أقيمت ضمن فعاليات الدورة السابعة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، حلقة بحثية حول مئوية المخرجين صلاح أبوسيف وكامل التلمسانى، وذلك ضمن أسبوع النقاد الذي تنظمه جمعية نقاد السينما المصريين بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأقيمت الحلقة البحثية على مدى يومين «الأحد والإثنين» في المجلس الأعلى للثقافة، بحضور عدد كبير من النقاد والجمهور.
وأكدت إدارة الجمعية في بداية الحلقة البحثية أنه لم يكن من الطبيعى أن يتم تفويت مناسبة الاحتفال بمئوية المخرجين الكبيرين صلاح أبوسيف وكامل التلمسانى اللذين ولدا عام 1915، حيث ولدا في نفس العام وتأثرا بالمناخ الذى نشآ فيه، وهو ما جعل أفلامهما تتسم بمحاكة الواقع المصرى.
وقد تم تقديم عدة أوراق بحثية على مدار اليومين منها ما تعلق بالحى الشعبى في سينما صلاح أبوسيف، حيث أكد ناجى فوزى أن صلاح أبوسيف استخدم الموروثات والمصطلحات الشعبية ليبرز الشخصية الشعبية في أعماله، كما اهتم بالمكان وديكوراته ليعبر عن الحارة الشعبية بشكل واقعى، وأضاف بأنه من ضمن أفلام صلاح أبوسيف، وعددها 42 فيلماً، هناك فيلمان يحملان أسماء تشير لمناطق شعبية حقيقية، مثل فيلم «شارع البهلوان» وهو أحد شوارع منطقة السيدة زينب، و«حمام الملاطيلى» وهو حمام شهير، وتحدث أخيراً عن الأماكن والشخصيات في سينما صلاح أبوسيف، حيث أكد أنه كان يركز على الحارة والمقهى والورشة وسوق الخضار، في حين كانت الشخصيات في أفلامه تنفر من الحارة الشعبية.
وأكد الناقد أحمد عبدالعال أن صلاح أبوسيف أحد أهم ثلاثة مخرجين في النصف الثانى من القرن العشرين إلى جانب يوسف شاهين وتوفيق صالح، مؤكداً أن الثلاثى يشكل تاريخ الحركة النقدية خلال تلك الفترة، موضحاً أن أبوسيف كان يقدم سينما تعبر عن الواقع المصرى وليس مجرد عرض قصص عن معاناة الطبقة الوسطى من الشعب، ولم يترك فرص للجمهور للهرب من واقعه المؤلم وعمل على إختراق وعيهم وفكرهم ومحاولة التأثير عليهم لتغيير مواقفهم، ضارباً المثل بفيلم «السقا مات» الذي أكد أنه غير كثيراً في فكر الجمهور.
وأعد الناقد أحمد شوقى ورقة بحثية حول الرؤية والأسلوب في أفلام كامل التلمسانى، وحاول من خلالها قراءة مفردات صناعة العمل لى المخرج الكبير، حيث أكد على إختلاف السينما التي كان يقدمها التلمسانى من خلال تفردها وتميزها بعدد من المفردات لم تكن في أفلام أخرى، واختار أحمد شوقى أربعة أفلام ليتحدث عنها خلال الورقة التي قدمها وهى «السوق السوداء»، «كيد النسا»، «الناس اللى تحت»، وأخيراً «موع مع إلبليس».
وتحدثت المخرجة عرب لطفى عن حضور المدينة في أعمال صلاح أبوسيف، كما ألقت الضوء على لقاء صلاح أبوسيف ونجيب محفوظ في بعض الأعمال، مؤكدة أن الثنائى ولدا وعاش في القاهرة ويعلمون ما كان يعانى منه المجتمع في ذلك الوقت وقادرين على إخراج مكنوناته، وهذا ما جعل أعمالهما معاً لها خصوصية كبيرة، وأضافت بأنه عندما نمشى بالتدريج مع تجارب المخرج الراحل سنجد أن لغة السينما لديه كانت تعتمد على التقاصيل، وعلى سبيل المثال فالحارة الشعبية التي كانت تظهر في أفلامه كانت ديكور ولم تكن حقيقية وذلك لإهتمامه بإنشاء تفاصيلها، ولذلك فهو كان يهتم بالسينما المصنوعة، كما أنه كان يهتم بمنظومة النجم الأوحد في العمل.
