x

ياسر أيوب الرئيس وكرة القدم والأشياء الصغيرة ياسر أيوب الثلاثاء 01-12-2015 21:25


لم يكن الرئيس الموريتانى محمد ولد عبدالعزيز يتخيل أو يتوقع أن تكون كرة القدم هى الخنجر الذى سيغرسه فى ظهره كل المعارضين لسياساته وكل من يتهمونه بالانفراد بالسلطة والقرار، وكل وأى شىء فى البلاد..

فالرئيس الذى يحكم موريتانيا منذ عام 2009 بقى طول الوقت تلاحقه اتهامات الديكتاتورية والفساد والمظالم.. وحين زادت مؤخراً تلك الاتهامات الموجهة للرئيس وتعالت الصرخات الرافضة له والغاضبة منه وعليه.. قرر محمد ولد عبدالعزيز الرد على كل هذه الاتهامات فى الإعلام الفرنسى، وأطال الحديث سواء على الشاشات أو أوراق الصحافة الفرنسية، مدافعاً عن نفسه ونظامه ودولته.. ولد الرجل قوياً واضحاً وواثقاً من نفسه ساخراً من المعارضة التى تردد تلك الاتهامات سنة وراء أخرى وكأنه كلام قديم محفوظ يقال طول الوقت كنوع من التجارة والبحث عن المكاسب الشخصية والخاصة..

وبدا الرئيس منتصراً كالعادة على كل معارضيه.. وبعد كل ذلك.. أراد الرئيس هذا الأسبوع الاحتفال مع الناس بانتصاره على كل رافضيه ومعارضيه بمناسبة ذكرى استقلال موريتانيا.. وتم اختيار مدينة أنواذيبو مسرحاً لكل احتفالات عيد الاستقلال ومنها مباراة السوبر الموريتانى بين ناد تفرغ زين بطل الدورى وناد لكسر بطل الكأس.. وعلى الرغم من أنه كان مقرراً إقامة مباراة السوبر فى العاصمة نواكشوط التى منها الناديان الفائزان أيضاً.. إلا أن اتحاد الكرة قرر نقلها إلى مدينة أنواذيبو، بأمر الرئيس، على أن يتحمل الاتحاد كل تكاليف الانتقال والإقامة فى المدينة الثانية حتى يحضر الرئيس مباراة السوبر ويسلم بنفسه الكأس للفريق الفائز.. وهو ما جرى بالفعل.. إلا أن الرئيس الموريتانى تذكر فجأة.. فى الدقيقة الخامسة والستين من عمر المباراة.. أن لديه مواعيد وارتباطات أخرى.. فأمر الرئيس بالاكتفاء بهذا القدر ليطلق الحكم صفارة النهاية واحتكم الفريقان لضربات الجزاء الترجيحية، حيث كانا متعادلين بهدف واحد لكل منهما حين قرر الرئيس إنهاء المباراة.. وعلى الرغم من محاولات رئيس اتحاد الكرة الموريتانى تبرير ذلك بالتأكيد على أن بطولات السوبر ليست رسمية أو بطولات حقيقية، وأن كرة القدم لعبة مرنة قابلة لأى تغيير حتى لو كان زمن المباراة الذى ليس من الضرورى أن يكون تسعين دقيقة..

كما أنه تم استئذان الفريقين ووافقا دون أى تردد أو تذمر.. وتحول ذلك إلى فضيحة سياسية محلية ودولية.. وقدم الرئيس بنفسه الدليل الذى كان يحتاجه ويفتش عنه معارضوه لإثبات أنه لا يحترم أى قانون أو نظام وحدود وحقوق.. بل إنه حتى لم يحترم قانون كرة القدم ونظامها المتعارف عليه عالمياً وفى كل بلدانه.. ولم يتوقع الرئيس محمد ولد عبدالعزيز أن يكون قراره فى ملعب كرة هو الذى سيؤدى بالفعل إلى تشويه صورته التى اجتهد كثيراً وطويلاً لتلميعها سواء فى عيون مواطنيه أو العالم كله.. فكثير من الرؤساء والقادة يظنون طول الوقت أن الأحداث الكبيرة هى التى تصنع نتائج الفوز أو الخسارة، بينما الحقيقة تبقى دائماً تؤكد أن الأشياء الصغيرة هى التى تصنع التاريخ وتكتبه أيضاً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية