x

أسامة غريب حُبى الأول أسامة غريب الأحد 22-11-2015 21:04


قال محمود شكوكو رحمه الله إن الحب أصعب من عضة الكلب، وأنا لا أستطيع أن أؤكد هذه المعلومة حيث لم يعضنى كلب حتى الآن، لكن ما أستطيع قوله هو أن الحب مؤلم إذا لم يكن منه بد.

زمان وقت أن كنت طالباً بالثانوى كنت أرقب ماجدة فى غدوها ورواحها. لم تكن كغيرها من البنات أو هكذا كنت أتخيل. كان النظر إلى عينيها يرسل شحنة كهربية إلى قلبى فيشعرنى بالقشعريرة، ولم تكن تصمد أمام نظراتى الحالمة فكانت تشيح بعينيها وتغضى فى حياء بعد أن يحمر وجهها. عشقتُ رشاقة خطواتها وهى تخطر فى مريلة المدرسة وترتدى فوقها معطفاً قصيراً.

حلمت بماجدة بكل عنفوان ورومانسية المرحلة، وتخيلتها معى فوق القمر، كما تخيلته مزروعاً بالفل والياسمين. صحبتها معى فى الحلم إلى بلاد لم يسبق لى زيارتها، فذهبنا عند منابع الأنهار وقمم الجبال.. ركبت معها التليفريك وتجولنا فى الغابات ومشينا مع الرعاة وسهرنا مع المزارعين فى الحقول، وغنينا معاً كل أغانى فيروز.

وف يوم صحيت على صوت فرح بصيت من الشباك.. زينة وتهانى وناس كتير دايرين هنا وهناك. سألت ما الأخبار؟.. قالوا خطوبة ماجدة.. عقبالك.

مادت الأرض بى وتصورت أن نهاراً جديداً لن يطلع عليّ. لم أدر ماذا ينبغى أن أفعل كرد فعل على هذا الموقف، ولم أستطع أن أستدعى من خبراتى تصرفاً مناسباً حيث خلت هذه الخبرات من موقف مماثل.

فكرت لو أن البيت كان مزوداً ببار مثل البيوت فى الأفلام لكنت فتحت زجاجة وعملت لنفسى كأساً بالثلج أو بالصودا وشربت حتى أنسى، هكذا يفعلون فى الأفلام. لكن ما حيلتى ووالدى لم يؤسس ركناً للشراب داخل المنزل. لو أن أبى كان استيفان روستى أو عباس فارس لاهتم بهذا الموضوع، أما أبى الرجل الطيب فلم يكن يشغله سوى العمل من أجل سد حاجة أفراد الأسرة، ولم يبد أن لديه حلولا لمشكلة كالتى أواجهها.

إذن فلأخرج ولأفعل ما فعله عبدالحليم حافظ عندما تركته لبنى عبدالعزيز وتزوجت عمر الحريرى فى فيلم الوسادة الخالية. لقد ذهب حليم إلى البار وشرب حتى تخلعت قوائمه وعجزت عن حمله.. ولم ينس أن يغنى «تخونوه».

أنا أيضاً أستطيع أن أغنى تخونوه. لكن المشكلة أننى لا أشرب.. ليست مشكلة ولا حاجة.. عبدالحليم أيضاً كان لا يشرب.. لكن أين هو هذا البار؟.. لقد فعل عبدالحليم هذا فى زمن كانت البلد تمتلئ بالبارات وكانت أسعار الشراب رخيصة، أما الآن فقد انحسرت الخمارات وهى آخذة فى الزوال، فأين أجد خمارة بنت حلال أقوم فيها بتنفيذ الكتالوج الخاص بالمصدومين فى الحب؟.. شىء آخر نسيته هو أن حليم لم يكن وحده.. كان معه صديقان يشاركانه مشاعره ويتألمان لألمه هما أحمد رمزى وعبدالمنعم إبراهيم، أما أنا فأقاسى وحدى وليس معى أحد يساعدنى ويحملنى إلى المستشفى بعد أن أسقط من الإعياء، والأهم ليس معى فلوس من أجل دخول البار، فضلاً عن أن القانون لا يسمح بتقديم الخمور لفتى فى السادسة عشرة من عمره.. ما العمل إذن؟.

ما زلت أذكر بعد كل هذه السنين أننى قضيت الليلة عند «نجف» بتاع الفول فى العباسية حيث أكلت اتنين فول مع قرصين طعمية بالسمسم كان فيهم العزاء الذى مسح جانباً من آلامى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية