x

«تشويه تراث الدراما».. اتهام مسبق يواجه الجزء السادس من «ليالى الحلمية»

الأربعاء 02-12-2015 11:04 | كتب: ريهام جودة, سعيد خالد |
ليالي الحلمية ليالي الحلمية تصوير : آخرون

«الفنون جنون.. ادعو لنا»، بهذه الجملة وصف المؤلف أيمن بهجت قمر تقديمه للجزء السادس من السلسلة التليفزيونية الشهيرة «ليالى الحلمية»، بالمشاركة مع الفنان عمرو محمود ياسين، الذي تحول للكتابة الدرامية مؤخراً، فتح «قمر» بابا من الانتقادات والهجوم بسبب استعداده لتقديم الجزء السادس من الملحمة الدرامية التي صاغها السيناريست الراحل، أسامة أنور عكاشة، وأخرجها المخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ، وأحد أشهر الكلاسيكيات التليفزيونية التي رصدت تطور المجتمع المصرى والتاريخ السياسى له منذ فترة الملك فاروق وحتى التسعينيات بشخوص من لحم ودم ارتبط بها الجمهور العربى قبل المصرى، خلال الفترة من عام 1987، تاريخ بث أولى حلقات العمل، وحتى عام 1995 تاريخ بث الجزء الخامس.

تصدى قمر وعمرو لتقديم جزء سادس من المسلسل قوبل بانتقادات كبيرة، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، نظراً لمرور 20 عاماً منذ تقديم آخر أجزاء السلسلة، ومرور المجتمع بأحداث وتغيرات، يرى كثيرون أن الحديث عنها في جزء جديد يحتاج لفكر مبدعها وحده، الراحل أسامة أنورعكاشة، لتقديمها، حتى لا تخرج عن السياق الإبداعى الذي انطلقت منه السلسلة في الثمانينيات، مستشهدين بأعمال أعيد تقديمها أو تحويلها من السينما إلى التليفزيون، مثل «الزوجة الثانية» و«العار» و«الإخوة الأعداء» لم تلق صدى الكلاسيكيات الأولى، ومهاجمين لفكرة الاستسهال والاعتماد على نماذج ناجحة، إلا أن فريقاً آخرا يرى أن الفن والإبداع قائمان على التجريب والتغيير، رافعاً شعار «ولم لا؟»، ويرفض الهجوم المسبق على عمل لايزال قيد الكتابة، ولم يشرع بعد في تنفيذه.

ماجدة خيرالله: اعتداء فنى على فكر وإبداع أسامة أنور عكاشة

الناقدة ماجدة خيرالله كانت أول من هاجمت فكرة تقديم جزء سادس من «ليالى الحلمية»، واتهمت القائمين على إنتاجه وكتابته بتشويه تراث الدراما والاستيلاء على فكر الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة.

وقالت خيرالله، في تصريحات لـ«المصرى اليوم»: مع احترامى لكل الآراء التي تقول «سيبوهم يجربوا»، ومن يروج هذه المقولة مش فاهم، لأن العمل صنيعة شخص آخر، و«ليالى الحلمية» لم تكن شخصيات سليم والعمدة سليمان ونازك وغيرهم فقط، بل كانت تحمل أفكارا وآراء لكاتبها أسامة أنور عكاشة، كرجل ومؤلف له اتجاه سياسى معين وضع هذه الأفكار في مواقف درامية معبرة، حتى الحوار الذي صاغه حمل روحه وفكره، ولو كتب أحد من أبناء عكاشة بنفسه الجزء السادس هذا، فلن يكون معبرا عن أفكار أبيه مثل صاحبها نفسه، فالفن فيه فكر ورأى سياسى يميز كل مبدع عن غيره، كما أن أبناء أي مبدع يرثون الحقوق المادية وما يدر مالا، لكن لا يرثون الإبداع واستثماره.

وتابعت: اتجاه أيمن بهجت قمر مؤلف الجزء السادس اتجاه مختلف، الحكاية ليست الشخصيات، مفيش حاجة اسمها العمل ملك للناس في هذه الحالة، فإذا افترضنا موافقة الورثة، حتجيبوا منين ما كان يقصده عكاشة من تحريك الشخصيات والأحداث والتغيرات التي مر بها المجتمع المصرى بعد تقديم الجزء الخامس؟، وما يدعم تاريخنا ويؤكد وجهة نظر الكاتب وانتماءاته إزاء هذه الأحداث؟

وطالبت خيرالله المؤلف أيمن بهجت قمر بالتعفف، وقالت: «عمرك ماهتكون روح ولا فكر عكاشة، ولو انت صاحب فكر وإبداع فلتقدم عملا يحمل شخصيات من إبداعك، لماذا تقفز على شخصيات وإبداع شخص آخر؟ لا يوجد مسلسل عمل له remake أو استكمال بهذه الطريقة».

