كيف جرى ويجرى اختيار الغالبية الأعم من نواب البرلمان الجديد؟!.. الحقيقة التى يراها كل ذى عينين أن الأمر جرى على نحو ما يحدث فى سباقات الخيل!
فما الذى يحدث فى سباقات الخيل؟!.. يحدث أن كل مشارك فيها لا يراهن على الحصان الصالح، وإنما بالأساس على الحصان الرابح، ولذلك، فإنه لا يفكر كثيراً، ولا قليلاً، فيما إذا كان الحصان الذى يراهن عليه يصلح لشىء.. أى شىء.. لا.. إن هذا لا يهمه أبداً، ولا يشغله، ولكن يهمه أن يكون رابحاً، وكل ما عدا ذلك لا يعنيه!
والسؤال هو: لماذا لا يكون الحصان الصالح رابحاً؟!.. وبمعنى آخر: لماذا لا يكون المرشح البرلمانى الصالح هو الرابح؟!، ولماذا يكسب الرابح غير الصالح كما رأينا فى كثير جداً من الحالات؟!
لأن صوت الناخب، مجرداً، لم تكن أمامه أى فرصة لأن يختار فى حرية، ودون تأثير على إرادته، كناخب، من أول تحريض الإعلام، مروراً بالدعاية حول اللجان وأمامها، وانتهاءً بشراء الأصوات الجماعى، أو حتى الفردى علناً!
حدث هذا، ولايزال يحدث على الملأ، بينما الدولة تتفرج، رغم أنها صاحبة الشأن، ورغم أنها يجب أن تتدخل نيابة عن الناخب، وأن تضع حداً لما يجرى.. ولكنها كانت فى كل مرة تكون فيها مدعوة إلى أن تتدخل، وأن تضبط الإيقاع لصالح المواطن الغلبان، تبادر فتقول، إنها على الحياد!!.. مع أن هناك فرقاً بين الحياد، وبين الصمت السلبى على جرائم تقع فى حق الناخب، وهو فرق كالذى بين السماء والأرض!
جميعنا يحفظ العبارة الشهيرة التى جاءت على لسان المأمور فى رواية «يوميات نائب فى الأرياف» لتوفيق الحكيم، عندما قال فى الرواية، إنه يترك الناخب يختار أى مرشح يحبه، ولا يتدخل فى شىء أبداً، ولا يضغط على الناخب بأى طريقة، فإذا ما انتهى التصويت أخذ هو، كمأمور، صندوق الأصوات، وألقاه فى أقرب ترعة، ووضع صندوقاً جديداً مكانه.. هذا هو كل ما فى الأمر!
الحكاية الآن تطورت، ولم يعد المأمور يفعل ذلك، ولا عاد يقذف بصندوق الأصوات فى الترعة، فلقد ظهر آخرون ينوبون عن المأمور، بالفلوس مرة، وبالتحريض ضد مرشح، لصالح مرشح مرات، ثم بشراء الأصوات عينى عينك، من أجل أن يأتى المرشح الرابح، لا الصالح!
ولأن المقدمات تؤدى دائماً إلى نتائجها، ولأنه يستحيل أن تأتى النتائج على غير ما قالت المقدمات، فسوف ينتقل هذا كله إلى البرلمان الجديد.. وسوف نرى عواقبه بأعيننا!