وأكدت عرب لطفى أن صلاح أبوسيف ابن المدرسة الكلاسيكية، حتى أنه عندما عمل بالدراما اهتم بالجزء النفسى للأبطال، فكل ما كان يقدمه كان من إبداعه ولم يكن يقلد المدرسة الواقعية في أي شئ، موضحة أنه كان قادر على التعبير عن روح الشعب، والمقصود هنا ليس نقل عظمة وروعة الشعب، ولكن نقل حياته العادية وتوتراته ومشاكله.
وأكد الناقد محسن ويفى أن صلاح أبوسيف كان من مخرجى الخمسينيات الذين كانوا يهتمون بالتصوير في الاستديو وهذا لا يعنى أنه كان يمل التصوير الطبيعى في المدينة، مؤكداً أنه أحياناً كان يقوم بالتصوير في المدينة ولكنه كان ككل مخرجى ذلك الوقت يهتمون بالاستديو أكثر، وبالتالى فهو لم يهمل المدينة ولكنه كان يتعامل بطريقته وأسلوبه ويعبر عن تجربته الخاصة، مستنكراً نقد البعض له على شئ لم يفعله.
وأضاف ويفى بأن الخرج الراحل كان مصنف ضمن المدرسة الواقعية فقط وليس الواقعية الجديدة، موضحاً أن ما يمكن أن يحاسب عليه هو تناقضه في بعض أعماله، فهو كان لديه مشكلة خاصة مع شخصية العمدة وذلك لأن والده كان عمدة.
وأكد ويفى أن كامل التلمسانى أول من شع الشعب على أن يحصل على حقوقه «بإيده»، وكسر لديه حاجز كبير من الخوف، وذلك بعدما قدم فيلم «لاشين» الذي حصل فيه الأهالى على حقوقهم بإيديهم، حتى أن الشرطة وصلت للأهالى بعد إنتهاء المشكلة، موضحاً أن التلمسانى أدخل مفاهيم جديدة على السينما المصرية.
وقال الناقد على أبوشادى أن صلاح أبوسيف كان أذكى من طارق التلمسانى، لذلك إستطاع أن يكمل طريقه ولكن كامل التلمسانى كان أقل ذكاء وقوة، لذلك لم يستطع أن بكمل وسافر إل لبنان، وأوضح أن أبوسيف كان من جيل يرى أن إمكانيات الكاميرا وكذلك الديكور المبنى يعطى له حرية أكثر من التصوير في أماكن طبيعية، لذلك كان يهتم بالتصوير في الاستديو أكثر، مؤكداً أن المدرسة الواقعية الجديدة تشكلت بسب ظروف مختلفة لم تكن متوفرة ايام صلاح أبوسيف.
وتحدث الناقد محمد الروبى عن كامل التلمسانى من خلال قراءة في كتابيه «سفيرأمريكا بالألوان الطبيعية»، و«عزيزى شارلى»، حيث أكد أن التلمسانى قضى حياته في القاهرة ورغم قصر عمره إلا أن حياته كانت مليئة بالمغامرات والمشاكل، وهو ما أنعكس على أعماله، موضحاً أن المخرج الراحل ترك دراسة الطب البيطرى في السنة الأخيرة وقرر أن يدرس الفن التشكيلى، وعندما وجد أن رسوماته لا تصل إلى الناس قرر سلك الطريق الأسهل لإيصال رسائله الفنية إليهم من خلال الإخراج، كما أنه شارك الرحبانية في تقديم أعمال مسرحية مختلفة خلال إقامته في لبنان.
وأوضح الروبى أن كامل التلمسانى قدم خلال كتابته تحذير للجمهور من السينما الأمريكية، مؤكداً أنها أحد أسلحة أمريكا التي تستخدمها للسيطرة على العالم.