x

أنيسة عصام حسونة لو بتحب «مرشّحك» انزل! أنيسة عصام حسونة الخميس 22-10-2015 21:55


أمطرتنا الفضائيات المصرية هذا الأسبوع بسيل منهمر لا ينقطع من الأغنيات «الانتخابية» بجميع تنويعاتها تبعث جميعها برسالة واحدة متكررة ضاغطة تتكرر آناء الليل وأطراف النهار، مفادها انزل انزل انزل انزل، وصاحبت تلك رسائل صوتية مرئية من نجوم البرامج الحوارية تسير على نفس المنوال الخاص بأهمية وضرورة وحتمية ومصيرية النزول لمراكز الاقتراع وانتخاب مرشحى البرلمان، وكان جوهر الرسالة هو باختصار ما تقوله أغنية بهاء سلطان الانتخابية اللحوحة التى يقول فيها بثقة متناهية «لو بتحب كرامتك انزل»، وبطبيعة الحال أتساءل وآخرون عن ماهية العلاقة الشرطية، كما يقول علماء النفس، بين كونى أتمتع بكرامة أحبها وأحترمها وبين ذهابى لانتخاب أحد المرشحين للبرلمان القادم، الذى يتكون من 568 عضوا قد أكون غير مقتنعة بهم؟ وهل عدم نزول أى مواطن، لأى سبب من الأسباب، دلالة على أنه لا يحب كرامته أو أولاده أو وطنه؟! وبغض النظر عن أن الكثيرين مثلى سيذهبون للتصويت، إحساسا بالمسؤولية عن أداء الواجب فى الإدلاء بالصوت فى كل ما يتعلق بالمستقبل، فليست هذه هى الطريقة المناسبة واللائقة لتحفيز المواطنين المحترمين على المشاركة، فما هكذا تورد الإبل!!

والتساؤل الثانى هو لماذا نتبارى فى إلقاء اللوم على الناخب المصرى إذا تقاعس عن النزول للتصويت فى انتخابات برلمانية تنافسية ونهيل عليه الاتهامات من جانب جهابذة المحللين «الاستراتيجيين» بدلاً من أن نناقش أسباباً محورية أخرى للتقاعس المزعوم، مثل قصور النظام الانتخابى و«كلكعة» طريقة الانتخاب وغموض طريقة تحديد الدوائر والتقسيم غير المبرر بين الفردى والقوائم، ونحاول تشخيص أسباب فشل الأحزاب السياسية فى اجتذاب الناخبين، أو حتى نحلل ظاهرة عدم شعبية حضرات المرشحين أنفسهم؟ الإجابة واضحة وبسيطة، نفعل ذلك لأن الأسهل هو أن نلوم المواطن الغلبان ونتهمه بالجهل ومحدودية الوعى وعدم الاصطفاف وراء الدولة المصرية، بدلًا من أن نقدح زناد فكرنا قبل إجراء الانتخابات لوضع نظام سهل وميّسر لإيصال المعلومة للناخب والغرض من الانتخاب وما يترتب على نزوله من عدمه بأسلوب يحترم عقله ويخاطب وجدانه بطريقة ليس بها استعلاء!! هذه يا سادتى انتخابات برلمانية لا ينزل فيها المواطن طواعية للصناديق إلا إذا كان مستهدفا التصويت لصالح مرشح بعينه يقتنع بمواصفاته وقدراته ويتفق مع توجهاته وقناعاته، فهو ينزل لأنه «يحّب مرشحه»، أما مسألة النزول لانتخاب «أحسن الوحشين» فهذه رسالة إعلامية فاشلة لا تقنع الأغلبية الصامتة، وإذا صلحت لمرة فلن تصلح للأخرى، والمحّك فى نجاح هذه العملية الانتخابية برمتّها هو قدرة المرشحين على حشد التأييد لأشخاصهم وبرامجهم فى ضوء قدرتهم على تحسين حياة المواطنين، فهل قام أحدهم بذلك؟ هل قام أى من المرشحين بعرض خطة عملية لكيفية تنفيذ وعوده الانتخابية وشرح كيفية تمويل خططه الطموحة؟ وعلى الجانب الآخر، هل قامت اللجنة العليا للانتخابات مثلا بطباعة قوائم المرشحين بطريقة تسهل قراءتها بدلا من شكلها الحالى بالأسماء المتلاصقة التى يصعب على المواطن تمييز مرشحه المفضل، إن وجد، بين سطورها المزدحمة؟ وهل شرحت القوائم مزايا انتخابها بدلا من انشغالها بالحديث عن عيوب منافسيها؟ الموضوع فى جوهره هو اختيار شخصى للناخب المصرى يجب احترامه، ولذلك كان يتعين أن تسعى الأطراف المعنية إلى كسب رضاه وإقناعه بالمشاركة على أسس من احترام الكرامة الإنسانية بدلا من الرشاوى الانتخابية أو التهديد والوعيد، حيث إنه بدون حضور «سيادة المواطن» لا تستقيم الأمور ويصبح دور البرلمان القادم حبرا على ورق!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية