بعد غد.. سوف تكون أسابيع ثلاثة قد مضت على سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، وقد بدت الأمور من حول مصر، خلال الأسابيع الثلاثة، مختلفة دولياً إلى مدى بعيد، عنها قبلها، ولم يكن هناك ما هو أدل على ذلك سوى أن حادث سقوط الطائرة قد جرى تصويره، ولايزال يجرى تصويره، وكأن هذه هى أول طائرة تسقط فى العالم.. وآخر طائرة أيضاً سوف تسقط!
ولا أريد أن أنساق وراء حديث المؤامرة الذى يطل علينا كلما جاءت للطائرة سيرة، ولكنى أريد أن أكون أكثر دقة فى وصف واقع الحال من حولنا، ولابد أن هذه الدقة تقتضينا أن نقول، إن ما يحدث معنا منذ سقوطها، وإلى اليوم، يظل أقرب إلى التربص منه إلى أى شىء آخر!
وهو تربص لابد أن نتوقعه، وإذا لم نكن نتوقعه مسبقاً، فسوف تكون نوايانا طيبة بزيادة، وسوف نكون أولاد حلال بأكثر مما هو لازم، فإذا سأل أحد عن معنى التربص هنا، وعما يفرق بينه وبين المؤامرة، فسوف أقول إن التربص هو اصطياد الأخطاء على أرضنا، ثم تضخيمها، وتحويلها إلى خطايا.. وهو ما حدث بالضبط ولايزال يحدث!
هذا كله وارد، ومتوقع، وإذا كان بيننا أحد لا يتوقعه، ولا يراه وارداً، فهو على نياته تماماً!
لا أريد أن أسرد ما صدر عن عواصم العالم إزاءنا، منذ الحادث، لأنه ذائع، ويراه كل مواطن، ولكنى أريد أن أتساءل عن السبب الذى منع الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الآن من أن يتوجه بحديث مباشر إلى المصريين يشرح لهم فيه أبعاد ما يجرى حولهم، كما يراه، خصوصاً أن ما يجرى يبدو فى صورة ألغاز متتابعة!
إن مصريين كثيرين يمكن أن يستوعبوا موقف لندن من الحادث، فلقد كانت العاصمة البريطانية تابعة سياسياً لواشنطن طول الوقت، على العكس من باريس مثلاً، ولذلك، فإذا أردت أن تتعرف على رد الفعل البريطانى، إزاء أى حدث عالمى، فليس عليك إلا أن تتطلع نحو الولايات المتحدة، ومن هناك، سوف تستطيع أن تتوقع بسهولة، كيف يمكن أن تتكلم بريطانيا، إذا تكلمت!
موقف لندن، إذن، يمكن استيعابه فى هذا الإطار، أما موسكو، فإن موقفها يبدو لكثيرين من المصريين عصياً على الفهم تماماً، من أول حظر رحلاتها الجوية إلينا، مروراً بحظر رحلات مصر للطيران إليهم، وانتهاءً بالكلام المنفرد عن أن قنبلة قد أسقطت الطائرة!
هذه ثلاث خبطات موجعة لرأس كل مصرى، ولابد أن لدى الرئيس الكثير مما يستطيع أن يقوله لمواطنيه فى هذا الشأن، وفى غيره، ولكنه لم يتكلم، ولم يتوجه إلى المصريين بحديث، هم أحوج الناس إلى أن يسمعوه منه، باعتبارهم رصيده الباقى!