واستبعدت خيرالله فكرة تقديم الجزء الجديد من «الحلمية» بدافع الاستسهال، وقالت: «هذا مثل شخص بنى عمارة، وجاء آخر قعد فيها واحتلها، ولا أصفه غير إن الناس تسرق إبداع غيرها، إحنا مش بنحوش حد عن الإبداع، فلتصنع شخصياتك، حتى لو أخدت مليار جنيه، بس اعمل شخصياتك وبمنطقك وفلسفتك وفكرك، وهناك فرق كبير بين الاقتباس والاستيلاء على شخصيات صنيعة مبدع آخر، ليه ماسكين في تجارب قديمة؟ فلتفعلوا جديدا ينسب لكم، وإذا خرج هذا الجديد جيدا سنشكركم عليه، متتشعبطوش في حاجة ناجحة بحجة أن الأجيال الجديدة (ماشفتش) الأجزاء السابقة، متناسين أن هذا العمل تراث، سيبوه بقيمته.

وتابعت: «ليالى الحلمية» ليست رواية أدبية قابلة لتقديمها وتحويلها في أكثر من عمل سينمائى أو تليفزيونى، بل عمل كتب خصيصا للشاشة الصغيرة. ووصفت خيرالله الأمر بالاعتداء الفنى على حق عكاشة، وعلى الجمهور أيضا الذي ارتبط بهذا العمل، وتساءلت: هل ينفع نعمل استكمال لـ«رأفت الهجان»؟، وغيره، هناك أعمال وصلت لمنتهاها الدرامى، وعكاشة نفسه لو كان عنده ما يكمل به «ليالى الحلمية» لأكمله، لكنه قدمه واستثمره بأقصى شكل، إضافة إلى أن النجاح للعمل الفنى يأتى بالإحساس بالكتابة وأداء الممثلين والديكور وروح العصر والأزياء والموسيقى، فتتر المسلسل لم يتغير على مدى الأجزاء الخمسة، وهذا ملك صناعه فقط. واختتمت خيرالله كلامها بالتأكيد على أننا نعيش حالة عشوائية تسمح بأن أي شخص يعمل أي حاجة، وطالبت النقابات الفنية بالتدخل في صناعة الأعمال بشكل عام، وتحديد الفارق بين الاقتباس والاستكمال لعمل ما والسرقة والاعتداء على شخوص وأفكار مبدع ما.

نسرين عكاشة: حصلوا على موافقتنا ..ولو كان أبى حياً لوافق على تقديمه

أكدت الإعلامية نسرين أسامة أنور عكاشة، ابنة السيناريست الراحل، أن الضجة حول تقديم جزء سادس من المسلسل كبيرة جدا وغير مفهومة، رغم أن العمل سيجرى تقديمه بعد موافقتهم كورثة للكاتب الراحل، وهذا الجدل لا داعى له لأننا لم نر العمل بعد ولا يزال في مرحلة الكتابة.

وقالت نسرين في تصريحات لـ«المصرى اليوم»: تم الاتفاق والنقاش معنا منذ فترة طويلة، بعد أن اقتنعنا بما سيقدمونه، ووجدنا لديهم شيئا وتصورا محترما، ويقترب من فكر العمل الأصلى الذي قدمه والدى، كما وعدونا بأن يحافظوا على الخطوط الأصلية للعمل، وبدوا حريصين أكثر منا في معالجتهم له. وأشارت إلى احترامها لكل من اعترض بشكل راق على تقديم جزء سادس من العمل، وتابعت: نحن أيضا متخوفون، لحين خروج هذا الجزء إلى النور، ولكن ليس بهذه الطريقة المفزعة التي هاجم بها البعض الفكرة نفسها، فهم كانوا يهاجمون من لا يتناول عملا من التراث ويبررون ذلك بأنه ملك للجميع، وحين تعلق الأمر بـ«ليالى الحلمية» تراجعوا ليهاجموا من يقدم جزءا جديدا له.

