عندما تتجول بأراضى قرية «عفونة» على طريق وادى النطرون بالبحيرة، والتى حل بها الخراب بسبب الأمطار التى قضت على الأخضر واليابس، ويتجمع حولك أهالى القرية ليحكوا لك المآسى التى عانوها، تتوقف عند أرض كانت زراعية، جرفها سيل الأمطار، وقتها ينادى أهل القرية على محمد السيد الدباح، صاحب هذه الأرض، يأتى إليك ممسكا بأوراق وعينيه مليئتين بالحزن والحسرة.
ينظر محمد لأرضه التى كانت تحوى محاصيل زراعية ويستعوض الله.. يذهب إلى خراب آخر، بيته، يجلس مع زوجته ويحكى: «يوم الأربعاء الساعة ١ بليل كلمونى قالولى إننا بنغرق، كلمت شرطة نجدة البحيرة طمنونى قالولى إحنا فى المكان، وصلت لاقيت الأهالى بتجرى واللى بيحاول ينقذ طفل واللى بينقذ محتويات منزله ومحدش وصل من المسؤولين غير بعد طلعة النهار».
خارج المنزل، تجد ملابس ملقاة على الأرض، بواقى محاصيل ذرة وبصل مغطاة بالطين، يضعوها فى الهواء آملين أن تجف ليستخدموها، يقول محمد: «اللى مشى مع السيل مشى واللى فضل الميه بوظته».
تتحسر زوجة محمد على بيتها وأرضها والمواشى التى فقدتها وتقول: «كان عندنا ٦ بقرات جرفتها الميه وملقناش غير اتنين بس ميتين وهدومنا وفرشتنا ومراتبنا طلعناها من تحت الميه، ربنا يعوض علينا، حلمنا ومعاشنا وكل حياتنا كانت هنا». وعن سر الأوراق التى يمسكها محمد بيده يقول: «سمعنا إنهم بيقولوا علينا بلطجية وسارقين الأرض إحنا شاريين الأرض بشكل رسمى وعقود رسمية وإمضاء المحافظ وكذلك كل المزارعين».
بغضب وحزن يقول محمد «أنا متعلم ومعايا بكالوريوس هل من الطيعى أن أكون بهذا الشكل». لا يطلب محمد من الدولة تعويضا ماديا، بل كل ما يطلبه أن يتعامل أهل القرية معاملة آدمية.