كانت دولة الإسلام بالأندلس من أخصب وأطول الدول عمراً، فقد امتدت قرابة الثمانية قرون مرت خلالها دولة الأندلس بعدة أطوار وتراوحت عليها فترات القوة والضعف.
ويمكن تقسيم هذه المراحل إلى عشر مراحل، الأولي كانت مرحلة الفتح «٩٢ هجرية- ١٣٨م»، حيث كان فتح الأندلس على يد موسي بن نصير وطارق بن زياد، بعد معارك ضروس مع الإسبان، إلى أن أصبحت الأندلس ولاية إسلامية تابعة للدولة الأموية وقد تعاقب نحو 23 واليا على الأندلس في هذه المرحلة.
وكانت المرحلة الثانية التي شهدت عصرالازدهاروقيام الدولة الأموية وعرفت قائداً واحداً وهو صقر قريش، وهو عبدالرحمن بن معاويةبن هشام الملقب بالداخل وكانت المرحلةالثالثةهي مرحلة التدهور الأول، وشهدت تعاقب 3 أمراء، أما المرحلة الرابعة فكانت مرحلة عودة القوة وإعلان الخلافة، وهي التي حكم فيها عبدالرحمن الناصر وأعاد الهيبة والقوة للدولة وواجه الأخطار الصليبية والمحاولات التوسعية للإسبان ثم جاءت المرحلة الخامس العامرية ثم المرحلة السادسة التي شهدت سقوط الخلافة الأموية ثم السابعة مرحلة ملوك الطوائف.
ثم المرحلة الثامنة التي شهدت عصر المرابطين، ثم المرحلة التاسعة حيث عصرالموحدين ثم المرحلة الأخيرة والعاشرة التي شهدت دولة بني الأحمر«مملكة غرناطة»، وخاض المسلمون معارك طاحنة في الدفاع عن وجودهم الباقي إلى أن سقطت غرناطة «زي النهارده» في 25 نوفمبر ١٤٩١.
ويقول الدكتور محمد زكريا عناني أستاذ الأندلسيات بجامعة الإسكندرية لقد سقطت غرناطة في يد الملكة إيزابيلا والملك فرناندو بعدما استمرت المرحلة الغرناطية لأكثر من قرنين ونصف القرن تمثل وحدها الوجود الإسلامي على شبه الجزيرة الأيبرية كلها وكانت مابقي من كل الأندلس بالمفهوم العربي الشائع.
وقد جاء هذا السقوط مسبوقا بمراحل انهيار متتابعة أهمها سقوط مدينة «لوشة» سنة 1486م ثم «بلش» و«مالقة» و«المرية» في 1487 ولعل مدينة «بسطة» التي سقطت في 1489 مثلت الإيذان الأخير برحيل الإسلام قبل تسليم غرناطة وقصرها الرائع «الحمراء» وتوقيع وثيقة التسليم الكامل والتي يذكر مؤرخ الأندلس «المقري» في كتابه «نفح الطيب» أن وثيقة التسليم تضمنت 67 بندا تكفل حق المسلمين في البقاء الآمن لكن الطرف الآخر لم يف بعهد واحد من عهوده على الإطلاق.
وتشير بعض الكتب إلى أن الملك أبوعبدالله آخر ملوك المسلمين في الأندلس بكي أسفا فصاحت فيه أمه لائمة إياه بقولها :«إبك مثل النساء ملكا ضائعا لم تحافظ عليه مثل الرجال» والمرجح أن هذا الموقف وهذه الحكاية مختلقة أو متخيلة وإلا فمن كان حاضرا في هذا اللقاء الحميم بين الابن والأم لكي يسجله، على كل حال نجد مثل هذه الروايات المتراوحة بين اليقين والتلفيق وتبقي الحقيقة الوحيدة المريرة وهي سقوط غرناطة.