قالت السفيرة مرفت تلاوي، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، إن فكرة «الأجندة التنموية» تشير إلى بدء نهج جديد في أسلوب التعامل مع التنمية.
وأضافت تلاوي، في كلمتها خلال افتتاح مؤتمر «المرأة العربية في الأجندة التنموية 2015-2030»، أنه لم يعد ممكنا أن تتم التنمية بجهود منعزلة لقطاعات متفرقة، وإنما يجب أن تكون عمليات متكاملة تضطلع بها أجهزة متعاونة في ظل فلسفة وغايات موحدة.
وفيما يلي نص كلمة السفيرة مرفت تلاوي:
معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية
معالي المستشار أحمد الزند وزير العدل بجمهورية مصر العربية
سعادة السفراء ممثلي منظمة الأمم المتحدة : هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي،
السيدات والسادة الخبراء والباحثين،
السيدات والسادة الحضور الكريم،
أهلا بكم في مستهل مؤتمر (المرأة العربية في الأجندة التنموية 2015-2030) الذي يبدأ اليوم وتستمر أعماله على مدار ثلاث أيام والذي نأمل أن تقدم نقاشاته الفكرية اسهاما مهما للسياسات التنموية في دولنا العربية.
أود أولا أن أتوجه بعميق الشكر للجهات التي تعاونت مع منظمة المرأة العربية في إخراج هذا المؤتمر المهم، فأشكر برنامج الأمم المتحدة الانمائي وخاصة المكتب الإقليمي للمنطقة العربية، وأشكر جامعة الدول العربية بكافة إداراتها المعنية ، والشكر موصول لجميع السادة والسيدات الباحثين والخبراء المشاركين في أعمال المؤتمر.
الحقيقة أننا في منظمة المرأة العربية نعول كثيرا على هذا المؤتمر ونعتبره من المؤتمرات ذات الأهمية الاستثنائية ، ليس لأجندتنا فقط إنما للأجندة التنموية العربية ككل، وذلك انطلاقًا من عدة اعتبارات :
الأول : أن فكرة (الأجندة التنموية) التي هي موضوع المؤتمر تؤشر على بدء نهج جديد في أسلوب التعامل مع التنمية، فالتنمية لم يعد ممكنا أن تتم بجهود منعزلة لقطاعات متفرقة، إنما الأصح أن تكون عمليات متكاملة تضطلع بها أجهزة متعاونة في ظل فلسفة وغايات موحدة .
هذا التكامل القطاعي في العملية التنموية ينبع من المفهوم الجديد للتنمية ذاتها. لقد طورت المرجعيات الدولية في الآونة الراهنة مفهومًا جديدا للتنمية يجمع بين التنمية المستدامة والتنمية الإنسانية؛ هو مفهوم (التنمية الإنسانية المستدامة)؛ والذي يشير إلى "عملية توسيع خيارات البشر عبر تعظيم قدراتهم وفرصهم بطرق تحقق الاستدامة من المنظور الاقتصادي والاجتماعي، وتفيد الحاضر دون التأثير على المستقبل". هذا المفهوم الذي يدور حول الإنسان يكتسب تعدديته وثراءه من ثراء الحياة الإنسانية نفسها وتعدد جوانبها.
والأجندة التنموية الجديدة ليست شعارا، إنما هي خطة طريق لها شرعية ونفوذ دولي كبير، وفي ضوء هذا فإن هذه الأجندة –بما تحمله من أهداف كثيرة تغطي الحياة الانسانية بجوانبها الاقتصادية والمعيشية والبيئية والاجتماعية والثقافية والسياسية - هي بمثابة فتح على عهد جديد من الاهتمامات والكتابات والسياسات التي تغطي كافة هذه القطاعات بشكل منتظم ومتناغم تحت لواء واحد. وبعبارة أخرى فإن العقلية التنموية ستنتقل تدريجيا من نهج قطاعي إلى نهج تقاطعي inter-disciplinary ، بما يفرض التنسيق والتكامل بين كافة الأجهزة والقطاعات الأمر الذي سيصب نحو مسارات أكثر انضباطًا وكفاءة وإنسانية للتنمية.
الثاني : إن المرحلة الجديدة من العمل التنموي بهذا المعنى يجب أن تتسم بالشمولية؛ بمعنى أنها لا تستثني أحدًا ، بل تشهد إدماجًا لجميع الفئات : الأطفال والعجائز، النساء والرجال، الريف والحضر ...الخ وتهتم بتحقيق المساواة والعدالة للجميع.