وأضافت: هناك فعلا تخوف أتفهمه لدى البعض، لكن عملا مثل «ليالى الحلمية» لو قدم جزء جديد منه، فلن يضر إلا صناعه أنفسهم وليس المشاهد الذي نال جرعته من الإبداع حين تابع الأجزاء الخمسة السابقة، ولا أعتقد أن صناع الجزء السادس سيقدمون جزءا خارج السياق مما قدم في السابق، وأرفض تماما فكرة الهجوم والانتقاد لمن يرغب في تقديم عمل لمجرد أن أسامة أنور عكاشة قدمه، فهذا حجر على الإبداع، ولو كان والدى حيا بيننا لكان من المرحبين بتقديم جزء جديد طالما اقتنع بفكرته، وحفاظها على الخطوط الأصلية وروح العمل، وقد كان يرغب في تقديم جزء جديد في أواخر أيامه، بعدما شهدت مصر تغيرات وأحداثا كثيرة، رغم أنه بعد سنوات من تقديم الجزء الخامس كان يرى أنه لا جديد لتقديمه، لكنه تراجع مع المتغيرات التي شهدها المجتمع، وكان يتمنى تقديم أجيال جديدة كصناع للدراما، وقد ترك ثروة فكرية للاستفادة منها لدى الكتاب والموهوبين، كى نستطيع أن نطلق عليها أنها «تراث»، وتصبح الكلمة عن حق، وليس للمصادرة على من يرغب في العمل عليها، من قبل المحبطين الذين أطالبهم بمنح أسرة العمل فرصتهم. واختتمت نسرين حديثها: إذا كنا احنا مش قلقانين بهذا الشكل المرعب، فلماذا يشعروننا بالفزع؟

محمود شميس: حريصون على خروجه بشكل مشرف

محمود شميس، منتج العمل، رفض ذكر أي تفاصيل تتعلق بالجانب الفنى وإنتاج الجزء السادس من المسلسل، وقال لـ«المصرى اليوم»: بدأنا مناقشة الفكرة منذ ما يزيد على 5 أشهر، ويعكف المؤلف أيمن بهجت قمر حالياً على كتابة الحلقات، ونحن حريصون على خروجه بشكل مشرف، لأنه قماشة عريضة، وطالب «شميس» أن تكون مشاركة الجميع معهم إيجابية والتقدم بأى مشاركة تتعلق بالمجتمع وما يمر به لتناوله درامياً في العمل.

أحمد صقر: قطاع الإنتاج يبحث موقفه

قال أحمد صقر، رئيس قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى، إن منتج العمل، محمود شميس، أرسل لنا خطابا رسميا للمشاركة في إنتاج الجزء السادس أو الجيل الثالث من مسلسل «ليالى الحلمية»، بصفة قطاع الإنتاج المالك للأجزاء الخمسة السابقة، وأكد أنه تم تشكيل لجنة من القطاع لدراسة تفاصيل وكيفية مشاركة القطاع كجهة إنتاجية في العمل، والميزانية المطلوبة. وتابع صقر: سنرسل ما يتعلق بالميزانية إلى القطاع الاقتصادى بالتليفزيون، الذي سيحدد الموقف النهائى من المشاركة.

ممدوح عبدالعليم: عودته تحرك المياه الراكدة للدراما

قال الفنان ممدوح عبدالعليم إن المسلسل مازال مجرد مشروع، وإنه يقرأ حالياً المعالجة التي كتبها أيمن بهجت قمر وعمرو محمود ياسين، مؤكداً أن الجزء السادس يعود بعد 20 سنة منذ أن قدم عام 1995 آخر الأجزاء، وطالب من الجميع أن يساعدوا القائمين على المشروع حتى يخرج بهدوء ووقار، وأن يأخذ المشروع جدية أفضل. وأضاف: الأمر مازال مجرد تصور، والفكرة مطروحة منذ عامين، وكانت المشكلة فيمن سيتصدى للكتابة وهنا كان مربط الفرس، وإن كان أيمن بهجت قمر محسوب على الشباب، لكنه ترعرع في منزل بهجت قمر، وشهد مزايا الجلسات مع الفنانين الكبرى ومساوئها، وما يهمه أنه موهوب لكونه يتصدى لمشروع الحلمية، والذى يعتبره ممدوح كتابا مفتوحا، يستعرض آفاق مصر ومن حولها، و«ليالى الحلمية» أهميتها أنها تعتبر حجر يرمى في ماء راكد مع تراجع الدراما.

