x

أيمن الجندي عزومة أيمن الجندي السبت 14-11-2015 21:22


الحياة جميلة جدا، والعالم مكان آمن تماما. وإلا فما تفسيرك لتلك المعاملة المميزة التى نلقاها نحن البط؟ والرعاية الكاملة التى تقدمها لنا تلك السيدة الطيبة التى ترعانا؟

هل عندكم تفسير- يا من تنعتون البشر بالوحشية- أنهم اختاروا لنا أفضل مكان فى البناية عند السطح، هنالك حيث يتدفق الهواء بلا عوائق، وتقترب النجوم حتى نكاد نلمسها بأيدينا، ونتلقى على ريشنا الناعم قبلات الشمس؟ فيما هم - يا حبة عينى- يتكدسون فى حجرات أسمنتية كئيبة تغيب عنها الشمس والبهجة؟

أجيبوا يا دعاة حقوق البط، هل لديكم تفسير أنهم يكدحون من أجل القوت، ينافقون ويسرقون وينصبون ويتشاجرون، بينما لا نفعل نحن البط شيئا سوى أن ننفق النهار فى التقاط الحب والماء والنقنقنة والدلع والمسخرة والغزل والخناقات الحريمى حول الديك المتبختر والتنزه فى الشمس، نتهادى بهيكلنا البطى الذى يشبه هياكل البنات الشربات، فنتحنجل فى مشيتنا، كما تفعل الفتيات اللعوبات. أو كقارب يتهادى فى الماء، يؤرجحه الموج المتهور يمينا ويسارا.

وأحيانا تتملكنا روح المغامرة ونتهور فنقفز على السور نتحرك فى ثقة، نتأمل المآذن العالية والبيوت البعيدة، هناك تحت السماء الزرقاء المرصعة بالسحب البيضاء، ونسمات الهواء تداعبنا بشدة أكثر من المعتاد.

وحين يحل المساء وتذهب الشمس إلى بيتها لتنام وتشد الوسادة من فوقها حتى تستيقظ فى الصباح أكثر نشاطا لتمرح هى الأخرى مثلما نفعل نحن، فإننا لا ننسى أن نرفع تنهيدة شكر للسماء، ونبارك السيدة الطيبة، عالمين أن الأرض هى أفضل كوكب بين الكواكب وأن هذا العالم هو أفضل عالم ممكن.

■ ■ ■

كفوا عن تلك الأكاذيب يا عملاء كل المخلوقات الشريرة. إنهم يقرأون كلامى الآن ويفهمون أننى أعنيهم. هؤلاء الذين يحاولون تشويه الست الطيبة الكُمّل التى تربينا، المرجفون الذين يطلقون الإشاعات ويزعمون أن بعض البط والدجاج يختفى من آن لآخر بطريقة غامضة.

عن نفسى لا أصدقهم وأعرف أنها حروب الجيل الرابع والخامس التى تهدف إلى بث الفرقة والانقسام حتى يتمرد مجتمع البط ويهرب من حظائرهم.

لعلمكم أنا أفهم لغة البشر. صحيح أن الهواء يبعثرها لكنى أميز حروف العين والزاء والواو والميم والتاء المربوطة. هكذا: (ع زوم ة). دائما يصاحب سماعى لتلك الحروف اختفاء أحد قبيلة البط والدجاج. لكنى أعلم أنها مصادفة.

■ ■ ■

سبحان الله يا أخى. يبدو أن التفكير فى أمر ما يجعله يتحقق. فى ذلك الصباح البهيج سمعت مرة أخرى تلك الحروف المتناثرة (ع زوم ة) والتى لا أفهم معناها جيدا. ولكن يبدو أنها شىء رائع. وإلا فلماذا حملتنى الست الكُمّل التى ترعانا تحت باطها وأنا أرفرف بجناحى ملوحا لصديقاتى البطة لينتبهن إلى الرعاية الرائعة التى أتلقاها؟ ولماذا حملتنى كابنة لها وراحت تزغّطنى. إنها لا شك تهتم بصالحى أكثر مما أهتم أنا بنفسى، والدليل أننى حين اكتفيت من الطعام، فإنها وضعت رقبتى تحت فخذها اللين الذى يشبه وسادة طرية دافئة، وراحت تطعمنى قسرا. لشد ما تمنيت لو كنتم معى وهى تعاملنى بحزم كأم تعرف صالح ابنتها. تطعمنى وتطعمنى وتطعمنى، حيث انتفخت وتحولت إلى ما يشبه كيس القطن، وأنا ما زلت أسمع الحروف المتناثرة (ع زوم ة) تتردد من حولى أكثر من المعتاد!

هل تفهمون ما معنى عزومة وحياة والدكم؟

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية