x

أيمن الجندي هلاوس أيمن الجندي الجمعة 27-11-2015 21:11


كان ينبغى على الأستاذ «أحمد» أن يدرك أن امرأة تصغره بثلاثين عاما لن تتزوجه من أجل سواد عينه. أو لأنها وقعت فى حبه ولا يعجبها إلا الرجل الناضج. إن أحدا لم يتهمه بالجاذبية فى شبابه فكيف به الآن وقد جاوز الستين، وصلعته الملساء خير شاهد على ذلك. صحيح أنه طيب القلب ولكن هذه سمات تجذب أصدقاءك، ولا تجذب امرأة متفجرة الأنوثة مثل «شيماء» التى أثبتت بقوامها الملفوف أن الأرض ليست وحدها المستديرة!

■ ■ ■ ■

هكذا وقع الأستاذ أحمد فى شباك شيماء الموظفة الجديدة تحت رئاسته. بريئة وساذجة وعلى نيتها. وإلا فلماذا تباسط زملاؤها الرجال المزاح دون أن تفطن- المسكينة- أنهم ينظرون إلى سروالها الضيق. وهكذا قام لها بدور الناصح. خدى بالك يا شيماء. أنت بريئة يا شيماء. إنهم أوغاد يا شيماء. وتبكى شيماء وتهمس له بين دموعها أنه هو وحده الذى يثير خيالها. ويتوه فى عينيها الواسعتين الجريئتين فيجن جنونه.

■ ■ ■ ■

وهكذا تزوجها. وبصرف النظر عن أن المدعوين كانوا يضحكون، فإن الأستاذ أحمد- وهذا هو المهم- كان سعيدا.

وتأكدت سعادته حين سمحت له شيماء ليلة زفافها بالنوم لأنه كان مرهقا. بل بلغ من لياقتها معه أنها همست أنها لن تحتمل وحشا مفترسا مثله. وفى الأيام التالية تحقق المراد وتذوق أستاذ أحمد من صنوف السعادة ما جعله يوقن أنه كان لا يعيش قبل ذلك.

■ ■ ■ ■

لكن الحلو لا يكتمل، أو ربما هى العين كما أكدت شيماء. أُصيب أستاذ أحمد بذبحة قلبية، ولولا شهامة «عاطف» جاره الشاب الذى حمله كما يحمل الطفل إلى المستشفى لتفاقمت الحالة. مازال هناك خير فى شباب هذه الأيام وإلا فلماذا راح يعود جاره المريض، برغم أن شيماء كانت تقول حين ينصرف إنه ثقيل الظل مثل كل الشباب الذين هى أصلا لا تطيقهم.

■ ■ ■ ■

استيقظ أستاذ أحمد مشوش الذهن شاعرا بالارتباك، والحقيقة أن نومه كان ثقيلا بسبب الحبوب اللعينة التى صرفها له الطبيب وتحرص ملاكه شيماء على جعله يتناولها فى المساء وتهتم بها اهتماما خاصا. وبرغم أن الطبيب أبدى دهشته لأن هذه الحبوب من المفترض أنها لا تسبب النعاس فإن شيماء استخفت بكلامه. هذه الليلة نهض على أصوات غريبة فى الغرفة المجاورة. وحين شاهد جاره عاطف متخفف الثياب فإنه سقط فاقدا الوعى لا يصدق ما رأى.

استيقظ فى الصباح وقد أرسلت أمنا الشمس قبلات الضياء على الغرفة بأكملها. وبكت شيماء حين أخبرها بما رأى. وهمّت أن تطلب الطلاق وأوشكت أن تغادر البيت غاضبة. هل وصل الأمر أن يتهمها بالخيانة؟ ومع من؟ شاب كعاطف وهو أول من يعرف أنها لا تطيق الشباب كما أخبرته ألف مرة! لا بد أن الهلاوس التى تسببها الحبوب هى التى جعلته يتوهم.

■ ■ ■ ■

وهكذا أُضيفت الهلاوس إلى هموم الأستاذ أحمد. النقود تتناقص بسرعة جنونية، وشيماء تخبره بأنها لم تكن موجودة أصلا. الشقة التى قالت إنه كتبها باسمها كهدية الزواج وهو لا يذكر هذا.

للمرة الثانية استيقظ على ضحكات رقيعة إذ يبدو أن الحبوب لم تعد تعمل. لكنها أخبرته بغضب حقيقى، وهى بين أحضان عاطف، أنه يهلوس. لذلك فى المرة الثالثة، لم يجد بأسا أن يطلق عليهما الرصاص من مسدسه المرخص، ثم يذهب لينام خالى البال، عالما أنه سيستيقظ فى الصباح البرىء ليجد الأمر ليس أكثر من هلوسة!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية