x

عبد الناصر سلامة صحافة صلاح دياب عبد الناصر سلامة الجمعة 13-11-2015 21:14


أستطيع التكهن، من خلال رصد الأحداث ليس أكثر، أن الإعلام، ممثلًا فى صحيفة «المصرى اليوم»، هو الذى أودى بالمهندس صلاح دياب إلى الحبس، وأستطيع الجزم أن الإعلام، ممثلًا فى كل الصحف والفضائيات الخاصة، هو الذى أفرج عن صلاح دياب فى اليوم التالى لتجديد حبسه، بما يؤكد أن قرار القبض على الرجل لم يكن له أى معنى، كما كان قرار الإفراج مفاجئاً.

المهندس صلاح دياب قاد تجربة صحفية ناجحة إلى أبعد حد، لعبت دوراً بارزاً قبل وخلال وبعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، نُقِل عن السيد صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، وزير الإعلام سابقاً، أنه قال فى أحد تصريحاته خلال فترة وجوده بالسجن إنه أخطأ لأنه لم يغلق صحيفة «المصرى اليوم»، فيما يشير إلى الدور الذى لعبته الصحيفة فى وقت ما، وها هى مازالت تؤرق البعض حتى الآن.

ربما اعتبر هؤلاء من تجربة من كانوا قبلهم، استفادوا من السياسة الأمريكية حول الضربات الاستباقية أو الحرب الوقائية إلا أن الإخراج كان غاية فى السوء، من ثم كان ذلك التعاطف الشعبى الجارف مع الرجل وابنه، من هنا لم تبذل لا الفضائيات ولا مقالات الرأى أى جهد فى هذا الإطار، فقد سبقتهم إلى ذلك مواقع التواصل الاجتماعى، التى صبت جام غضبها على السلطة ككل، بعد أن شاهد الناس صور الرجل السبعينى مكبلًا، فى أكبر سقطة أخلاقية للنظام ككل، وليس للداخلية فقط، فالشرطة فى النهاية أداة تنفيذ لتعليمات فوقية.

أما لماذا كان ابنه أيضا، فقد فسر ذلك أحد النابهين على «الفيسبوك» قائلًا: إن الرجل وابنه لديهما العديد من التوكيلات الأمريكية، التى هى الآن مطمع لمقتحمى عالم الأعمال، من المتقاعدين هنا وهناك، وخصوصًا أن حملة تنكيل بالرجل أيضاً سبقت هذا الحدث، بالهجوم على مصانعه وشركاته، فى سابقة أيضاً هى الأولى من نوعها، فيما يشير إلى أنها كانت تعليمات عامة، بإخراج أيضاً غاية فى الغباء.

بالتأكيد تملّك الخوف والفزع القائمين على «المصرى اليوم»، تم منع أربعة مقالات متتالية لكاتب هذه السطور، منذ القبض على المهندس صلاح دياب وحتى الإفراج عنه، قلت حسبى الله ونعم الوكيل، سقطت آخر الصروح الصحفية المحترمة، أحسب دائماً أن صفحات الرأى فى «المصرى اليوم» هى الأقوى بين مثيلاتها، من حيث سقف التعبير، وبمجرد إعلان الإفراج عن الرجل خشيت أن تكون الأزمة قد نالت من عزيمته، وجدته هو الذى يبادر بطلب عودة النشر فوراً، دون أى توجيهات من أى نوع، بل عاب على أصحاب القرار الأول.

بالعودة إلى قضيتنا الأساسية، يمكن أن نضيف أن العودة بالإعلام إلى زمن الخمسينيات والستينيات، أو حتى الثمانينيات والتسعينيات، لم يعد أمراً مقبولاً، بل أصبح مستحيل التنفيذ، يمكن أن يكون هناك نفاق إلى أبعد حد، من هذه الصحيفة أو من تلك القناة التليفزيونية، إلا أنه فى الوقت نفسه لن تستطيع السيطرة على من ذاقوا طعم الحرية وتحرروا من العبودية، منذ ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، فلا يستطيع أحد أن ينكر أن السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس مبارك كانت نموذجًا فى حرية الصحافة، خاصة المستقلة منها، وذلك لأن صحافة الدولة أبت أن تسير فى هذا الركب، فخسرت كثيراً على كل المستويات.

على أى حال، بدا أن أزمة صلاح دياب قد أكدت أهمية الإعلام فى هذه المرحلة، ليس ذلك فقط، بل بدا أنها حققت إضافة جديدة على طريق مزيد من الحريات، وهو ما بدا من الروح المعنوية العالية التى يتمتع بها الرجل على الرغم مما حاق به من غدر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية