حديث الأسبوع كان عن كل من بريطانيا العظمى وموقفها من مصر، والذى ظل سببه غامضا حتى كتابة هذه السطور.. توقيت سحب أو إخلاء أو إجلاء السياح البريطانيين من شرم الشيخ، وما نتج عنه من قيام دول أخرى باتباع نفس الإجراءات، هذا التوقيت أثار الريبة وهذه السرعة والتزامن بين ما صدر عن رئيس وزراء بريطانيا وباراك أوباما أثار الدهشة.
فعلوها معنا عن عمد وبسوء نية وكنا كملاكم فقد اتزانه مع أول ضربة فانهالت عليه الضربات من كل جانب، وكان عليه أن يصمد حتى تنتهى الجولة فيلتقط أنفاسه ولو لدقيقة واحدة قبل بدء الجولة التالية.. نعم انتهت الجولة وخرجنا بجراح عميقة وخطيرة.. ولكن المباراة لم تنته بعد والجولات قادمة، ولكن حذارِ فالضربات أيضا قادمة.. فإذا لم تستطع أن تحمى وجهك وتتحرك بسرعة فالجولة القادمة ستكون أكثر قسوة..
هذا على المستوى الخارجى، ولكن الأمر نفسه حدث على المستوى الداخلى نتيجة الحالة الجوية السيئة التى عصفت بالمنازل الهزيلة غير المعدة لحماية أهلها- لشدة فقرهم- من مطر أو ريح أو برد.. وهنا أصبحنا كمن تتلاطمه الأمواج وهو لا حول له ولا قوة.. فسقطت الضحايا وخربت زراعات وامتلأت المصارف وفاضت فى الكثير من المراكز والقرى فكانت قرية عفونة بمحافظة البحيرة أشهرها بسبب عدد الضحايا الكبير.. والآن بدأت العاصفة فى الهدوء لتنذر عن اقتراب عواصف أخرى أكبر أو أصغر والله أعلم.
ماذا أعددنا للجولة القادمة ونحن على يقين من غدر الأجواء ولو بدت السماء صافية، والأصدقاء ولو بدت ابتسامتهم حانية.. أعددنا القليل رغم أن الرئيس زار قرى الإسكندرية المتضررة وخصص مبلغا كبيرا للإسكندرية لانتشالها من وضعها المزرى وتم تعيين محافظ جديد.. بالتأكيد أجهزة الدولة المثقلة بأعباء كثيرة تحاول أن تتحرك ولكنها بالفعل مثقلة بتركة قديمة وأفعال لم تبررها فخسرت تعاطف فئات عديدة، آخرها رجال الأعمال وقبلها الموظفون والبسطاء.. ماذا أعددنا للطمة القادمة من لندن أو واشنطن أو غيرهما والغرض أصبح واضحا وهو لن تحصلوا على نصيبكم من الكعكة الاقتصادية الذى تستحقونه لأننا نستطيع أن نغلق الأبواب وقتما شئنا.
ماذا يفعل المواطن بجنيهاته القليلة؟ هل يتبرع لعفونة وشقيقاتها أم يسافر إلى شرم الشيخ والغردقة لدعم السياحة؟ هل تدعم الدولة بموازنتها العاجزة أصلاً صناعة السياحة المتهاوية أم تدعم فقراء القرى المتضررين وغيرهم ممن يمكن أن يتعرضوا للضرر؟ الموضوعان متكرران ومحيران: عفونة- بريطانيا فى جولة جديدة ينتهزها الصغار- فعلا وليس سنا- ليشاركوا فى الزفة لأنهم لا يزيدون على «عيال بتلعب فى الحارة».. مصريون؟ نعم.. ينهالون على الوطن والشعب والجيش؟ نعم.. كيف؟ «عيال بتلعب فى الحارة».. لا بأس من لعب العيال ولكن اللعب مع الكبار يتطلب التركيز.. فكما حصلنا على هدنة بين الجولات، كذلك حصل عليها البريطانيون والأمريكان وحلفاؤهم مستأجرو شركات العلاقات العامة من المنطقة ليلتقطوا أنفاسهم ويستعدوا لهجمة جديدة ربما تكون أكثر قسوة.. وربما يكتفون بما فعلوا وينتظرون النتائج لتأتى من الداخل فتكون أكثر فتكاً من ضرباتهم.
الاستعداد لعفونة- بريطانيا فى يد الدولة.. فيجب عليها أن تتوقف عن إطلاق النار على نفسها مثلما فعلت مع رجل أعمال ونجله فاصطحبت مصوراً صحفياً ليشهد على تجاوزها ولم يكن الأمر بكاميرا محمول تصور خلسة كما حدث فى أقسام الشرطة سابقا.. الاستعداد لعفونة- بريطانيا يتم بتواصل أكبر مع الشارع والسعى لحل المشكلات الطارئة بسرعة ونزاهة وإبعاد المشتبه فى أمرهم أنهم «عيال بتلعب فى الحارة» أو أشخاص وجودهم أكثر ضرراً من اختفائهم..
فى كل الأحول هناك جولات جديدة يجب أن نحذرها لعفونة- بريطانيا رايح جاى!