آثار الحكيم: سأتراجع عن اعتزالى لو شارك كل أبطال الأجزاء السابقة

قالت الفنانة آثار الحكيم إنها لا تتوقع أن يكون العمل على مستوى الأجزاء السابقة مع احترامها الكامل لكتابات أيمن بهجت قمر وأفكاره لكنها لا تستطيع تكوين صورة أو تخيل لشكل الشخصيات، متسائلة كيف سيقدم يحيى الفخرانى وصلاح السعدنى، وصفية العمرى، ومن المفترض أن أعمارهم تجاوزت الـ 80، أيضًا شخصية «زهرة» التي جسدتها آثار ضمن الأحداث وهشام سليم وممدوح عبدالعليم، خاصة أن الأحداث كما قيل ستبدأ منذ عام 2005 وحتى 2015.

وتابعت: أنا ضد الفكرة التي تستغل مشوار مدرسة أسامة أنور عكاشة، صاحب ريادة صعب أن تتكرر في تحليل حقب مختلفة في التاريخ، وكأنه جراح ماهر، الفكرة بالنسبة له ليست مجرد حدوتة لكنه مثل جراح ماهر يحلل الأحداث في إطار اجتماعى وسياسى واقتصادى وأعماله تعتبر موسوعة تؤرخ لفترات متباينة من حياتنا، عكس أعمال الجيل الجديد التي تعتبرها مضيعة للوقت قائمة على النميمة والإسفاف والضرب والعرى لمن لا يحملون أمانة القلم والكلمة. وأضافت آثار: رغم اعتراضى قد أقبل بالفكرة وأشارك فيها وأتراجع تراجعا استثنائيا عن اعتزالى التمثيل في حالة مشاركة كل أبطال الأجزاء السابقة في الحلقة الأولى فقط بشكل «إفيه»، ردًا لجميل أسامة أنور عكاشة، كحلقة تلخص نهاية هذا العصر وتبدأ بعدها باقى الحلقات مع الأجيال الجديدة، وكأنها «صامولة» تربط بين الحلقات القديمة والجديدة، وإن كان لدى حرج بسبب إننى اعتذرت في الجزءين الرابع والخامس عن عدم المشاركة لظروف حملى في ابنى، وحلت محلى الفنانة إلهام شاهين، وقد يفكرون في الاستعانة بإلهام وهو شىء أحترمه.

وتوقعت أن يحظى الجزء الجديد بنسبة مشاهدة عالية لأن طبيعة السوق والعصر الحالى استهلاكية عكس زمن الفن الجميل الذي لم يكن فيه هذا الكم من الفضائيات، وستشاهد بمبدأ الفضول وليس حرصًا على المشاهدة.

عمرو سمير عاطف: لا يجب التعامل مع الفن كما لو كان كتباً دينية

شهدت صفحة المؤلف عمرو سمير عاطف، على موقع فيس بوك، اشتباكا في التعليقات حول الموضوع، بين مؤلف الجزء السادس من مسلسل «ليالى الحلمية»، أيمن بهجت قمر، والناقدة ماجدة خير الله، بسبب اختلافهما حول فكرة تقديم جزء جديد، وطالب عاطف بعدم الحكم المسبق على العمل الذي لايزال قيد الكتابة، وقال لـ«المصرى اليوم»: الفن أساسه التجريب والخروج عن المتوقع، قد يكون القائمون على العمل وجدوا فكرة جيدة يستكملون من خلالها أحداثه، فلماذا نستبق الأمور؟! والفن الهدف الأساسى منه هو الإمتاع، والشىء الممتع أن الناس بدأت تستمتع وتتشوق وتنتظر ما سيتم تقديمه في الجزء السادس.

وتابع عاطف: لا بد من تأجيل أي هجوم مسبق، ونحتاج للتعامل مع الأعمال الفنية بطريقة بعيدة عن تعاملنا مع الكتب الدينية المقدسة، مثل إعادة توزيع أغنية لأم كلثوم، إذا أردنا أن نستمع لها فلنستمع، إذا لم نرد لدينا الأصل. وأشار إلى أن هناك أجيالا جديدة لم تشاهد «ليالى الحلمية»، وبالتالى قد تقبل على مشاهدة الجزء الجديد منها، فلا يجب أن نضع توقعات سيئة لما سيتم تقديمه، لأننا تعودنا الحكم على العمل الفنى بمجرد الإعلان عنه، وهذا أمر غريب وفهم خاطئ للفن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية