x

حسين عبد الرازق المسلمانى.. ودعوته لإسقاط الدستور حسين عبد الرازق السبت 21-11-2015 21:57


حظى المستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، خلال الفترة الحرجة التى تولى فيها إدارة شؤون البلاد كرئيس مؤقت للجمهورية، باحترام وتقدير ومحبة المصريين للنموذج الذى قدمه لرئيس دولة يحترم الشعب ويمارس اختصاصاته الواسعة على أساس الديمقراطية الحقيقية واحترام جميع الآراء والاتجاهات وتوسيع دائرة التشاور قبل اتخاذ أى قرار.

ومنذ أيام كشف مستشاره الإعلامى، خلال فترة رئاسته للدولة، عن موقف يضاف إلى قائمة إيجابياته العديدة.

يقول أحمد المسلمانى: إنه خلال عمل لجنة الخمسين لصياغة الدستور كان منحازا- أى المسلمانى- للنظام الرئاسى، وحاول إقناع الرئيس عدلى منصور بالتدخل لحث اللجنة على عدم تبنى النظام البرلمانى والنص على النظام الرئاسى فى مشروع الدستور، ولكن الرئيس عدلى منصور رفض التدخل.. «كان الرئيس عدلى منصور مؤمنا باستقلالية لجنة الخمسين وقال لى: يجب أن تكون الرئاسة بعيدة عن عمل اللجنة وعليها احترام المؤسسات».

ويستحق أحمد المسلمانى الشكر على هذه الشهادة. ولكن مقاله فى «المصرى اليوم» لم يقتصر على هذه الواقعة، فهو مكرس أصلا لنقد لجنة الخمسين ومشروع الدستور الذى صاغته، وأصبح دستورا للبلاد بعد الموافقة شبه الإجماعية للمصريين عليه فى الاستفتاء بنسبة 98.13%.

ويرى المسلمانى أن الدستور يضعه الفلاسفة والمفكرون والخبراء ولا يضعه ممثلون لأوزان انتخابية أو اجتماعية أو جغرافية.. وأن لجنة الخمسين تشكلت بشكل فئوى على أساس توزيع الحصص وليس على أساس ثراء الفكر والمعرفة.

وأظن أن «أحمد المسلمانى» يعرف جيدا أن الدستور «هو القانون الأعلى الذى يحدد القواعد الأساسية لتشكيل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، ويضع الضمانات لها تجاه السلطة»، وبالتالى فمن الضرورى أن تتم صياغته وإقراره بتوافق كل القوى الاجتماعية والطبقية والجغرافية والفكرية والكفاءات المختلفة، وهذا ما حرص عليه المستشار عدلى منصور عندما حدد المعايير لتشكيل لجنة الخمسين بقرار جمهورى صدر فى أول سبتمبر 2013 لتضم اللجنة ممثلين لـ27 هيئة وجماعة واتحادا وطائفة، وتيارات سياسية وحزبية ونقابية، ومجلسا قوميا، إضافة إلى شخصيات عامة وخبراء قانونيين ودستوريين، وتختار كل جماعة ممثليها فى اللجنة.

وأنهت اللجنة أعمالها بالتصويت على مادة مادة من مواد الدستور (247 مادة)، ومرت 109 مواد من مواده بتوافق كامل، حيث حصلت على موافقة 100% من الأعضاء، وتمت الموافقة على 130 مادة بنسبة تفوق 80% لكل منها، والموافقة على 4 مواد بنسبة أكثر من 75% وعدم حصول 4 مواد على النسبة المطلوبة لإقرارها، فعادت اللجنة لمناقشتها من جديد لمدة 3 ساعات ونصف الساعة، وتم تعديل مادتين والتوافق على مادتين كما هما وإقرار المواد الأربع فى التصويت الأخير بنسب تفوق 80%، ثم تم التصويت على الدستور كله بالإجماع وطرحه للاستفتاء ليحظى بموافقة 19 مليونا و985 ألفا و389 مواطنا ولم يرفضه إلا 381 ألفا و341 مواطنا.

ومع ذلك يريد المستشار السابق للرئيس عدلى منصور إسقاط هذا الدستور والعودة لدستور 1971 مع بعض التعديلات، أى العودة للدستور الذى أسقطه الشعب فى ثورة 25 يناير والذى حول رئيس الجمهورية، السادات ثم مبارك، إلى حاكم فرد مستبد يملك فى يديه كل السلطات.

والغريب أن الاعتراض الجوهرى للمسلمانى يقوم على أن الدستور انحاز للنظام البرلمانى اعتمادا على خرافة أن النظام البرلمانى أكثر ديمقراطية من النظام الرئاسى، وهو أمر غير صحيح، فنظام الحكم فى الدستور هو نظام شبه برلمانى شبه رئاسى مع ميل للرئاسى، كما أكد عمرو الشوبكى، رئيس لجنة نظام الحكم فى لجنة الخمسين، أثناء مناقشة اقتراحات لجنة نظام الحكم فى لجنة الخمسين.

وكما تبدو فكرة إلغاء الدستور والعودة لدستور 1971 غريبة، فالدعوة لتعديل الدستور الذى لم يبدأ العمل به ولم يُختبر فى أرض الواقع- لأن مواد وبنود الدستور لا تطبق بذاتها، وإنما من خلال تحويلها إلى تشريعات وقوانين وهو ما لم يحدث بعد- تبدو على نفس المستوى من الغرابة، ويجمع بينها الرغبة فى تحويل رئيس الجمهورية مرة أخرى إلى صاحب القرار السياسى والتنفيذى والتشريعى والإدارى الوحيد فى مصر!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية