بعد أن بدأت كرة القدم فى مصر تلتقط أنفاسها وتتأهب لتقفز عالياً وتجلس على قمة اهتمام وانشغال وانتباه الرأى العام.. وحين تخيلت اقترابها من استعادة نفوذها ومكانتها القديمة لتعود من جديد بمبارياتها وحكاياتها ونجومها وفضائحها ومعاركها نجمة لكل الشاشات..
عادت الكرة المصرية من جديد مضطرة لأن ترضى بالقليل الذى سيتركه لها «داعش» من أضواء واهتمام سواء فى مصر أو فى العالم كله.. وباتت اللعبة الجميلة محاصرة بهؤلاء الأعداء الذين يكرهون أى ورود وألوان وجمال وأمان وهدوء وسلام ويكرهون حتى الحياة نفسها..
ففى يوم أمس الأول كان الإرهاب فى سيناء يحاول تفجير أحد فنادق العريش ويقتل بالفعل سبعة شهداء أبرياء.. وتفجير انتحارى آخر فى قلب تونس طال أحد أتوبيسات الأمن الرئاسى التونسى.. وتم تفجير سيارة للأمم المتحدة بقنبلة فى مدينة تمبكتو شمال غرب مالى.. وواصلت بلجيكا شللها الاقتصادى والاجتماعى والخوف الساكن كل شارع وبيت ومكتب ومقهى وملعب.. وأسقطت تركيا طائرتين روسيتين كانتا مع القوات الروسية التى تحارب «داعش» فى سوريا.. وانفجرت قنبلة أخرى وسط مدينة أثينا.. وتوالت التهديدات فى عالم لم يعد آمنا ومحصنا ضد قنابل الموت والإرهاب ورصاصات الدم والخوف.. لدرجة أن تعلن الحكومة الأمريكية رسميا أن بلادها ليست مهددة حاليا بأى هجمات لـ«داعش» وكأن هذا هو الاستثناء وليس القاعدة..
وفى هذا المناخ بات من الطبيعى جدا ألا يلتفت العالم لنجم كروى كبير بحجم ومكانة وشهرة ميشيل بلاتينى، رئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم، حين أوصت لجنة الأخلاق بـ«فيفا» بضرورة شطب بلاتينى مدى الحياة ومنعه من ممارسة أى دور أو نشاط له علاقة بكرة القدم بعد اتهامه بتلقى مليونى يورو رشوة من بلاتر رئيس «فيفا». أما فى مصر.. فلم يعد يملك كثيرون الفرصة والقدرة لمتابعة حرب جديدة بين رئيس الزمالك والمدربين البرتغاليين جوزيه وفيريرا.. أو تلك الأزمة الخاصة بحفل رعاية الأهلى ومن الذين تمت أو لم تتم دعوتهم.. فلم يعد هناك كثيرون على استعداد للالتفات لمثل هذه الحكايات التى كانت فى الماضى تشغل الناس وتقلب الدنيا..
وشعر هؤلاء الكثيرون بأنه من السخف والسذاجة الاهتمام بمثل هذه الحكايات وسط الإرهاب والدم والموت التى تلاحق الجميع طوال الوقت وفى كل مكان.. وامتلكت مصر، إلى جانب ذلك كله، عاملا إضافيا يجعل مهمة كرة القدم المصرية فى استعادة نفوذها وأضوائها ومكانتها القديمة مهمة شديدة الصعوبة إن لم تكن مستحيلة.. فالإعلام السياسى المصرى أعلن بشكل عملى أنه لم يخسر المعركة بعد وفتح صناديقه القديمة وأخرج منها معارك وخلافات وتهديدات مثيرة وزاعقة..
ولن أتوقف أمام تفاصيل ونتائج هذا الخلاف الجديد بين زميلين وصديقين، إنما سأتوقف فقط أمام رفض أى صحفى وإعلامى الآن أى انتقاد له وكأنه مسموح له بأن ينتقد الجميع من الرئيس إلى أصغر موظف رسمى بشرط أن يبقى هو وحده فوق أى نقد أو حساب ومراجعة.. كما أن الحاصل فى العالم كله حاليا يجعل من السخف اتهام الأمن المصرى بالخطأ والتقصير.