x

أسامة خليل استقالة محمود طاهر وصكوك الوطنية والمزايدة على السيسى أسامة خليل الأربعاء 11-11-2015 21:12


لا يمكن أن يصل خيال أشد الكارهين للأهلى أو الحاقدين أو الناقمين أن يفكر، ولو مجرد تفكير، أن يسحب عنه وطنيته وانتماءه لمجتمعه إلا فى هذه الأيام التى نشهد فيها العجب العجاب، فوجدنا فيها من ينصب نفسه قاضياً يوزع صكوك الوطنية على من يريد ويسحبها ممن يكره، وعندما تقطعت بهم السبل فى إسقاط الأهلى بسبب خسارة بطولة أو اثنتين ووجدوه يقف على قدميه ويعود للمنافسة ويفوز بكأس السوبر لم يجدوا إلا الطعن فى وطنيته وجعلوا منها قضية يبحثون فيها عن مساندة من الأمن الوطنى أو المخابرات العامة للتدخل والقبض على الجواسيس الذين يديرون النادى الأهلى ويتعاملون مع العدو التركى الذى يوجه مدافعه وصواريخه ضد الأراضى المصرية ويحتل أجزاءً غالية من أرض الوطن.

تصوروا هذا العبث يتم تداوله بحق وحقيقى ويتحدث فيه بعض الإعلاميين ويتبناه أحد المنتمين للنادى الأهلى، ويطالب الدولة بأن تتدخل كى تنقذ سمعة مصر التى لوثها النادى بإنتاج بعض ملابس فرقه الرياضية فى مصنع تركى. وقبل أن أرد على عبث العابثين أريد أولاً أن يعلم القارئ أن النادى الأهلى، ولأول مرة فى تاريخ الأندية المصرية، ينتج خطوط ملابس رياضية تحمل اسمه على غرار كبرى الماركات الشهيرة، وذلك بعد أن تعاقد فى العام الماضى مع شركة سعودية مقابل مبلغ مادى كبير يدخل خزينة النادى كل عام، ولهذه الشركة مجموعة خطوط إنتاج ومصانع فى أكثر من دولة، منها تركيا التى تتميز بصناعة الملابس الرياضية والتى تعجز عن إنتاجها مصر (أم الدنيا) وبلد المحلة الكبرى، إحدى عواصم العالم فى صناعة المنسوجات فى الستينيات، والتى أصبحت اليوم عاصمة الإضرابات.

ما يعنى أن الأهلى لم يذهب للتعاقد أو الشراء مباشرة من تركيا، وبالمناسبة حتى لو فعل ليس عيباً، فأغلب الفرق الرياضية تستورد ملابسها من تركيا

وهنا أريد أن أوضح للعابثين والمزايدين على وطنية الأهلى والأندية المصرية ما يلى:

أولاً: لا أظن أحدا من هؤلاء الأشاوس يملك الجرأة أو الشجاعة للمزايدة على وطنية السيسى، رمز الدولة المصرية ورئيسها، والذى رغم ضغوط وأفعال الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وحكومته لم يقطع العلاقات المصرية- التركية، ولم يعلن أن تركيا دولة عدوة، فإذا كانت الدولة المصرية لم تفعلها فهل مطلوب من محمود طاهر، رئيس النادى الأهلى، أن يزايد على وطنية السيسى ويفسد عمل الحكومة المصرية ويأخذ بدلاً منها القرارات السياسية.. فبأى منطق تتحدثون؟ وعلى من تزايدون؟

ثانياً: إذا اعتمدنا هذا المنطق العبثى فى توزيع صكوك الوطنية فإننا سنسقط الجنسية عن مجموعة من ألمع نجوم الكرة المصرية، ومنهم حازم إمام وميدو وسيد معوض وأبوتريكة ووائل جمعة وغيرهم ممن يعملون محللين فى قناة الجزيرة الرياضية، قناة الحكومة القطرية، التى تصنف ضمن الدول الأعداء عند هؤلاء.. والسؤال: إذا كان هذا الإعلامى الأهلاوى ونجوم الهلفطة الكلامية حريصين على سمعة مصر وكرامتها فلماذا لم نسمعهم يتهمون هؤلاء النجوم بالخيانة والعمالة لقطر وجميعهم يذهبون إليها أسبوعياً.

ومقابل هذا العبث استقبلت بهدوء خبر استقالة المهندس محمود طاهر المفاجئ، والذى لم تسمح الظروف، حتى هذه اللحظة، فى التثبت منه مباشرة وما إذا كانت بالفعل استقالة جدية أم غضبا لحظيا أمام مجلسه.. فإذا كان هناك من وصلت به البجاحة بالطعن فى وطنيته وانتمائه هو ومجلسه ووجد الوسيلة التى يذيع فيها هذه الفتنة دون أن يجد من يراجعه أو ميثاقا أخلاقيا يردعه، وطالما أن من يختلف معك يُخوّنك ويُشهّر بك ويقتل سمعتك ويتآمر على النادى ويدمره بهذا الشكل الفج، وللأسف يجد من يعاونه ويغنى معه من أجل مصلحة أو كلمتى تلميع.