الثالث: إن الاحصاءات والمؤشرات يجب أن تكون محور المرحلة الجديدة من العمل التنموي، فالبيانات هي التي تقدم صورة الواقع المُستهدف بالاصلاح والتنمية، وستتضاعف مهام ومسئوليات الأجهزة الإحصائية في تقديم بيانات واحصاءات شاملة ودقيقة وآنية في الوقت نفسه. بيانات غائبة بشأن قضايا مهمة، وبيانات قائمة عن قضايا لم تأخذ حقها من اهتمام السياسات التنموية.
الرابع : المرحلة الجديدة من السياسات التنموية التي نتطلع إليها والتي يهدف هذا المؤتمر إلى المساهمة في التأسيس لها هي مرحلة تهتم بالمرأة بطريقة شمولية إدماجية عادلة. فمن ناحية لن تكون المرأة محل اهتمام قطاع أو جهاز واحد داخل الدولة ، إنما هي قضية تقاطعية حاضرة في اهتمامات وسياسات كافة القطاعات الوطنية. وسيقوم الخبراء والباحثون المشاركون في مؤتمرنا اليوم بالوقوف على حضور المرأة في سائر الأهداف السبعة عشر للأجندة التنموية، راصدين دورها كشريك فاعل يجب أن يتم الاعتراف بدوره وأن يتم دعم تعزيز هذا الدور في السياسات الحكومية، وراصدين كذلك حضورها كضحية تحتاج الحماية كما في الحروب والنزاعات ، أو كطرف مستضعف في الهياكل الأسرية والقانونية وأطر العمل والتشغيل بما يتطلب التدخل بالدعم والمساندة ، أو كطرف تتهدده المستجدات المناخية أو الاقتصادية وغيرها الأمر الذي يجب أن يتم التنبه له والاحتراز منه في الأجندات الوطنية المعنية بالاصلاح والتنمية.
السيدات والسادة،
إننا نعول كثيرا على هذا المؤتمر ومناقشاته والأفكار التي ستطرح فيه، وقد بدأنا التحضير له منذ شهور وتواصلنا مع عدد كبير من الخبرات العربية في جميع مجالات اهتمام الأجندة التنموية وتم إعداد 24 دراسة اعتمدت على تحليل للأدبيات القائمة وللواقع العربي. وسيتم عرض هذه الدراسات ومناقشتها في المؤتمر الحالي الذي ستتوزع أعماله على جلسات عامة ، وجلسات عمل متوازية تعني كل منها بهدف من أهداف الأجندة التنموية السبعة عشر . وفي ظل الطيف الكبير من الخبرات والتخصصات المشاركة، فإننا نأمل أن تشهد النقاشات في كل مجال خروجًا من مجال التخصص الضيق إلى مقاربات أكثر شمولاً لكل القضايا من منظورات متعددة .
ونحن نطمح إلى أن يتوصل المؤتمر إلى عدة أمور:
بلورة مؤشرات تكون بمثابة دليل ارشادي للحكومات عند صياغة ، وتنفيذ ، ومتابعة تنفيذ وتقييم السياسات التنموية الوطنية، بحيث تتسم هذه السياسات بالشمولية والعدالة وتضمن إدماج النساء ومراعاة احتياجاتهن في جميع القطاعات ودون استثناء.
دعم وتقوية الاحصاءات المراعية للنوع الاجتماعي، بما يضمن التعبير الدقيق عن واقع جميع الفئات، وبالأخص النساء والفتيات في المجتمعات العربية، ويساعد بالتالي صانعي السياسات التنموية والاجتماعية في تغطية الاحتياجات المختلفة.
تكوين نواة لفريق من المفكرين والمهتمين والمتابعين الذي يرصدون ويكتبون عن قضايا التنمية المستدامة والسياسات المتعلقة بها وحضور المرأة فيها ، بما يضمن استمرار الاهتمام بالقضية ويشكل حالة استنفار اجتماعي ووطني بشأنها.
تكوين آلية متابعة وتقييم على المستوى الاقليمي لمدى التزام السياسات التنموية الوطنية بإدماج بعد النوع الاجتماعي بحيث تدعم هذه الآلية الحكومات العربية عند قيامها بتقديم تقارير المتابعة الوطنية بشأن تنفيذ الأجندة التنموية 2030.
تأسيس مركز اقليمي للتدريب على كيفية إعداد الموازنات المستجيبة للنوع الاجتماعي، بما يكرس تضمين بعد النوع الاجتماعي واحتياجات المرأة على الأخص في السياسات التنموية.