا كل ساعاته هنية.. وده علشان يا حبيبى وشك حلو عليا.. بقدومك بستبشر زى قدوم العيد.. وأفرح أكتر وأكتر لما تجينى سعيد.. ومّا تشاور ليا وانت بعيد بتحية.. بلقى الدنيا بحالها ضحكت من حواليا.. وده علشان يا حبيبى وشك حلو عليا)، ثم هاجمتنا بشراسة مرحلة الكآبة والشحتفة والولولة والتى منها الروائع التالية (كتاب حياتى يا عين ما شفت زيه كتاب.. الفرح فيه سطرين والباقى كله عذاب.. كتاب حزين كله مآسى.. جابنى فى زمن غدار قاسى.. الفرح سطر غلط مكتوب.. لما الزمان كان يوم ناسى.. عذاب عذاب عذاب)، وكذلك التحفة التالية (هاودعك آخر وداع آخر وداع يا عمر ضايع يا عمر ضايع.. حكم السنين عليا وعليك انكتب.. مين السبب ما يهمنيش مين السبب.. مش هاسألك مين اشترى ومين اللى باع)، وبعد انتشار هذه الأغانى الموجعة صار الأمر وباءً.. وظهر المطرب الرقيق «محمد محيى» فى تلك الفترة (التسعينيات) بأغنية «ع البال والخاطر» ضمن ألبوم كوكتيل تحت اسم «هاى كواليتى» فاشتهر، وذاع صيته، وعند صدور ألبومه الثالث «أعاتبك» وضعته هذه الأغنية فى الصدارة، ومنها هذه الكوبليهات (أعاتبك على إيه ولا إيه ولا إيه.. ع الويل ولا الجراح.. ولا عمرى اللى راح.. أعاتبك ع السنين ولا الشوق والحنين.. ولا هوانا الحزين..
أعاتبك ع الوداع ولا الخداع ولا القسا.. أعاتبك ع الآلام ولا الغرام اللى اتنسا.. أعاتبك على إيه ولّا إيه ولا إيه)، وانطلقت هذه الأغنية كالنار تسرى فى الهشيم، وبعدها بفترة عندما أصدر ألبومه (صورة ودمعة) حقق الألبوم مبيعات قياسية نسبة إلى وجود أغنية «إنتى بتحبى الزعل» ضمن محتوياته، ثم أصدر ألبومه الشهير جدًا (قادر وتعملها) وكانت كل أغانى هذا الألبوم كئيبة وحزينة ومبكية حتى أطلق جمهوره عليه «أمير النكد»، وبعد خمس سنوات عجاف رجع محمد محيى بألبوم «مظلوم» عام 2008 ثم توقف كثيرًا وانطلقت شائعات باعتزاله الغناء، لكنه خرج على أجهزة الإعلام ينفى ذلك بعزم شديد قائلا: لن أعتزل الغناء أبدًا، ووفى النجم بكلمته وها هو قد عاد بألبومه الجديد هذا الشهر (الخوف من اللى جاى) الذى يتضمن التحف التالية: «خايف من بكرة- ماتت حبيبتى- ضاع الأمل- ليالى العذاب- الخوف من اللى جاى- أنا مش حاعيش- كل الجراح- دفنت أحلامى- عايش على الأوهام- زهقت من نفسى»، وإذا كان الناقد الفرنسى الكبير (سانت بيف) قد سخر من الشاعر الفرنسى (لامارتين) واصفًا استدراره الدموع من مآقى العيون مستجديًا مشاعر القرّاء بأسلوب يرفل فى طيلسان الابتذال القمىء قائلًا: «لامارتين شاعرٌ حتى آخر دمعة فى عينيه!»، فأحب أقولك على فكرة مش إنت بس يا محيى اللى زهقت من نفسك!.