قال المستشار أيمن عباس، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، فى مؤتمر صحفى عقده يوم الأربعاء، إن إجمالى عدد الأصوات الباطلة فى انتخابات يومى الأحد والاثنين الماضيين، بلغ 572 ألفاً و400 صوت!
والعدد، كما ترى، يزيد على سكان دول بكاملها فى المنطقة من حولنا.. وإذا كان هناك بيننا، مَنْ استهول أن يصل عدد الأصوات الباطلة، فى مرحلة واحدة، من مرحلتى الانتخابات، إلى هذا الرقم، فإننى فى المقابل قد انشغلت فى الموضوع كله، بأمر آخر تماماً!
هذا الأمر الآخر، هو السبب الذى جعل ما يزيد على نصف مليون مواطن، يبطلون أصواتهم، لأن علينا أن ننتبه جيداً إلى أن أصحاب هذه الأصوات الباطلة، ليسوا سواء، فمنهم من أبطل صوته عن قصد، وعن عمد!.. وتلك، بالضبط، هى النقطة التى أتمنى لو أخذت عند صانع القرار الاهتمام الذى يليق بها!
إننى أريد أن أقول، إن بعض أصحاب هذه الأصوات قد بطلت أصواتهم، عن جهل، لأنهم إما لم يكونوا يعرفون عدد مقاعد دوائرهم، فصوتوا على ثلاثة مرشحين، مثلاً، بينما المطلوب مرشحان اثنان، وإما أنهم ظنوا أنهم سوف يختارون عدداً من المرشحين فى أى قائمة، لا القائمة كلها، وتصرفوا على هذا الأساس، فبطلت أصواتهم أيضاً!
مثل هؤلاء، جنى عليهم الذين وضعوا قانون الانتخابات، وارتكبوا جريمة فى حقهم، عندما وضعوا قانوناً جعل العملية الانتخابية بالعبث الذى رأيناه، ونراه، وجعل الناخب، وهو فى داخل اللجنة، كأنه فى بيت جحا!
ومثل هؤلاء، مرة أخرى، يظل ذنبهم فى رقبة كل من شارك فى وضع القانون وأخرجه بالصورة الهزلية التى خرج عليها.
لكن.. على الجانب الآخر، هناك ناخبون أظن أنهم غالبية فى أصحاب الأصوات الباطلة، ذهبوا إلى الصندوق، وأبطل كل واحد منهم صوته، عامداً.. وهو لم يبطله عامداً، وفقط، وإنما كتب عبارة أو أكثر، على بطاقة الانتخاب، يقول فيها، إنه للأسباب الفلانية قد أبطل صوته!
هذا الناخب، الذى أبطل صوته، قاصداً هو الذى يهمنى، وأظن أنه لابد أن يهم صانع القرار فى البلد، لأنه ليس ناخباً، ولا اثنين، ولا عشرة، ولا حتى مائة أو ألفاً.. وإنما العدد زاد فوصل لمئات الآلاف، ولذلك، فالانتباه إلى أسباب إبطال صوته، واجب، وهى أسباب كتبها كل واحد منهم فى بطاقته فى الغالب، وبخط يده!
هاتوا البطاقات التى جرى إبطالها عن قصد، أو حتى عينة منها، واقرأوا ما فيها، لتعرفوا كيف يفكر نصف مليون مواطن فى البلد، وكيف يرون ما يجرى.. هاتوا بطاقة نشرتها الصحف، بعد انتخابات المرحلة الأولى، لناخب اختار قائمة «فى حب مصر» ثم كتب عبارة محددة، على بطاقته أمام القائمة!.. هاتوها لتروا، ولتعرفوا بالتجربة المباشرة، كيف يفكر الناخب، وماذا يرى، وكيف يلخص المسألة كلها فى عبارة واحدة.. هاتوها لتروا أن الناخب ليس بالسذاجة التى يتصورها كثيرون!