فهذا المناخ العبثى لا يمكن أن يستقيم فيه أو يتعامل معه أى شخص عاقل يحترم نفسه ويخلص فى عمله التطوعى دون ابتغاء مصلحة، ولو أن صالح سليم نفسه تواجد فى مثل هذه الظروف والضغوط وشبكات المصالح وغياب الحد الأدنى من القيم الأخلاقية والإعلامية لسار فى نفس الاتجاه

والعبث ليس فى الإعلام، بل فى مجتمع مفكك تحاول كل القوى الانتهازية أن تتقاسمه، مجتمع وصلت انهزاميته أن يشمت بعض أفراده فى سقوط طائرة راح ضحيتها أبرياء من سياح دخلوا مصر آمنين فخرجوا منها مقتولين، وهذه الشماتة ليست هزيمة للنظام بل هزيمة لقيم ومعايير إنسانية فقدناها فى خضم خلافاتنا السياسية ومرارات بعض القوى لاستبعادها من التركيبة الحاكمة واستقواء قوى أخرى وقتلهم لمعارضيهم معنوياً وسحلهم نفسياً والتشهير بهم.

وهى روح لا يمكن أن نبنى بها مجتمعا جديدا كنا نحلم به بعد ثورتين، وفى هذا الإطار لا يمكن أن نسلخ النادى الأهلى وإدارته مما يحدث فى المجتمع، فهو يتعرض لنفس الهزات والانقلابات والضغوط والمؤامرات من قوى داخلية وخارجية، فهناك من يبحث له عن دور، ومن يطمع فى منصب، ومن يريد للزمن أن يعود للخلف ويعيده لكرسيه، ومن يطمع فى كرسى لم يكن له يوما، ومن الطبيعى وسط هذه الضغوط أن يفقد أعضاء المجلس توازنهم ويتشتتوا ويتفرقوا ويختلفوا ويتحزبوا، وهو مناخ من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن يعمل فيه محمود طاهر (الذى أعرفه عن قرب)، فهو يريد أن يعمل وينتج لا أن يتآمر ويتحزب وهو يملك قدرة فولاذية فى التحدى من أجل العمل وقوة هشة ولينة فى التآمر والتحزب.

وفى الأزمة الأخيرة أيقن أن عودة الأهلى وإصلاحه الحقيقى ومستقبله فى طرح مبادرة لتجميع قواه الناعمة من نجومه ورموزه ليشكلوا حائط صد للمؤسسة ضد التقلبات الجارية فى المجتمع وقوة دفع لقفزات أكبر، خاصة أنه لا يطمع فى الاستمرار ولا يعبد الكرسى، من هنا كانت الدعوة لكل رموز الأهلى لحضور حفل النادى الأكثر تتويجاً بالبطولات فى العالم وإعلان الراعى الجديد، وفى مقدمتهم حسن حمدى وإبراهيم المعلم والخطيب وطاهر أبوزيد وحسن مصطفى وغيرهم من النجوم والرموز الذين صنعوا بطولات الأهلى وشاركوا فى إنجازاته، والدعوة لم تكن ستقتصر على ورقة بل اتصال شخصى لتأكيده على الرغبة الحقيقية فى الحضور، ومن هنا كانت رغبته فى عودة عدلى القيعى ثم طرحه الذى أثار حفيظة بعض أعضاء المجلس بتكليف محمود الخطيب منصب رئاسة لجنة الكرة ما يعنى أنه لا يريد أن يستحوذ - كما يشيع البعض- أو ينفرد بالكرة - كما يدعون - أو ينتقم من خصومه - كما يتوهم ضعاف النفوس- بل يسعى لأن يجمع كل القوى التى يمكن أن تضيف للأهلى ويعطى إشارة للأجيال القادمة بأن قوة الأهلى فى وحدته وصلابة أبنائه، فهذه المرحلة الانتقالية فى تاريخ النادى هى مرحلة تسليم وتسلم من جيل لجيل جديد، فكل هذه الرموز والشخصيات تجاوزت الستين والمستقبل ليس لها بل لأجيال أخرى، ومن المهم أن يكون المشهد الأخير للرموز والأجيال القديمة بالصورة التى تعطى المثل والقدوة ولكن فكرته التى قد يراها البعض مثالية هى مشروعه الحقيقى الذى لم يستوعبه المجلس فى ظل الضغوط التى يتعرض لها، وربما يكون هذا هو السبب الذى دفعه للاستقالة التى لا أعلم صادقاً إذا كانت جدية أم أنها وليدة غضب لحظى.

ولكن إذا كان بالفعل مقتنعا بأن الظروف داخل وخارج المجلس لا تتيح له خدمة النادى وإعلاء مصلحته على مصالح الآخرين فإن عليه أن يتقدم بخطاب اعتذار وليس استقالة لأعضاء الجمعية العمومية لأنهم هم من انصفوه واقتنعوا بأفكاره ووثقوا فى اختياراته لأعضاء المجلس، وانتخبوه بأغلبية ساحقة كى يعيد لهم الأمانة لينتخبوا مجلسا جديدا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية