كشف تقرير رسمي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة «فاو»، عن أن المنطقة العربية تصنَّف بوصفها من أفقر المناطق مائياً على صعيد الكوكب، حيث إن حصتها من المياه سنوياً لا تتجاوز دون 3% بقليل من المعدل العالمي العام، بل وانخفضت حصة الفرد على صعيد الإقليمي منذ عام 1960 إلى ما لا يتجاوز 600 متر مكعب سنوياً، بعد أن كانت 3500 متر مكعب، أو ما يطلق عليه «فقر مائي مدقع»، حسب التصنيفات الرسمية للأمم المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن هناك 14 دولة عربية تعاني من الفقر المائي المدقع، حيث حصة الفرد أقل من 500 متر مكعب بالسنة، بينما موريتانيا والسودان ولبنان تعاني من عجز اقتصادي، لأن حصة الفرد لديها تصل إلى 1000 متر مكعب، بينما لا توجد إمكانيات اقتصادية لسحبها.
من جانبه، قال الدكتور فوزي كراجة، مستشار موارد الماء والري بمنظمة «الفاو»، إنه ليس هناك حلول بسيطة لمشكلة المياه، وإنما يمكن اللجوء إلى خيارات ذكية لترشيد استخدام المياه ورفع كفاءة العائد منها، من خلال التركيز على زراعة النباتات التي تتطلب مياهاً أقل وتنتج محاصيل أوفر.
وأوضح «كراجة»، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، الأربعاء، أنه إذا كان كيلو الأرز مثلاً يتطلب نحو 1.5 متر مكعب من الماء، وكيلو القمح 1.2 متر مكعب، أي ما يعادل دولار واحد للكيلو جرام، فليس ضرورياً زراعة القمح أو الأرز، بل التركيز على زراعة الخضروات، ومن عائدها استيراد المحاصيل الأقل تكلفة.
وأضاف: أنه «في الأردن على سبيل المثال، يُنتج بيت البلاستيك (الصوبة) بمساحة 500 متر مربع نحو 24 إلى 30 طنًا من الخيار، و18 إلى 25 طنًا من البندورة (الطماطم)، بعائد 3 إلى 4 دولارات، بينما تأتي محاصيل أخرى بعائد لا يتجاوز 20 إلى 25 سنتًا».
وأشار «كراجة» إلى أهمية استخدام تقنية تعديل نظام الري ببعض المناطق، مثل دلتا النيل، حيث تسود زراعة الغمر منذ آلاف السنين، ولا تستوعب المزروعات جزءاً كبيراً من المياه، لأنها فائضة عن حاجتها، موضحا أن منظمة «فاو» قامت بتعديلات في النظام بتجهيز الأرض على شكل مصاطب «سروب»، بحيث تستخدم فقط المياه المطلوبة.
وأكد «كراجة» أن درجة جودتها توازي مياه الشرب من الناحية الكيميائية والبيولوجية، ويمكن استخدامها بأمان في الزراعة، رغم أن الفكرة غير «متقبلة»، لأنها تأتي من مجاري الصرف، مشيرا إلى أن المعوق عملية نفسية، ولهذا ألغت بعض الدول كلمة «معالجة»، واستخدمت كلمة «المياه المكررة».
من جهته، اعتبر أولجاي أونفر، خبير الماء التركي، أن مشكلات المياه العالقة بين الدول المجاورة في تلك المنطقة هي جزء من المشكلات السياسية، لكن هذا لا يعني عدم مواصلة العمل لإيجاد حلول واتفاقيات على المستوى الفني، وفي مناطق الحرب، حيث تنهار الإدارات المحلية، تعمل «الفاو» على مساعدة المزارعين على المستوى المحدود والصغير.
من جانبه، شدد الخبير الدكتور مجاهد عاشوري، مدير شعبة «فاو» للأراضي والمياه، في حديثه على ضرورة توعية المواطنين بالمناهج التدريسية لترسيخ مفهوم قيمة المياه وتحفيز استخدامها بكفاءة أعلى.
وأكد «عاشوري» أنه لا بديل عن وضع استراتيجية طويلة الأجل، لأننا نعيش مشكلات المياه، اليوم، ونسابق الزمن للحيلولة دون تفاقمها على نحو متسارع.